-

تقرير عن قيام الدولة العثمانية واتساعها

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

قيام الدولة العثمانيّة

يرجعُ نَسب الدولة العثمانيّة إلى قبيلة قابي، إحدى قبائل الغز التركيّة التي خرجت من أواسط آسيا نحو الغرب بقيادة أرطغرل، حيث ساندَ أرطغرل وقبيلته السُّلطان علاء الدين كَيقُبَاد المعروف ب(كَيقُباد الأوّل)؛ لمحاربة أعدائه، وبذلك استطاع الانتصار عليهم، وتقديراً لجهود أرطغرل وقبيلته، فقد منحهم علاء الدين كَيقُبَاد منطقة تابعة له على الحدود البيزنطيّة السلجوقيّة في شمال غرب الأناضول تُدعى بمنطقة "سوغوت"، واستطاع أرطغرل ضَمّ مدينة (إسكي شهر) إلى منطقته، واستمرَّ في غزواته ضدّ البيزنطيّين إلى أن تُوفِّي في عام 1288م.[1]

وبعد وفاة أرطغرل، خَلفه ابنه عثمان الأوّل بموافقة السُّلطان السلجوقيّ علاء الدين كَيقُبَاد، واستمرَّ بما بدأ به والده أرطغرل؛ حيث حارب البيزنطيّين، وساعد السلجوقيّين في حروبهم، وبذلك نالَ الإكرام من السُّلطان علاء الدين كَيقُبَاد، فمَنَحه نوعاً من الاستقلال الذاتيّ، وسَمَح له بامتلاك المناطق التي فَتَحها جميعها، ومَنَحه الحقّ في ضَرب العُملة باسمه، ولم يتوقّف إكرام السُّلطان السلجوقي لعثمان الأوّل عند هذا الحدّ، بل مَنَحه لَقَب بك، وذكرَ اسمه في خطبة الجمعة، وبذلك أصبح عثمان الأوّل زعيم إمارة كبيرة مُستقِلّة، واستطاع ضَمّ مدينة (أفيون قره حصار) الواقعة في دولة الروم الشرقيّة إلى إمارته، وجَعْلها عاصمة له،[2] كما سيطرَ عثمان على مدينة بيله جك، وأنكول، وأرسى قواعد إمارته، وركَّز خلال غزواته على مناطق شمال الأناضول، واستمرَّ عثمان الأوّل في غزواته إلى أن رقدَ على فراش الموت، ليتولَّى ابنه أورخان غازي الحُكم مكانه.[3]

اتَّخذ أورخان غازي من مدينة بورصة مركزاً لحُكمه، واستطاع فتح إزنيق بعد الانتصار على الإمبراطور البيزنطيّ أندرونيكوس الثالث، كما تمكَّن أورخان غازي من ضَمّ مدينة إزميد، ومدينة بالق أسير، واستطاع كذلك العبور إلى الضفّة الأخرى لمرمرة؛ بسبب وجود خلاف بين أباطرة بيزنطة، وتمكَّن السُّلطان العثمانيّ من السيطرة على تلال مضيق جاليبولي، واتَّخذ قلعتها قاعدةً له، واتَّجه بعد ذلك إلى البلقان، واستولى على أنقرة، واستمرَّ في غزواته إلى أن تُوفِّي في عام 1361م، ليتولَّى الحُكم مكانه ابنه مراد الأوّل الذي بذلَ جهده في توسيع حدود البلقان، واستطاع بفضل حِنكته فَتح المُدن البلقانيّة بسهولة، وحقّقَ الانتصار على التحالُف الصربيّ الذي ضمّ صربيا، وبلغاريا، والمجر، واستمرَّ في غزواته ضدّ أعدائه في منطقة صرب صندغي، واستطاع العثمانيّون اجتياح مقدونيا، وشرق صربيا، وجنوب بلغاريا، وصولاً إلى هنغاريا، وضَمّ مراد الأوّل العديد من المُدن في الأناضول، وحارب الإمارات التركمانيّة، واستمرّ السُّلطان العثمانيّ بغزواته إلى أن تُوفِّي في المعركة التي خاضَها مع قوّات التحالُف الصليبيّ، وبهذا استلم بايزيد الأوّل الحُكم مكان أبيه مراد الأوّل، وبَذل جهده؛ لإكمال ما بدأ به عثمان الأوّل، وهو تحويل الدولة إلى إمبراطوريّة.[3]

اتّساع حدود الدولة العثمانيّة

استطاعت الدولة العثمانيّة بقيادة السلاطين العثمانيّين توسيعَ حدودها لتشمل مناطق من آسيا الصُّغرى، وأوروبا، وأفريقيا، وبذلك استطاع العثمانيّون الخروج من نطاقهم المحلّي إلى المسرح العالَميّ العام، وقد مرَّ توسُّع الدولة العثمانيّة بثلاث مراحل رئيسيّة، وهي:[1]

  • المرحلة الأولى: وهي المرحلة التي امتدَّت منذ بدء الإمارة العثمانيّة في الأناضول، واستمرَّت إلى وفاة السُّلطان العثمانيّ بايزيد الثاني في عام 1512م، وهي الفترة التي كانت فيها الدولة العثمانيّة دولةً تلقائيّة أناضوليّة؛ حيث اقتصرَت حدود غزواتها على الأناضول في آسيا، والبلقان في أوروبا، وضَمّت على أراضيها رعايا مسلمين، ومسيحيّين، وخلال هذه المرحلة تحوّلت الدولة العثمانيّة من الإمارة إلى الدولة، ومن ثمّ إلى الإمبراطوريّة، ونُقِلت عاصمة الدولة العثمانيّة من الأناضول، والبلقان، إلى أدرنة، ومن ثمّ إلى القسطنطينيّة.
  • المرحلة الثانية: وهي المرحلة التي بدأت في عهد السُّلطان العثمانيّ سليم الأوّل (1512م-1520م)، وأصبحت الدولة العثمانيّة خلال هذه المرحلة دولة آسيويّة أفريقيّة بلقانيّة ذات طابع إسلاميّ عربيّ، واقتصرَ الغزو العسكريّ للجيوش العثمانيّة على الشرق الإسلاميّ، واستطاعت الدولة العثمانيّة قيادة العالم الإسلاميّ، وضَمّ العديد من الشعوب العربيّة إلى أراضيها.
  • المرحلة الثالثة: بدأت هذه المرحلة في عهد السُّلطان العثمانيّ سليمان القانوني في عام 1520م، واستمرَّت على عهد خلفائه العثمانيّين، وأصبحت الدولة العثمانيّة خلال هذه المرحلة دولة أوروبيّة آسيويّة أفريقيّة، حيث فتحت القوّات العثمانيّة جبهات بحريّة في المحيط الهنديّ، والخليج العربيّ، وحوض البحر الأبيض المُتوسِّط، وبعض البحار الشرقيّة.

عوامل ضعف الدولة العثمانيّة وسقوطها

هناك العديد من العوامل التي مهّدت الطريق لضعف قواعد الدولة العثمانيّة، وانهيار حدودها، حيث سُمِّيت ب(رجل أوروبا المريض)، ونذكر فيما يلي أهمّ هذه العوامل:[2]

  • ضعف نظام الحُكم العثمانيّ؛ بسبب عدم أداء بعض الحُكّام، والسلاطين لواجباتهم تجاه دولتهم بأنفسهم، وإسناد أمر الدولة إلى غيرهم.
  • ضعف الإدارة، والتنظيم في الأقاليم، والمناطق التابعة للدولة العثمانيّة؛ حيث كان يتمّ مَنح منصب الوالي لمن يدفع المال أكثر؛ ولذلك كان الوالي يجمع المال من الناس، بمختلف الطرق والأساليب؛ للوصول إلى ثروة أكبر، وقد أدّى ذلك إلى توقُّف كافّة الأعمال والمشروعات الإصلاحيّة داخل الولايات؛ بسبب قلّة الموارد الماليّة.
  • عدم وجود علاقة وثيقة، أو تجانُس بين ولايات الدولة العثمانيّة في القارّات الثلاث: آسيا، وأفريقيا، وأوروبا، ممّا أدّى إلى اندلاع الثّورات والعصيان.
  • فساد نظام الانكشاريّة في الدولة العثمانيّة؛ حيث انغمسوا في حياة الكسل، والخمول، بعد أن كانوا يتميّزون بالنشاط، والشجاعة، وسرعة الحركة.
  • الامتيازات الأجنبيّة المُقدَّمة إلى السُّفراء الأجانب في الدولة العثمانيّة، ورعاياهم؛ حيث بدأ السُّفراء الأجانب في الدولة بطلب امتيازات تجاريّة لرعاياهم، وتوسَّع طلب الامتيازات حتى امتدَّ إلى الامتيازات الدينيّة، الأمر الذي أدّى إلى تدخُّلهم الكبير في شؤون الدولة العثمانيّة.

المراجع

  1. ^ أ ب إسماعيل أحمد ياغي، الدولة العثمانية في التاريخ الأسلامي، السعودية: العبيكان، صفحة 10,19,20. بتصرّف.
  2. ^ أ ب مجموعة من العلماء والباحثين (2002)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض-المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، صفحة 125، 126، جزء السادس عشر. بتصرّف.
  3. ^ أ ب علي خليل أحمد، الدولة العثمانية في سنوات المحنة (الطبعة الثانية )، عمان-الأردن: ر الحامد للنشر والتوزيع، صفحة 28-32. بتصرّف.