-

طريقة تحليل نص فلسفي

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

النصوص النثرية

تتنوع النّصوص النّثرية وتناولها باختلاف ثقافة الكاتب فهناك النّصوص العلمية التي يكتبها العلماء وفقاً لما تعلموه وما ينبع من ثقافتهم وتعليمهم، وهناك النّصوص التي يكتبها الأدباء فتظهر طريقتهم الأدبية في طرح الشّعر والمقامات والخواطر وغيرها، والنّصوص الدّينية التي يكتبها الفقهاء، وأخيراً النّصوص الفلسفية التي يبرع بها الفلاسفة فيطرحونها بطريقتهم الخاصّة في تناول أي موضوع وطرح أفكارهم وتساؤلاتهم، وسنتحدث هنا عن النص الفلسفي، وكيفية تناول وتحليل النّص الفلسفي وما المنهجية الصّحيحة التي يقوم بها الطّالب أو المتناول في تحليل نص فلسفي.

مفهوم النّص الفلسفي

النّص الفلسفي هو النّص الذي يدور فيه الحديث عن إشكالية معيّنة، ويتم تناوله من خلال نسيج مترابط ومتسلسل من الأفكار والمعاني والمفاهيم المتداخلة والمتكاملة تتوحد حول هذه الإشكالية، ويكون التّرابط فيه بشكل فلسفي محدّد وعادة يرجع هذا النّص إلى فترة تاريخية أو بيئة معينة تمّ طرح وبناء النّص وفقاً لهذه الفترة الزّمنية، والنّص الفلسفي يقوم به الكاتب في عرض الإشكالية وموقفه من هذه الإشكالية سواءً بشكل معلن أو بشكل ضمنيّ، ومن ثمّ البرهنة على موقفه بمراحل متسلسلة ومترابطة.

الخصائص

  • هو نص إشكالي يهدف إلى تحريك التّساؤلات لدى القارئ حول هذه الإشكالية، ومن ثمّ في قرارة نفس القارئ تتحرك إلى نقد والتّفكير، فالهدف منه هو شدّ القارئ لتحريك أسلوبه في فهمّ هذه الإشكالية.
  • هو نص مفهومي ونقصد بذلك عند تحدث الكاتب عن الإشكالية توجد هناك دلالات ومفاهيم تتطلب من القارئ تحديدها وضبطها، وتحديد كيف قام الكاتب بتوظيف هذه الدّلائل والمفاهيم في نصّه الفلسفي.
  • إثبات الحجج، في أيّ نص فلسفي عندما يطرح الكاتب الإشكالية لا بدّ من حجج يطرحها حتى يقنع القارئ بصحتها، ولهذا على القارئ أن يفكّر في هذه الحجج وينتقدها.

طريقة التحليل

بداية قبل الدّخول إلى طرق تحليل أي نص فلسفي يجب الإشارة إلى أنّ القارئ أو النّاقد هدفه هو فهم الّنص جيداً والنّتيجة التي خرج بها بطريقة تقنع الجميع، ومراحل تحليل النّص الفلسفي كما يلي:

عادةَ أول ما يبدأ به القارئ هو البحث عن اسم الكاتب، فعلى القارئ أو الطالب أن يتحدّث عن الكاتب أو الفيلسوف ويتحدّث عن كتبه ونزعته الفلسفية ودوافع كتابة النص الفلسفيّ.

أي على القارئ أن يقرأ النّص عدّة مرات، ففي المرّة الأولى يأخذ لمحة عن النّص والمرّة الثّانية يبحر في كلمات النّص، وبعد قرائته عدّة مرات لا بدّ من مسودة يدون بها المفاهيم والمصطلحات الفلسفية، ومن ثمّ تقسيم النّص إلى أقسام حسب العبارات التي تدلّ على المشكلة أو على الموقف أو على الدلالة أو الحجة، حيث يخرج القارئ بفكرة عامة وأفكار أساسية للنص.

على الطالب أو القارئ أن يحدد المحور أو القضية الذي يدور حولها النص، فبعد تحديد المشكلة يقوم الطالب بطرحها بشكل عام ومن ثمّ يبين أبعادها على شكل صيغ تساؤلية أي يتسائل بها أو على شكل صيغة نقاط أو تقرير، ويكون ذلك من خلال مفاتيح النص أي يحدّد المفاهيم والمصطلحات الأساسية وتحديد العبارت التي دلّت عليها، وقبل ذلك لا بدّ من القارئ أن يحدد هوية النّص ومحور المبحث أو الحديث الذي يتحدّث عنه، فهناك نصوص تتحدّث عن طرح قيّم، أو عن السّياسة أوالاقتصاد أوالّنفس أوعن المعرفة وغيرها، فعند قرائته يدرك نوع النص.

بعد أن أصبح النّص الفسلفي مفهوماً عندّ القارئ أوالطّالب لا بدّ أن يوظّف طريقته الخاصّة ومجهوده الشّخصي في صياغة النّص من جديد، فيقوم بخطوات التّمهيد في الحديث عن المشكلة بأسلوبه الخاص حيث يستخدم العبارت التي تدلّ على الإشكالية، والحديث عنها بشكل بسيط.

اعتمد الكاتب على حجج وبراهين يقنع بها القارئ، فعلى الطّالب أو القارئ يستخرج الأدلة التي قام الكاتب بالاستعانة بها في موقفه من طرح المشكلة ومدى صحة رأيه، ومن أنواع هذه الحجج أو الأدلة هي الحجة الواقعيّة حيث يستعين بمثال من الواقع، والحجج العلمية أي أن يدرج قانون علمي، أو التّاريخية التي يستشهد بها بأحداث من التّاريخ، أو بأقوال أحد الفلاسفة والمفكرين والحكماء، أو بحجج نقلية مثل القرآن الكريم والسّنة النّبوية، وتسمى الحجج في النّص الفلسفي بمنطق النّص.

بعد أن استخرج الطّالب الحجج عليه التّحقيق بمدى الصّحة العلمية لها ومدى واقعية الأفكار، وذلك بأن يستعين بأفكار أخرى لكتّاب آخرين في نفس مجال الكاتب حتى يثبت صحة النّص وهل الحجج كافية في الإقناع أم لا فهناك حجج مساندة وأخرى معارضة أو مناقضة لموقف الكاتب فعلى الطّالب أن يتحدث عنها عند التّحقيق بمنطقية النّص الفلسفيّ، وذلك بالاستشهاد بأمثلة من الواقع وأن يوظّف جهده الخاص في تحقيق ذلك فهذا يساعد كثيراً في طرح رأيه الشخصي من القضية والمشكلة في النّص، ففي هذه المساحة تعتبر بمثابة نقاش قارئ لتساؤلات الكاتب، وهنا يبرع الطالب في أسلوب النقاش والإقناع في قضية النص.

بعد توظيف القارئ أو الطالب لأسلوبه الخاص في طرح المشكلة وتناولها من كافة الزوايا، لا بدّ أن يخرج بنتيجة وتوصيات في تحليله للنص، بحيث يضع رأيه الشخصي لأسلوب الكاتب، ورأيه في القضية، ومقترحاته لحل المشكلة والحجج والدلالات في حلها، فهذه تعتبر بمثابة الخاتمة يبين بها ما توصل إليه من خلال تحليله الخاص، وعلى الطالب أن لا يكون معارضاً فجأة في الخاتمة، ويحاول أن يتجنب النقاط التي أهملها في تحليله للنص فالخاتمة ليست تحليل بل هي نتيجة خرج بها الطالب أو النّاقد للنص.

  • تجنّب نسخ محتويات النّص وترديد بعض محتوياته.
  • الاهتمام بجوهر وأساسيات النّص وعدم الانسياق وراء العموميات التي يتحدث عنها النّص.
  • فهم النّص جيداً فسوء الفهم للنص هو إهمال وخروج عن التّحليل الصّحيح للنص فيصبح القارئ يتحدّث بشكل عمومي ويسرد فيه قضايا أخرى بعيدة عن النّص.
  • عند الاعتماد على حجج وبراهين أخرى يجب أن تكون موثقة حتى يتجنّب السّقوط في الأحكام الاعتباطية والمسبقة.
  • عند التّحليل يجب استخدام المسودة ففيها يضع القارئ النّقاط كرؤوس أقلام وبشكل مختصر جداً، ولكن ما بعد المسودة أي تحرير النّص وتحليله يجب الابتعاد عن الاختصار بقدر الإمكان وأن لا يكتب بشكل رمزيّ فهذا لا يعتبر تحليلاً بذاته بل يصبح ضمن تلخيص النص.

بعد تحليل النص من قبل الطالب لا بدّ أن يهتم بالجوانب الشكلية للكتابة، حيث يهتمّ الطالب أو الناقد بجمالية الخط بكتابته بخط جميل أو طباعته، والاهتمام بجمالية الورقة فمن المهمّ أن المتلقي أن يقرأ ما توصل إليه الطالب أو الناقد بشكل واضح وأنيق، وكل هذا يسبقه الإهتمام بأسلوبه اللغوي وتصحيحه من حيث الأخطاء اللغوية والنحوية، ففي التحليل لا بدّ من مراعاة جودة الأسلوب اللغوي في طرحه بشكل واضح وبسيط دون أي تعقيد للمتلقي.