-

إثبات وجود الله علمياً

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الإيمان بالله

أمر الله -عزّ وجلّ- عباده بأوامر كثيرة، وإن أعظم وأجلّ ما أمرهم به هو عبادته وحده، وعدم الإشراك به، فهو العروة الوثقى التي من تمسّك بها فاز وربح ونجا، ومن تركها خاب وخسر، قال تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)،[1] وإن الآيات القرآنية الآمرة بتوحيد الله والترغيب فيه وترك ما سواه وعدم الإشراك به كثيرة، كما أن أركان الإيمان الستة أولها الإيمان بالله تعالى، كما جاء في حديث جبريل عليه السلام، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فأخبِرْني عنِ الإيمانِ، قال: أن تُؤمِنَ باللهِ، وملائكتِه، وكُتبِه، ورُسلِه، واليومِ الآخِرِ، وتُؤمِنَ بالقدَرِ خَيرِه وشَرِّه).[2][3]

والإيمان محلّه القلب، وتظهر آثاره في أقوال الإنسان وما يصدر عنه من الأعمال الصالحة، كما يتضمن الإيمان أربعة أمور: أولها: الإيمان بالله تعالى؛ وقد دلّ على وجوده الفطرة، والعقل، والشرع، والحس، فالإنسان بفطرته يولد على الإيمان بالله الذي خلقه، من غير أن يقع عليه تعليم أو توضيح، إلا إذا صرفه عن ذلك صارف، كأن يكون أبواه يهوديان أو نصرانيان، وبدلالة العقل، فكل هذه المخلوقات لا بد لها من خالق، فلا يمكن أن تكون هي من أوجدت نفسها بنفسها، ولا يمكن أن يكون وجودها عن طريق الصدفة، قال تعالى: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ)،[4] وبدلالة الشرع، أي أن الكتب السماوية كلّها تنص على ذلك، وجميع الأوامر التي جاءت بها فيها مصالح العباد، والذي خلقهم أعلم بمصالحهم.[3]

وثاني ما يتضمّنه الإيمان هو: الإيمان بربوبية الله؛ وهو الإيمان به وحده لا شريك الله، فهو الخالق الرازق المدبر، يخلق العباد ويرزقهم ويعلم آجالهم فيميتهم، والدليل على ذلك ما قاله تبارك وتعالى: (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)،[5] وتحقيق توحيد العبادة مبنيّ على معرفة توحيد الربوبية، ولذلك عند أمر الله بتوحيده تراه يجيء قبله أو بعده بتوحيد ربوبيته، وثالثها: توحيد الألوهية، بمعنى أن العبادة المطلقة تكون لله وحده بجميع أنواعها ومراتبها، فهو الذي أمر بها وهو المستحق لها، وآخرها: الإيمان بأسماء الله وصفاته؛ فله الأسماء الحسنى والصفات العلى، وما من اسم من أسمائه إلا ويتضمن صفة أو أكثر من صفاته، ويأتي ذلك في جميع أسمائه.[3]

إثبات وجود الله علمياً

من أبرز الفتن التي ظهرت في هذا الزمان هي ظهور طائفة من الناس في الدول الإسلامية ينكرون وجود الله تعالى، مسندين ما يحدث في الكون إلى الطبيعة أو الصدفة، ويسعون إلى نشر هذا الفكر الباطل عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، ومما ساعد على نشر أفكارهم الباطلة هو استغلالهم لضعف تمكّن عقيدة التوحيد عند الكثير من المسلمين، وللرد على هذه الفئة من الناس، هناك الكثير من الأدلة العلمية في هذا الكون تبطل ما يدَّعونه، وفيما يأتي بيان لبعض الأدلة العلمية في الردّ على منكري وجود الله بشكلٍ مفصل:[6]

  • الماء واحد والأرض واحدة والنبات مختلف ومتعدد؛ فالمتأمل في ذلك يرى أن الماء ينزل من السماء على الأرض، فينبت الزرع المختلف في اللون والطعم والرائحة، ليتغذّى عليه الإنسان، وتخرج الحشائش والأعشاب لتكون غذاءً للحيوانات، فهل من الممكن أن تكون الطبيعة هي من فعلت ذلك؟!
  • مراحل نمو الجنين في بطن أمه؛ حيث أثبتت الدراسات الحديثة أن الجنين يتكون في بطن أمه وفق مراحل منتظمة ودقيقة، فيكون نطفة، ثم علقة، ثم مضغة تامة الخلق أو غير تامة، ثم يتحول إلى عظام، ثم تُغطّى العظام باللحم، حتى يصل إلى مراحل الحركة قبل أن يخرج من بطن أمه، وهو ما جاء في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ).[7]
  • رؤية الله تعالى؛ فهم يقولون بأنه إن كان الله موجوداً حقاً فلا بد أن نراه كالشمس والقمر والجبال، ونردّ عليهم بأن الروح موجودة بالفعل لكنها غير مرئية، والعقل موجود لكنه غير مرئي، فهو يثبت وجود ما لم يره، وبالتالي عليه أن يقر بوجود الله على الرغم من عدم رؤيته له.
  • يتميّز كل إنسان برائحة خاصة به، لا يمكن لها أن تتشابه مع رائحة إنسان آخر، كما يتميز كل واحد من البشر ببصمات الأصابع التي لا تتشابه مع بصمات أي إنسان آخر، وهو ما يدل على وجود خالق عظيم للإنسان.
  • وجود كل هذه المخلوقات، وهذا دليل عقلي قاطع على وجود الله عز وجل، فهذه المخلوقات لا بدّ لها من خالق، قال تعالى: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ)،[8] فهذه السحاب وهذا المطر والإنسان وكل المخلوقات لا بدّ لها من خالق وموجد، فهي لا تستطيع إيجاد نفسها بنفسها، ولم توجد من العدم، فثبت أن خالقها وموجدها هو الله تعالى.[9]
  • خلق السماوات والأرض، ووجود السماء بغير عمد، وهذا الكون الفسيح الذي يتمدد ويبرد، وكيف فتق الله تلك السماوات والأرض لدليل عظيم على وجوده عز وجل، قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)،[10] وهذه المجرات وتلك الكواكب والشمس والقمر، وحركاتهم المنتظمة الدقيقة بلا كلل ولا ملل، تدلّ كل إنسان على وجود خالق عظيم لهذا الكون.[11]

ثمرات الإيمان بالله تعالى

للإيمان بالله -تعالى- آثار متعددة مباركة جاءت بها نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وفيما يأتي بيان لهذه الثمرات بشكلٍ مفصّلٍ:[12]

  • العلم بعظمة الله -تعالى- وجلاله وكل ما له من الأسماء وما يتصف به من الصفات، مما يؤدي إلى أن يمتلئ القلب بالتوحيد والإيمان، فيحمل الجوارح على الانقياد والذل لله.
  • الثناء على الله -تعالى- والإكثار من ذكره في جميع الأحوال، فيبقى اللسان رطباً، وهو من أعظم أسباب سلامة الصدر ونور البصيرة.
  • دعاء الله -تعالى- بأسمائه وصفاته بحسب الحاجة والحال، فيكون العبد مستغنياً بالله عن كل ما سواه، واثقاً بتحصيل الأجر والخير له ودفع الشر والضرر عنه.
  • التوكل على الله والصدق في ذلك، واللجوء إليه، والاعتماد عليه، وعدم التعلق بكل ما سواه.
  • نشاط الهمة وعلوّها، والمسارعة في الخيرات والأعمال الصالحة، واجتناب المعاصي، والمسارعة إلى التوبة والاستغفار من الزلل.
  • التسليم لأمر الله والاعتراف بعدله وحكمته، والرضا بقضائه وحكمه، والتصديق بأن ذلك حق وأن له حِكم.
  • تحقيق الأمن والهداية للمؤمن في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ).[13]
  • الفوز بالحياة الطيبة والأجر الحسن من الله -تعالى- في الدنيا والآخرة، والنصر على الأعداء من الكافرين والمنافقين، ثم الاستخلاف في الأرض وتمكين الدين فيه.
  • الطاعة المطلقة لله تعالى، والانقياد لحكمه، وعدم اختيار إلا ما اختاره الله وما يرضاه، وعدم الاحتكام لغير القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

المراجع

  1. ↑ سورة البقرة، آية: 256.
  2. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
  3. ^ أ ب ت أمين الشقاوي (20-6-2015)، "الإيمان بالله"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2019. بتصرّف.
  4. ↑ سورة الطور، آية: 35.
  5. ↑ سورة الأعراف، آية: 54.
  6. ↑ صلاح الدق (15-4-2015)، "الرد العلمي على من ينكر وجود الله"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2019. بتصرّف.
  7. ↑ سورة الحج، آية: 5.
  8. ↑ سورة الطور، آية: 35.
  9. ↑ "الأدلة على وجود الله وتفرده بالخلق والإيجاد"، www.fatwa.islamweb.net، 13-6-2013، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2019. بتصرّف.
  10. ↑ سورة الأنبياء، آية: 30.
  11. ↑ ناصر أحمد سنه، "سُنـّة الله في الآفاق وفي الأنفس دلالة قاطعة على التوحيد"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2019. بتصرّف.
  12. ↑ عبدالله القصيِّر (8-5-2016)، "ثمرات الإيمان بالله تعالى"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2019. بتصرّف.
  13. ↑ سورة الأنعام، آية: 82.