-

أشعار حب نزار القباني

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

نزار قباني

دبلوماسي وشاعر سوري معاصر ولد في دمشق 21 مارس عام 1923م، تخرج عام 1945م من كلية الحقوق بجامعة دمشق والتحق بوزارة الخارجية السورية، كتب العديد من أشعار الحب والرومانسية، وتوفي في 30 نيسان عام 1998م عن عمر يناهز 75 عام في لندن.

أحبك أحبك والبقية تأتي

قال نزار قباني في قصيدته التي صنفها القارئ على أنّها رومانسية، حيث وصف فيها حديث محبوبته كسجادة فارسية من جمال كلامها، وكان يتغزل في عيونها:[1]

حديثك سجادةٌ فارسيه

وعيناك عصفوتان دمشقيتان

تطيران بين الجدار وبين الجدار

وقلبي يسافر مثل الحمامة فوق مياه يديك

ويأخذ قيلولةً تحت ظل السوار

وإني أحبك

لكن أخاف التورط فيك

أخاف التوحد فيك

أخاف التقمص فيك

فقد علمتني التجارب أن أتجنب عشق النساء

وموج البحار

أنا لا أناقش حبك فهو نهاري

ولست أناقش شمس النهار

أنا لا أناقش حبك

فهو يقرر في أي يوم سيأتي وفي أي يومٍ سيذهب

وهو يحدد وقت الحوار وشكل الحوار

دعيني أصب لك الشاي

أنت خرافية الحسن هذا الصباح

وصوتك نقشٌ جميلٌ على ثوب مراكشيه

وعقدك يلعب كالطفل تحت المرايا

ويرتشف الماء من شفة المزهريه

دعيني أصب لك الشاي هل قلت إني أحبك

هل قلت إني سعيدٌ لأنك جئت

وأن حضورك يسعد مثل حضور القصيده

ومثل حضور المراكب والذكريات البعيده

دعيني أترجم بعض كلام المقاعد وهي ترحب فيك

دعيني أعبر عما يدور ببال الفناجين

وهي تفكر في شفتيك

وبال الملاعق والسكريه

دعيني أضيفك حرفاً جديداً

على أحرف الأبجديه

دعيني أناقض نفسي قليلاً

وأجمع في الحب بين الحضارة والبربريه

أأعجبك الشاي

هل ترغبين ببعض الحليب

وهل تكتفين كما كنت دوماً بقطعة سكر

وأما أنا فأفضل وجهك من غير سكر

أكرر للمرة الألف أني أحبك

كيف تريدينني أن أفسر ما لا يفسر

وكيف تريدينني أن أقيس مساحة حزني

وحزني كالطفل يزداد في كل يوم جمالاً ويكبر

دعيني أقول بكل اللغات التي تعرفين والتي لا تعرفين

أحبك أنت

دعيني أفتش عن مفرداتٍ

تكون بحجم حنيني إليك

وعن كلماتٍ تغطي مساحة نهديك

بالماء والعشب والياسمين

دعيني أفكر عنك

وأشتاق عنك

وأبكي وأضحك عنك

وألغي المسافة بين الخيال وبين اليقين

دعيني أنادي عليك بكل حروف النداء

لعلي إذا ما تغرغرت باسمك من شفتي تولدين

دعيني أؤسس دولة عشقٍ

تكونين أنت المليكة فيها

وأصبح فيها أنا أعظم العاشقين

دعيني أقود انقلاباً

يوطد سلطة عينيك بين الشعوب

دعيني أغير بالحب وجه الحضارة

أنت الحضارة أنت التراث الذي يتشكل في باطن الأرض

منذ ألوف السنين

أحبك

كيف تريديني أن أبرهن أن حضورك في الكون

مثل حضور المياه

ومثل حضور الشجر

وأنك زهرة دوار شمسٍ

وبستان نخلٍ

وأغنيةٌ أبحرت من وتر

دعيني أقولك بالصمت

حين تضيق العبارة عما أعاني

وحين يصير الكلام مؤامرةً أتورط فيها

وتغدو القصيدة آنيةً من حجر

دعيني

أقولك ما بين نفسي وبيني

وما بين أهداب عيني وعيني

دعيني

أقولك بالرمز إن كنت لا تثقين بضوء القمر

دعيني أقولك بالبرق

أو برذاذ المطر

دعيني أقدم للبحر عنوان عينيك

إن تقبلي دعوتي للسفر

لماذا أحبك

إن السفينة في البحر لا تتذكر كيف أحاط بها الماء

لا تتذكر كيف اعتراها الدوار

لماذا أحبك

إن الرصاصة في اللحم لا تتساءل من أين جاءت

وليست تقدم أي اعتذار

لماذا أحبك لا تسأليني

فليس لدي الخيار وليس لديك الخيار

كتاب الحب

من أروع قصائد نزار قباني في الحب حيث وصف حبيبته كالعصفور الطائر في السماء، ويوضح معنى الحب وجمال عاطفته والمشاعر الجذابة والتعلق العاطفي بمحبوبته من خلال هذه القصيدة:[2]

ما دمت يا عصفورتي الخضراء

حبيبتي

إذن فإن في السماء

تسألني حبيبتي

ما الفرق بيني وما بين السما

الفرق ما بينكما

أنك إن ضحكت يا حبيبتي

أنسى السماء

الحب يا حبيبتي

قصيدة جميلة مكتوبة على القمر

الحب مرسوم على جميع أوراق الشجر

الحب منقوش على

ريش العصافير وحبات المطر

لكن أي امرأة في بلدي

إذا أحبت رجلا

ترمى بخمسين حجر

حين أن سقطت في الحب

تغيرت

تغيرت مملكة الرب

صار الدجى ينام في معطفي

وتشرق الشمس من الغرب

يا رب قلبي لم يعد كافيا

لأن من أحبها تعادل الدنيا

غيره

فضع بصدري واحدا

يكون في مساحة الدنيا

مازلت تسألني عن عيد ميلادي

سجل لديك إذن ما أنت تجهله

تاريخ حبك لي تاريخ ميلادي

لو خرج المارد من قمقمه

وقال لي لبيك

دقيقة واحدة لديك

تختار فيها كل ما تريده

من قطع الياقوت والزمرد

لاخترت عينيك بلا تردد

ذات العينين السوداوين

ذات العينين الصاحيتين الممطرتين

لا أطلب أبداً من ربي

إلا شيئين

أن يحفظ هاتين العينين

ويزيد بأيامي يومين

كي أكتب شعرا

في هاتين اللؤلؤتين

لو كنت يا صديقتي

بمستوى جنوني

رميت ما عليك من جواهر

وبعت ما لديك من أساور

ونمت في عيوني

عدي على أصابع اليدين ما يأتي

فأولاًحبيبتي أنت

وثانياً حبيبتي أنت

وثالثا حبيبتي أنت

ورابعا وخامسا

وسادسا وسابعا

وثامنا وتاسعا

حبيبتي أنت

وعاشرا حبيبتي انت

أحاول إنقاذ آخر أنثى قبيل وصول التتار

تعتبر هذه القصيدة من أجمل قصائد نزار قباني التي صنفها القارئ على أنّها رومانسية من خلال كلماته لمحبوبته ومجموعة متنوعة من المشاعر الإيجابيَّة والحالات العاطفية التي أظهرها في هذه القصيدة:[3]

أعد فناجين قهوتنا الفارغات

وأمضغ

آخر كسرة شعرٍ لدي

وأضرب جمجمتي بالجدار

أعدك جزءاً فجزءاً

قبيل انسحابك مني وقبل رحيل القطار

أعد أناملك الناحلات

أعد الخواتم فيها

أعد شوارع نهديك بيتاً فبيتاً

أعد الأرانب تحت غطاء السرير

أعد ضلوعك قبل العناق وبعد العناق

أعد مسامات جلدك قبل دخولي وبعد خروجي

وقبل انتحاري

وبعد انتحاري

أعد أصابع رجليك

كي أتأكد أن الحرير بخيرٍ

وأن الحليب بخيرٍ

وأن بيانو موزارتٍ بخيرٍ

وأن الحمام الدمشقي

مازال يلعب في صحن داري

أعد تفاصيل جسمك

شبراً فشبرا

وبراً وبحرا

وساقاً وخصرا

ووجهاً وظهرا

أعد العصافير

تسرق من بين نهديك

قمحاً وزهرا

أعد القصيدة بيتاً فبيتاً

قبيل انفجار اللغات

وقبل انفجاري

أحاول أن أتعلق في حلمة الثدي

قبل سقوط السماء علي

وقبل سقوط الستار

أحاول إنقاذ آخر نهدٍ جميلٍ

وآخر أنثى

قبيل وصول التتار

أقيس مساحة خصرك

قبل سقوط القذيفة فوق زجاج حروفي

وقبل انشطاري

أقيس مساحة عشقي فأفشل

كيف بوسع شراعٍ صغيرٍ

كقلبي

اجتياز أعالي البحار

أقيس الذي لا يقاس

فيا امرأةً من فضاء النبوءات

هل تقبلين اعتذراي

أعد قناني عطورك فوق الرفوف

فتجتاحني نوبةٌ من دوار

وأحصي فساتينك الرائعات

فأدخل في غابةٍ

من نحاسٍ ونار

سنابل شعرك تشبه أبعاد حريتي

وألوان عينيك

فيها انفتاح البراري

أيا امرأةً لا أزال أعد يديها

وأخطئ

بين شروق اليدين وبين شروق النهار

أيا ليتني ألتقيك لخمس دقائق

بين انهياري وبين انهياري

هي الحرب تمضغ لحمي ولحمك

ماذا أقول

وأي كلامٍ يليق بهذا الدمار

أخاف عليك ولست أخاف علي

فأنت جنوني الأخير

وأنت احتراقي الأخير

وأنت ضريحي وأنت مزاري

أعدك

بدءاً من القرط حتى السوار

ومن منبع النهر حتى خليج المحار

أعد فناجين شهوتنا

ثم أبدأ في عدها من جديدٍ

لعلي نسيت الحساب قليلاً

لعلي نسيت الحساب كثيراً

ولكنني ما نسيت السلام

على شجر الخوخ في شفتيك

ورائحة الورد والجلنار

أحبك

يا امرأةً لا تزال معي في زمان الحصار

أحبك

يا امرأةً لا تزال تقدم لي فمها وردةً

في زمان الغبار

أحبك حتى التقمص حتى التوحد

حتى فنائي فيك وحتى اندثاري

أحبك

لا بد لي أن أقول قليلاً من الشعر

قبل قرار انتحاري

أحبك

لا بد لي أن أحرر آخر أنثى

قبيل وصول التتار

حب بلا حدود

اشتهرت قصائد نزار قباني الكثيرة في الحب، ومنها قصيدة حب بلا حدود الذي وصف حبيبته بها كالياقوت والذهب ليبين التعلق العاطفي والانجذاب لها من خلال كلماته:[4]

يا سيِّدتي

كنتِ أهم امرأةٍ في تاريخي

قبل رحيل العامْ

أنتِ الآنَ أهمُّ امرأةٍ

بعد ولادة هذا العامْ

أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالساعاتِ وبالأيَّامْ

أنتِ امرأةٌ

صُنعَت من فاكهة الشِّعرِ

ومن ذهب الأحلامْ

أنتِ امرأةٌ كانت تسكن جسدي

قبل ملايين الأعوامْ

يا سيِّدتي

يالمغزولة من قطنٍ وغمامْ

يا أمطاراً من ياقوتٍ

يا أنهاراً من نهوندٍ

يا غاباتِ رخام

يا من تسبح كالأسماكِ بماءِ القلبِ

وتسكنُ في العينينِ كسربِ حمامْ

لن يتغيرَ شيءٌ في عاطفتي

في إحساسي

في وجداني في إيماني

فأنا سوف أَظَلُّ على دين الإسلامْ

يا سيِّدتي

لا تَهتّمي في إيقاع الوقتِ وأسماء السنواتْ

أنتِ امرأةٌ تبقى امرأةً في كلَِ الأوقاتْ

سوف أحِبُّكِ

عند دخول القرن الواحد والعشرينَ

وعند دخول القرن الخامس والعشرينَ

وعند دخول القرن التاسع والعشرينَ

و سوفَ أحبُّكِ

حين تجفُّ مياهُ البَحْرِ

وتحترقُ الغاباتْ

المراجع

  1. ↑ نزار قباني، "أحبك أحبك والبقية تأتي"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-4.
  2. ↑ نزار قباني، كتاب الحب (الطبعة الاولى)، صفحة 1-10.
  3. ↑ نزار قباني، " أحاول إنقاذ آخر أنثى قبيل وصول التتار"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-4.
  4. ↑ نزار قباني، "حب بلا حدود"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-5-4.