شعر عن الصديق الوفي
الصداقة
إنّ الإنسان لا يكتمل وحده هناك أشياء تمنحه الاكتمال ومن أهمها الصديق، فهو قطعة من الروح تسكن داخلنا، يمنحنا الضياء إلى آخر النفق، يهدينا طريق الصواب، ولا يترك البؤس يعترينا ولا خيط حزن يقطع دربنا، إنّه الخليل في المواقف الصعبة واللحظات العصيبة، إنّه حياة جميلة لا يدركها إلّا الأصدقاء العظماء.
ليس الصديق الذي تعلو مناسبه
قصيدة الشاعر محمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي المصري، أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث كان في صفوف الثائرين، ودخل الإنجليز القاهرة، فقبض عليه وسجن وحكم بإعدامه، ثمّ أبدل الحكم بالنفي إلى جزيرة سيلان، أمّا شعره فيصح اتخاذه فاتحة للأسلوب العصري الراقي بعد إسفاف النظم زمناً غير معتبر، وهذه إحدى قصائده الذي يتحدث فيها عن الصديق الحقيقي:[1]
لَيْسَ الصَّدِيقُ الَّذِي تَعْلُو مَنَاسِبُهُ
إنْ رابكَ الدهرُ لمْ تفشلْ عزائمهُ
يَرْعَاكَ فِي حَالَتَيْ بُعْدٍ وَمَقْرَبَة ٍ
لا كالذي يدعى وداً، وباطنهُ
يذمُّ فعلَ أخيهِ مظهراً أسفاً
وَذاكَ منهُ عداءٌ في مجاملة ٍ
إلى صديق
إيليا بن ضاهر أبي ماضي (1889م-1957م) من كبار شعراء المهجر، ومن أعضاء (الرابطة القلمية) فيه، ولد في قرية (المحيدثة) بلبنان، وسكن الإسكندرية سنة 1900م، أولع بالأدب والشعر حفظاً ومطالعةً ونظماً وهذه إحدى قصائده الجميلة التي يعبر فيها عن شوقه لصديقه:[2]
يا من قربت من الفؤاد
شوقي إليك أشدّ من
أهوى لقاءك مثلما
و تصدّني عنك النوى
وردت نميقتك التي
فكأنّ لفظك لؤلؤ
أشكو إليك ولا يلام
دهراً بليدا ما ينيل
ومعاشراً ما فيهم
متفرّجين و ما التفرنج
لا يعرفون من الشجاعة
سيّان قالوا بالرضى
من ليس يصّدق في الوعود
نفر إذا عدّ الرجال
تأبى السماح طباعهم
أسخاهم بنضاره
جعد البنان بعرضه
ويخاف من أضيافه
تعس امريء لا يستفيد
وأرى عديم النفع إنّ
حبّذا حشمة الصديق
قصيدة الشاعر علي ابن العباس بن جريج أو جورجيس الرومي أبو الحسن، وهو شاعر كبير من طبقة بشار والمتنبي، روميّ الأصل، ولد ونشأ ببغداد، ومات فيها مسموماً، أسلوبه الشعري مميز ومن قصائده الجميلة قصيدته في الصديق:[3]
حبَّذا حِشمة ُ الصديق إذا ما
حين لا حبَّذا انبساطٌ يؤدّيـ
وُكِّلتْ حاجتي إليك فأضحت
وجعلت الصديق أولى بأن يلـ
أحمدُ اللَّه ما وردتُ من الإِخ
وإلى اللَّه أشتكي أن ودِّي
مِقتي غيرَ وامقٍ تقرعُ القلـ
كم ترى لي ذخيرة ً عند خِلٍّ
أيها المعشرُ الهداة إلى الرُشـ
أين مَنْجاتُنا إذا ما لقينا
الصديق
قصيدة الشاعر حميد العقابي شاعر عراقي ولد في مدينة الكوت في العراق، غادر العراق نهاية عام 1982، يقيم في الدنمارك منذ عام 1985م، توفي في مدينة فايله الدنماركية بتاريخ 4 أبريل 2017، وهذه من أصدق القصائد الشعرية له في صديقه:[4]
كـانَ جـالـســاً أمـامـي بـوجـهـهِ الـكـئـيـبِ وعــودهِ الـنـاحــلِ
يـبـتـســمُ إذ أبـتـســمُ ويـعـبـسُ إذ أعـبــسُ
أتـذكـرُ أنـي رأيـتـهُ
مــرةٍ حـيـنـمـا كنــّـا صـلصـالاً فـي شـرفـاتِ قـصــرِ الـلـهِ
ومــرةً أخــرى فــي جـهـنـم
لـمـاذا اخـتـارنــي مـن بـيـن كـلّ هؤلاءِْ الـجـالـسـيـن
ولـمـاذا لـم يـذهـبْ مـع مُـحـبـي الـكـرة لـمشـاهـدة الـتلـفـزيـون
أراهُ غـريـبــاً
يـنـفـضُ عـن رأســهِ أفـكــاراً كـتـرابِ الـقـبــرِ
أقــرأُ فـي وجـهـهِ
ثـلاثـيـنَ عـامـاً مـن الـحـيـرةِ
ثـلاثـيـنَ عـامـاً مـن الـرحيـل إلـى مـدنِ الـحـلـمِ الـمـغـلـقـة
ثـلاثـيـنَ عـامـاً مـن الـسـهــر
يـقــرأُ كـتـابــي
ويـرتــدي كـفــنــاً
لـمـاذا غـامـت عـيـنـاهُ حـيـن رآنـي أغـازلُ تـلـك الـشـقـراء
هـل يـشـعـرُ بـالـغـيــرةِ
ــ أكــرهــكَ
يـضـحـكُ ويـتـمـتـمُ بـكـلـمـاتٍ لا أسـمـعـهـا
والآن سـأتـركــهُ يـمـارسُ الـلـعـبـةَ وحــدهُ
ولـكـن حـيـن خـرجـتُ
تـذكـرتُ بـأنـي نـسـيـتــهُ
فـعــدتُ
وجــدتـهُ يـبـحـث عنــي
بـوجـهــهِ الـكـئـيـبِ
وعــودهِ الـنــاحــل.
هي فرقة من صاحب لك ماجد
قصيدة الشاعر أبو تمام حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، كان أسمر، طويلاً، فصيحاً، حلو الكلام، فيه تمتمة يسيرة، يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة من أراجيز العرب، في شعره قوة وجزالة، واختلف في التفضيل بينه وبين المتنبي والبحتري، وهذه قصيدة له في صديقه:[5]
هيَ فُرْقَة ٌ منْ صَاحبٍ لكَ ماجِدِ
فافْزَعْ إلى ذخْر الشُّؤونِ وغَرْبِه
وإذا فَقَدْتَ أخاً ولَمْ تَفْقِدْ لَهُ
أعليَّ يا بنَ الجهمْ إنكَ دفتَ لي
لاتَبْعَدَنْ أَبَداً ولا تَبْعُدْ فما
إنْ يكدِ مطرفُ الإخاءَ فإننا
أوْ يختلفْ ماءُ الوصالِ فماؤنا
أو يفْتَرقْ نَسَبٌ يُؤَلف بَيْننا
لو كنتَ طرفاً كنتَ غيرَ مدافعٍ
أوْ قدمتكَ السنَّ خلتُ بأنهُ
أو كنتُ يَوْماً بالنُّجوم مُصَدقاً
صعبٌ فإنْ سومحتَ كنتَ مسامحاً
ألبستَ فوقَ بياضِ مجدكَ نعمة ً
وَمَوَدَّة ً، لا زَهَّدَتْ في رَاغبٍ،
غَنَّاءُ لَيْسَ بِمُنْكَرٍ أنْ يَغْتَدي
ما أدَّعي لكَ جانباً من سُؤْدُدٍ
ما عز من لم يصحب الخذما
قصيدة الشاعر إيليا أبو ماضي، وهو شاعر عربي لبناني يُعدّ من أهم شعراء المهجر في أوائل القرن العشرين، نشأ في عائلة بسيطة الحال لذلك لم يستطع أن يدرس في قريته له عدّة دواوين، أهمها: (تذكار الماضي، والجداول، والخمائل، وديوان إيليا أبو ماضي، وتبر وتراب)، وهذه من أهم القصائد المشهورة له عن الصديق:[6]
ما عزّ من لم يصحب الخذما
وارحم صباك الغضّ ، إنّهم
كم ذا تناديهم وقد هجعوا
ما قام في آذانهم صمم
القوم حاجتهم إلى همم
تاللّه لو كنت ((ابن ساعدة))
وبذذت ((جالينوس)) حكمته
وسبقت ((كولمبوس)) مكتشفا
فسلبت هذا البحر لؤلؤه
وكشفت أسرار الوجود لهم
ما كنت فيهم غير متّهم
هانوا على الدّنيا فلا نعما
فكأنّما في غيرها خلقوا
أو ما تراهم، كلّما انتسبوا
ليسوا ذوي خطر وقد زعموا
متخاذلين على جهالتهم
فالبحر يعظم وهو مجتمع
والسّور ما ينفكّ ممتنعا
والشّعب ليس بناهض أبدا
يا للأديب وما يكابده
إن باح لم تسلم كرامته
يبكي فتضحك منه لاهية
جاءت وما شعر الوجود بها
ضعفت فلا عجب إذا اهتضمت
فلقد رأيت الكون ، سنّته
لا يرحم المقدام ذا خور
يا صاحبي ، وهواك يجذبني
ما ضرّنا ، والودّ ملتئم
النّاس تقرأ ما تسطّره
فاستبق نفسا ، غير مرجعها
ما أنت مبدلهم خلائقهم
زارتك لم تهتك معانيها
سبقت يدي فيها هواجسهم
فإذا تقاس إلى روائعهم
كالرّاح لم أر قبل سامعها
يخد القفار بها أخو لجب
أقبسته شوقي فأضلعه
إنّ الكواكب في منازلها
واستبق ودك للصديق ولا تكن
قصيدة الشاعر زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني المضري، أبو أمامة، شاعر جاهلي، من الطبقة الأولى وهو من أهل الحجاز، لا تكلف في شعره ولا حشو، عاش عمراً طويلاً، وهذه القصيدة من قصائده في الصديق وصنفها الشاعر على أنّها قصيدة عامة ونوعها عمودية من بحر الكامل:[7]
واستبقِ ودكَ للصديقِ، ولا تكن
فالرفقُ يمنٌ ، والأناة ُ سعادة ٌ
واليأسُ ممّا فاتَ يُعقِبُ راحَة ً،
يعدُ ابنَ جَفنَة َ و ابن هاتكِ عَرشه،
ولقد رأى أنّ الذين هوَ غالَهُمْ،
والتَّبّعينِ، وذا نُؤاسٍ، غُدوَة ً
ألا إنما الإخوان عند الحقائق
قصيدة الشاعر إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني، العنزي، أبو إسحاق، شاعر مكثر، سريع الخاطر، في شعره إبداع، يُعدّ من مقدمي المولدين، من طبقة بشار وأبي نواس وأمثالهما، كان يجيد القول في الزهد والمديح وأكثر أنواع الشعر في عصره، وفي قصيدته هذه يتحدث عن الصديق الحقيقي:[8]
ألا إنّما الإخْوانُ عِنْدَ الحَقائِقِ،
لَعَمْرُكَ ما شيءٌ مِنَ العَيشِ كلّهِ،
وكلُّ صديقٍ ليسَ في اللهِ ودُّهُ
أُحِبُّ أخاً في اللّهِ ما صَحّ دينُهُ،
وَأرْغَبُ عَمّا فيهِ ذُلُّ دَنِيّة ٍ،
صَفيَّ، منَ الإخوانِ، كُلُّ مُوافِقٍ
المراجع
- ↑ محمود سامي البارودي، "ليس الصديق الذي تعلو مناسبه"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-29.
- ↑ إيليا أبو ماضي، "يا من قربت من الفؤاد"، www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-29.
- ↑ ابن الرومي (2019-3-29)، "حبَّذا حِشمة ُ الصديق إذا ما"، www.diwandb.com.
- ↑ حميد اليعقوبي، "الصديق"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-29.
- ↑ أبو تمام، "هيَ فُرْقَة ٌ منْ صَاحبٍ لكَ ماجِدِ"، www.diwandb.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-29.
- ↑ إيليا أبو ماضي، "الى الصديق"، www.alsh3r.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-29.
- ↑ الدكتور حنا نصر الحتي، ديوان النابغة الذبياني (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتاب العربي، صفحة 43-44.
- ↑ أبو العتاهية، "ألا إنّما الإخْوانُ عِنْدَ الحَقائِقِ،"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-3-29.