التفكير في وجود الله، والحياة، والكون يحتاج إلى كلمات مثل: مَن، وأين، وكيف، والإنسان بحاجة إلى كلمات تصف ماذا يفكر حتى يفسر معاناته وأسئلته، ولو انعدم الكلام لبقي يبحث عن شيء يقوله، فمثلاً اسم الاستفهام " مَن " يقود إلى سؤال " مَن هو الخالق؟ "، أي أنَّ " مَن " يقود إلى عملية التفكير في النهاية، واللغة العربية هي وسيلة ترجمة الفكر، والتساؤل عن الأشياء.[1]
بيَّنت الدكتورة تحية عبد العزيز في دراسة لها تُسمى " اللغة العربية أصل اللغات " أنَّ اللغة العربية أثَّرت بشكلٍ ملحوظ في اللغات الأخرى، حيث أجرت مقارنة بين الكلمات المشتركة في العربية ونظيراتها من اللغات الأخرى مثل: الإنجليزية، واللاتينية، والإيطالية، والألمانية، فوجدت أن حجم التأثير الذي فعلته العربية على غيرها من اللغات كبير، كما عبَّرت عن ضيق اللغات الأخرى وفقرها، حيث تحتوي اللاتينية على سبعمئة جذر لغوي، والسكسونية على ألف جذر، بينما تحتوي العربية على ستة عشر ألف جذر لغوي.[2]
اللغة واحدة من العوامل الأساسية في تكوين المجتمع، واللغة العربية من أهم العوامل الداخلة في تكوين المجتمع العربي، لأنها تجمع الأفراد على شكل مجتمع يجمعه ثقافة ولغة واحدة، وهي الوسيلة الوحيدة للتفاهم، وترجمة مشاعر الإنسان، وأحاسيسه.[3]
اهتم الإمام الشافعي رحمه الله في بيان أهمية تعلم اللغة العربية، ومعرفة أصولها وقواعدها، وفرَّق بين حاجة كل إنسان مسلم إلى هذه المعرفة، وحاجة من يريد فهم علم القرآن الكريم، والسنة النبوية، حيث أكدَّ على ضرورة تعلم اللغة العربية حتى يشهد الإنسان أنَّ لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً رسوله، ويقرأ آيات الله عزوجل، ويُكبِّر، ويسبح، ويتشهد، لأنَّ هذه الأشياء من أركان الإسلام، وفرائض الدين، أي أنَّ الجهل في العربية يؤدي إلى عجم المعرفة في أحكام الكتاب، والسنة، وشرائع الدين الإسلامي.[4]