-

نتائج العنف الأسري

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

العنف الأسري

كلمة العُنْف في اللغة العربية هي مصدر عَنُفَ وضد الرفق، وتعني الخُرْقُ بالأَمر وقلّة الرِّفْق به، واستخدام القوَّة الجسديَّة استِخداماً غير مَشروع أو مُطابق للقانون بِهدف الاعتِداء أو التَدمير أو التَخريب أو الإساءَة، ويُقال عامَلَهُ بِعُنْفٍ؛ أي بِشدَّةٍ وَقَساوَةٍ، ومُسلسل العُنْف أي تتابع أعمال العُنْف، والعنيف هي صفة مشبَّهة تدلّ على الثُّبوت على الفعل.[1] والعنف اصطلاحاً بحسب هولمس (Holmes) هو استخدام القوة المادية بشدة لإيقاع الأذى، بحيث يكون هذا الأذى مقصوداً ومدبراً ومخططاً له، كما أنّ العنف يُمثّل إحدى صور العدوان الذي يتخذ أشكالاً مادية، ويكون بقصد الإيذاء وإلحاق الضرر المباشر بأشخاص أو ممتلكات.[2]

ويمكن تعريف العنف الأسري بأنّه أيّ فعل أو قول يصدر من أحد أفراد الأسرة تجاه باقي أفرادها أو أحدهم، مستخدماً سلطته أو علاقته بالمجني عليه (المُعنَّف)، ويكون الهدف من هذا الفعل أو القول هو إلحاق الضرر بالآخرين، وذلك بإظهار القسوة وممارسة القوة والإكراه، ولا يقتصر ذلك على الإيذاء البدني فقط، وإنّما يشمل الحرمان النفسي والعاطفي والمادي، ويتمثّل ذلك بالسب، أو التوبيخ، أو الحرمان من الحقوق، أو المنع من إبداء الرأي، أو غير ذلك من صور العنف، ويظهر العنف الأسري على عدة مستويات؛ فقد يكون خاصاً بين الزوجين، أو بين الأبناء، أو بين الآباء والأبناء.[2]

نتائج العنف الأسري

يؤثر العنف الأسري بمختلف أشكاله على حياة الأفراد وبنية المجتمعات، وغالباً ما تكون عواقبه وخيمة سواءً من الناحية النفسية، أو الجسدية، أو الاجتماعية، ونذكر فيما يأتي ما قد يُخلّفه العنف الأسري من هذه النواحي:[3]

من الناحية النفسية

  • الشعور بالإحباط: يؤدي العنف الأسري إلى شعور أفراد الأسرة بحالة من الإحباط وخيبة الأمل؛ بسبب عدم تحقق الأمن في الأسرة، والشعور بالظلم، وعدم القدرة على إشباع حاجاتهم ورغباتهم، وقد يُؤدي زيادة الإحباط إلى مشاكل نفسية أخرى، مثل: القلق، والاكتئاب، والتوتر.
  • القلق والاضطراب: قد يُساهم العنف الأسري في شعور الفرد بالقلق والاضطراب؛ نتيجة لتولُّد الأوهام المهيجة الداخلية لديه، وهذا الشعور يحدث غالباً للمرأة التي لم تحظى بقدرٍ كافٍ من المحبة والحنان، سواءً من الأهل أو الزوج، وقد يتولد أيضاً عند الأطفال الذين تعرضوا للقسوة والاحتقار من الآباء.
  • الاكتئاب والانطوائية والعزلة: قد يشعر المعنّف أسريّاً بحالة من الكآبة ونقص النشاط وبأنّه عديم القيمة، ممّا يدفعه إلى العزوف عن الاختلاط والمشاركة مع الغير.
  • الخجل: قد تؤدي مبالغة الأهل في تقريع وزجر الطفل إلى دفعه للشعور بالانكماش، وعدم الارتياح، والتحرّج، وعدم قدرته على إبداء رأيه والتعبير عن نفسه أمام الآخرين.
  • الكذب: قد يؤدي العنف الأسري وسوء معاملة الأهل إلى دفع الفرد للكذب في أقواله أو أفعاله؛ بسبب خوفه من العقاب القاسي الذي لا يتناسب مع ما يتطلبه الموقف.
  • التكيّف والتأقلم مع بيئة العنف: قد يؤدي العنف المستمر من الزوج تجاه الزوجة إلى شعورها بالاعتياد والتأقلم مع هذه الحالة، فتُسيطر عليها حالة من اللامبالاة، مما يؤثّر سلبياً على سُلوكها تجاه تربية الأبناء، فيخرج أطفال غير مبالين أو منحرفين في مجتمعهم.
  • فقدان الثقة بالنفس وتقليل الاحترام للذات: قد يؤدي العنف والتعامل السيئ مع الفرد إلى دفعه لحالة من فقدان الثقة وعدم الشعور بالأمن والتردّد وقلة الجرأة، ويُشعره ذلك بالخوف والنقص المتولد عن الصراع بين التماس تقرير الذات والخوف من الفشل.

من الناحية الجسدية

  • فقدان الشهية: تؤدي ممارسة العنف ضدّ الطفل من ضربٍ وإهانةٍ أثناء تناوله للطعام، إلى شعوره بحالة من فقدان الشهية وعدم الرغبة في تناول الطعام؛ بسبب شعوره بالقلق والخوف وعدم الطمأنينة، فقد ربط هذا الفعل بأشياء يكرهها كالضرب والإهانة.
  • اضطراب النوم والأرق: تؤدي القسوة الزائدة في معاملة الفرد إلى شعوره بحالة من القلق والاضطراب، وعدم الرغبة في النوم على الرغم من حاجته إليه.
  • إسقاط الحمل أو تشويه الجنين: قد يؤدي ممارسة العنف على المرأة الحامل وضربها على بطنها إلى إحداث ضرر بالجنين؛ فقد يسقط أو يموت أو يتشوّه.
  • الانتحار: قد يؤدي العنف المستمر ضد الفرد واحتقاره وإشعاره بالنقص إلى شعوره بحالة من التعب، واليأس، وفقدان الأمل من الحياة، ورغبته في الموت بدلاً من حياته السئيمة، ممّا يدفعه إلى الانتحار وقتل نفسه ليتخلص من كل ذلك.

من الناحية الاجتماعية

  • التفكّك الأسري: قد تؤدي أجواء العنف السائدة في الأسرة إلى تمهيد الطريق للتفكك الأسري بمختلف أشكاله، سواءً فقدان أحد الوالدين أو كليهما، أو تعدّد الزوجات، أو الطلاق، أو غياب أحد الوالدين لمدة طويلة، ويؤدي ذلك إلى حالة من الإحباط في الحياة الأسرية وانحراف الأبناء في مجتمعهم.
  • الطلاق: قد يؤدي العنف والصراع المستمر بين الزوجين وعدم الانسجام النفسي بينهما إلى الانفصال والطلاق؛ لعدم إمكانية استمرار الحياة الزوجية، وغالباً ما يؤدي الطلاق إلى التمزّق العاطفي بين أفراد الأسرة، ويُشعر الأبناء بالاضطراب، وقد يؤدي إلى انحرافهم وضياعهم وتشتت أفراد الأسرة.
  • إشاعة روح العداوة والبغضاء بين أفراد المجتمع: قد تؤدي معاملة الطفل بقسوة وشدة إلى شعوره بالضيق والإحباط، وبالتالي تقلّ المثيرات من حولهم، ممّا يدفع البعض إلى خلق مثيرات لأنفسهم، وتتمثّل هذه المثيرات بالسلوك العدواني، والتعبير عن الغيض والكبت من خلال ممارسة العدوان على الأفراد والمجتمع.
  • جنوح الأحداث: قد تؤدي شدة النزاعات العدوانية داخل الأسرة إلى دفع أفرادها لممارسة السلوك المنحرف في مجتمعهم.
  • اضطراب أمن واستقرار المجتمع: إنّ الفرد حين ينحرف بسبب العنف الأسري، سيخلّ بأمن واستقرار مجتمعه، وسيؤثر على المصلحة العامة؛ فهو فرد غير فاعل في مجتمعه.

أسباب العنف الأسري

هناك العديد من الأسباب التي تُمهّد الطريق لوجود العنف الأسري، وأهم هذه الأسباب ما يأتي:[4]

  • الوضع الاقتصادي الصعب وعدم قدرة ربّ الأسرة على توفير الحاجات الأساسية لأفراد أسرته، وقد ينتج عن ذلك صراع مستمر بين الزوجين لتوفير احتياجات العائلة، ومع استمرار الصراع قد يتولّد الغضب والشجار والضرب.
  • قلّة الوعي الاجتماعي بشأن حقوق الإنسان، ودور الأسرة في التنشئة الاجتماعية، والجهل بمدى خطورة العنف وممارسته على مستقبل الأسرة.
  • أميّة الآباء وانخفاض مستواهم التعليمي، وعدم إدراكهم لوسائل التربية الحديثة؛ حيث يلجؤون إلى أسلوب الضرب والتعنيف في تعاملهم مع أبنائهم.
  • وجود بعض الأفكار التي تؤيد التعنيف والضرب، باعتبارها السبيل الوحيد لتربية الأبناء، ومعاملة الزوجات.
  • حالات الانفعال والغضب غير المسيطَر عليه.
  • اختلاف القيم بين الأبناء والآباء، حيث يميل الآباء إلى قيم محافظة، أما الأبناء فهم يميلون إلى التحرّر، والتمرّد، ورفض قيم الآباء، ممّا يولّد خلافات مستمرة بين الطرفين.
  • تعاطي المخدرات والخمور والمحرّمات، والإدمان عليها.

المراجع

  1. ↑ "تعريف و معنى العنف في قاموس المعجم الوسيط"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2-12-2018. بتصرّف.
  2. ^ أ ب د.ابراهيم محمد الكعبي، العوامل المجتمعية للعنف الأسري في المجتمع القطري، صفحة 263-265. بتصرّف.
  3. ↑ محمد سالم داود الرميحي، العنف الأسري وانعكاساته الأمنية ، صفحة 24-30. بتصرّف.
  4. ↑ -، العنف الأسري، صفحة 8. بتصرّف.