نصائح دينية
النصيحة في الإسلام
تُعرف النصيحة لغةً على أنها الملاءمة بين شيئين، أو إصلاحهما، أما اصطلاحاً فيمكن تعريف النصيحة على أنها كلمة يُعبّر بها عن جملة من إرادة الخير للمنصوح له، وقد عرّف الراغب النصيحة على أنه تحرّي قول أو فعل فيه صلاح صاحبه، وبيّن الجرجاني أن النصيحة هي: (الدعاء إلى ما فيه الصلاح، والنهي عما فيه الفساد)، ومن الجدير بالذكر أن النصيحة مهمة جداً في الإسلام، فهي من أعظم ركائز الدين، مصداقاً لما رواه تميم الداري عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((الدِّينُ النَّصيحةُ)، قلنا: لمن؟ قال: (للَّهِ ولكتابِهِ ولرسولِهِ ولأئمَّةِ المسلمينَ وعامَّتِهم))،[1][2]
والنصيحة كذلك دليل الخيريّة لأمة الإسلام، كما في قول الله تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)،[3] وهي دليل على صدق الإيمان، حيث إن المؤمنين نصحة والمنافقين غششة، ومما يدل على عظم النصيحة أن القائمين بها خلفاء الله في الأرض، فقد قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: (ما زال لله ناسٌ يَنصحون لله في عباده، ويَنصحون لعباد الله في حقِّ الله عليهم، ويَعملون له في الأرض بالنَّصيحة، أولئك خُلفاء الله في الأرض).[2]
نصائح دينية
قد ينظر البعض إلى النصيحة على أنها تدخّل في شؤون الآخرين، أو يظن أن فيها انتقاص من شأن المنصوح، أو إحراج له، وفي الحقيقة أن النصيحة باقة خير يهديها الناصح للمنصوح، ودليل على المحبة، والإخلاص، والوفاء، والصدق، بالإضافة إلى أنها واجبة على المسلم اتجاه أخيه، مصدقاً لما رُوي عن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- أنه قال: (بايَعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على إقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والنصحِ لكلِّ مسلمٍ)،[4] وما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنَفْسِه)،[5] ويمكن ذكر عدد من أهم النصائح الدينية، وفيما يأتي بيانها:[6]
- الحرص على فهم كلمة التوحيد: وكلمة التوحيد هي لا إله إلا الله، ومن الجدير بالذكر أن لهذه الكلمة شروطاً يجب الإتيان بها وإلا فإنها لن تنفع قائلها، والشروط هي: العلم المنافي للكذب، واليقين المنافي للشك، والإخلاص المنافي للشرك، والانقياد المنافي للترك، والمحبة المنافية للبغض، والصدق المنافي للكذب، والقبول المنافي للترك، والكفر بما يُعبد من دون الله.
- الحذر من ارتكاب ما يناقض الإسلام: ينبغي للمسلم الحذر مما ينقض إسلامه: كالشرك في عبادة الله تعالى، أو اتخاذ واسطة بينه وبين الله يدعوهم ويسألهم الشفاعة، أو الاستهزاء بشيء من دين الله -تعالى- أو ثوابه أو عقابه، أو معاونة المشركين ومظاهرتهم على المسلمين، أو الإعراض عن دين الله تعالى، أو بغض شيء مما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو العمل بالسحر والرضا به، أو الاعتقاد بأن غير هدْي النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل من هدْيه، أو أن حكم غيره أفضل من حكمه؛ كتفضيل حكم الطواغيت على حكمه، أو الاعتقاد بأن أحداً من البشر بإمكانه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، أو عدم تكفير المشركين أو الشك في كفرهم أو تصحيح مذهبهم، فيجب الحذر من ارتكاب ما سبق، لا سيما أن العمل لا ينفع صاحبه في حال ارتكاب نواقض الإسلام.
- فهم حقيقة الإيمان: إذ ينبغي للمسلم فهم حقيقة الإيمان بالله تعالى، وأنه غير محصور بمجرد الاعتقاد أو القول، وإنما هو قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالجوارح والأركان، كما أن الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
- معرفة الغاية من الخلق: ينبغي للمسلم أن يعلم أن الغاية من خلق المخلوقات هي عبادة الله وحده لا شريك له، مصداقاً لقوله سبحانه: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)،[7] ولا يتحقق المقصود من العبادة إلا بإخلاصها لله وحده، وذلك بنفي العبادة عن غير الله تعالى، ثم صرفها له سبحانه، وهذا ما يدل عليه قول لا إله إلا الله، ومصداقاً لقوله تعالى: (فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).[8]
- الالتزام بشروط قبول العبادة: ينبغي للمسلم العلم بأن عبادة الله -تعالى- لا تُقبل إلا بشرطين، وهما: الإخلاص لله تعالى، ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ إن الرياء والبدعة تبطل العمل وتوجب العقوبة.
- التقرب إلى الله -تعالى- بأفضل الأعمال: ينبغي للمسلم المحافظة على الفرائض، والقيام بها على أكمل وجه، فهي أحب العبادات إلى الله تعالى، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه -عز وجل- أنه قال: (وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مما افترضتُه عليه).[9]
- معرفة أحكام الصلاة والمحافظة على أدائها في وقتها: ينبغي للمسلم معرفة أحكام الصلاة، وكيفية صلاة النبي عليه الصلاة والسلام، ويُنصح الاستعانة ببعض الكتب النافعة؛ كشروط الصلاة للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وصفة الصلاة للشيخ ابن باز رحمه الله، بالإضافة إلى تعلم الوضوء، فهو مفتاح الصلاة، وشطر الإيمان، ولا يحافظ عليه إلا مؤمن.
آداب النصيحة في الإسلام
على الرغم من أهمية النصيحة في الإسلام إلا أنه يجب على الناصح التحلي بآداب النصيحة عند تقديمها، ويمكن بيان بعض هذه الآداب فيما يأتي:[10]
- الإخلاص: إذ ينبغي للناصح إخلاص نيته لله تعالى، وعدم إظهار العلو والارتفاع على أخيه.
- استخدام الأسلوب المناسب: لا بُد للناصح من استخدام الأسلوب المناسب للنصيحة، فيختار أحسن العبارات، ويتلطف بالمنصوح، حتى تسود روح الأخوة والمودة بينهما، كما قال تعالى: (ادعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجادِلهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ)،[11] ويجب اجتناب استخدام التعنيف والتشديد والتعيير والتبكيت في النصيحة.
- أن تكون في السر: ينبغي للناصح عدم الجهر في النصيحة أمام الناس إلا للمصلحة الراجحة، وقد بين ابن حزم -رحمه الله- هذا الآداب في النصيحة حيث قال: (إِذا نصحت فانصح سرا لَا جَهرا، وبتعريض لَا تَصْرِيح، إِلَّا أَن لَا يفهم المنصوح تعريضك، فَلَا بُد من التَّصْرِيح... فَإِن تعديت هَذِه الْوُجُوه فَأَنت ظَالِم لَا نَاصح).
- الصبر على الأذى: ينبغي للناصح الصبر على ما قد يصيبه من الأذى بسبب النصيحة.
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن تميم الداري، الصفحة أو الرقم: 55، صحيح.
- ^ أ ب عبده قايد الذريبي، "الدين النصيحة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 110.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جرير بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 57، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 13، صحيح.
- ↑ "100 نصيحة للشباب"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2109. بتصرّف.
- ↑ سورة العنكبوت، آية: 56.
- ↑ سورة البقرة، آية: 256.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح.
- ↑ "آداب النصيحة"، 6-2-2015، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة النحل، آية: 125.