تعدد زوجات في الإسلام
الزواج في الإسلام
يُعرّف الزواج في اللغة على أنّه وطء الزوجة، وفي الاصطلاح يُعرّف بأنّه عقد بين الرجل والمرأة بغرض تكوين أسرة صالحة واستمتاع كلّ منهما بالآخر بما أباح الله عز وجل، والأصل في النكاح أنّه مشروع، ويختلف حكمه بحسب الحالة، فبعض الحالات يكون واجباً، كحالات خوف الرجل على نفسه من الوقوع في الحرام إن لم يتزوج، ويجدر بالذكر أنّ للنكاح شروط، وهي رضا الرجل والمرأة المعنيّين بالعقد، وموافقة وليّ المرأة، وقد شجّع الإسلام على زواج المرأة ذات الجمال الحسيّ والمعنويّ؛ ويُقصد بالجمال الحسيّ جمال الهيئة وعذوبة الفكر والمنطق، فالمرأة التي تتصف بهذه الصفات تقرّ العين وتسرّ البال وتُريح السمع عند الإصغاء لحديثها، أمّا الجمال المعنويّ فيُقصد به جمال الخلق والدين، فكلما زاد دين المرأة زاد جمالها، وكلما زاد خلقها الحسن ازدادت جمالاً كذلك.[1]
وتجدر الإشارة إلى أنّ للزواج حِكم متعددة، منها: صيانة الرجل والمرأة وحفظهما من الفواحش والمحرمات، وحفظ المجتمع من الانحلال الخُلقيّ وانتشار الرذيلة، وتقوية العلاقات والصلة بين الأُسر والقبائل، والحفاظ على النوع الإنسانيّ بتكاثر النسل والحرص على استمراره، ومن حِكم الزواج أيضاً استمتاع كل زوج بالآخر وذلك بما أوجبه الله -تعالى- من الحقوق والواجبات على كلّ منهما.[1]
تعدد الزوجات في الإسلام
أباح الله -تعالى- للرجل المسلم تعدد الزوجات، فيجوز له الزواج من امرأة واحدة، أو امرأتين، أو ثلاث نساء، أو أربع، ولا يجوز له الزيادة على أربع نساء بإجماع العلماء، وقد دل على مشروعية تعدد الزوجات قول الله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ)،[2] ولا بُد من الإشارة إلى أن تعدد الزوجات بحاجة إلى شروط معينة ومنها: العدل بين الزوجات، مصداقاً لقول الله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا)،[2] ففي حال الخشية من عدم العدل بين الزوجات عند الزواج بأكثر من زوجة، يُحظر التعداد، والمقصود من العدل بين الزوجات المساواة بينهنّ في النفقة، والمبيت، والكسوة، وغيرها من الأمور المادية، وليس المقصود منه المساواة في الحب، لأن الإنسان لا يستطيع التحكّم بقلبه، ولذلك قال تعالى: (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ)،[3] ومن الشروط أيضاً القدرة على الإنفاق على الزوجات، وقد دل على ذلك قول الله: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ)،[4] إذ يأمر الله -تعالى- من لدية القدرة على النكاح، ويتعذر عليه ذلك لأي سبب من الأسباب كعدم القدرة المالية أن يستعفِف، ومثال ذلك من لا يمتلك المال الكافي للمهر، أو لا يستطيع الإنفاق على زوجته.[5]
الحكمة من التعدّد
شرع الله -تعالى- لعباده منهجاً شاملاً متكاملاً، ليشمل كافة مناحي الحياة بكل تفاصيلها ودقائقها، إذ لم تترك الشريعة الإسلامية أمراً يخص حياة الناس وينظم علاقاتهم فيها، إلا وبيّنته بشكل مجمل أو مفصّل بحسب ما تقتضي الحكمة وتدعو إليه الحاجة، ويتميز هذا المنهج الربانيّ بواقعيته وقابليته للتطبيق في كل مكان وزمان، فقد قدّم حلولاً واقعيةً لمشاكل الفرد والمجتمع على حد سواء، ومن الأحكام الشرعية التي نظرت فيها الشريعة الإسلامية لمصلحة الفرد والمجتمع حكم تعدد الزوجات، فمن خلال السماح للرجل بالزواج من أكثر من امرأة في وقت واحد تحققت مصالح عديدة للرجال والنساء والمجتمع الذي يعيشون فيه، ومنها ما يأتي:[6]
- صيانة المرأة وحفظ كرامتها: ففي التعدد مصلحة للمرأة؛ فلأنّ أعداد النساء تفوق أعداد الرجال في كل مكان وزمان، اقتضت حكمة الله -تعالى- أن يشرع زواج الرجل بأكثر من امرأة حتى لا يبقى في المجمتع نساء عازبات، لا سيّما أن المرأة بحاجة إلى الرجل ليُلبّي لها احتياجاتها الفطرية، بالإضافة إلى أن التعدد يساوي بين النساء في الحقوق، فمن حق كل امرأة أن تكون زوجة وأم، ولا يمكن تحقيق ذلك في ظل زيادة أعداد النساء على أعداد الرجال إلا بالتعدد.
- رعاية الزوجة في مرضها: فيمكن أن تُصاب المرأة بمرض لا شفاء منه، أو أن تكون عقيماً، وفي مثل هذه الحالات تُفضّل النساء زواج الرجل بأخرى على طلاقها منه، إذ تُفضّل المتزوجة أن تظل في رعاية زوجها وفي كنفه، وكذلك في تعدّد الزوجات مراعاة لعاطفة المرأة، فقد تُكنّ المرأة لزوجها حباً كبيراً يجعلها تُفضّل مشاركة امرأة أخرى فيه على الطلاق منه والافتراق عنه.
- إعانة بعض الفئات من النساء: فيمكن أن تكون المرأة قريبة للرجل، وغير متزوجة، أو أرملة ولها أطفال أيتام، فعندئذ يُعدّ زواج الرجل منها إعانة لها، فيتكفل بها ويُعيلها.
- مراعاة الاختلاف بين طبيعة الرجل والمرأة: إذ إنّ قدرة الرجل على الإنجاب تستمر حتى بعد بلوغه السبعين من العمر، في حين أنّ النساء يفقدن هذه القدرة ببلوغ الخمسين أو أقل من العمر، فشرع الإسلام تعدد الزوجات لِما فيه من إكثار للنسل.
- مراعاة قوة الرجل الجنسية: فقد أعطى الله -تعالى- بعض الرجال قوة جنسية كبيرة، ولأنّ المرأة تمرّ بمراحل لا تُمكّنها من الجماع، كالحيض، والنفاس، والحمل، فقد أباح الإسلام في هذه الحالات زواج الرجل من امرأة أخرى.
- مراعاة طبيعة عمل الرجل: يمكن أن تكون طبيعة عمل الرجل قائمة على كثرة السفر والترحال، ويمكن أن تكون مدة السفر عدة شهور أو حتى سنوات، وقد لا يكون باستطاعته اصطحاب زوجته، ففي مثل هذه الحالات شرع الله -تعالى- تعدد الزوجات حفاظاً على الرجل من الوقوع في الحرام.
- الحدّ من الطلاق: ففي الحالات التي تكون فيها المشاكل كبيرة بين الزوجين، يُفضّل زواج الرجل على طلاق امرأته، فبهذا يحفظ بيته وأولاده من التشتت والضياع.
المراجع
- ^ أ ب "الزواج"، 27-10-2003، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-1-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة النساء، آية: 3.
- ↑ سورة النساء، آية: 129.
- ↑ سورة النور، آية: 33.
- ↑ "حكم تعدد الزوجات والحكمة منه"، 29-4-2002، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 10-1-2019. بتصرّف.
- ↑ محمود الدوسري (8-1-2018)، "حكمة مشروعية تعدد الزوجات"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-1-2019. بتصرّف.