حكم تداول العملات طب 21 الشاملة

حكم تداول العملات طب 21 الشاملة

النّقود والعُملات في الإسلام

بحث الفُقَهاء القُدامى والمعاصرون الأحكام الشرعيّة المُتعلِّقة بما يخصّ النّقود والأموال والعُملات عموماً، وقد طُرِح ذلك في الاتّجاهات والاختلافات جميعها، مثل: تعامُل الأشخاص فيما بينهم، أو تعامُل الشّركات الكُبرى مع بعضها البعض، أو حتّى تعامُلات الدُّوَل، والمؤسَّسات، والهيئات الماليّة الرسميّة والخاصّة، وذلك إن دلّ فإنّما يدلّ على عِظَم الشّريعة الإسلاميّة، واتّساع مجالاتها، وتعلُّقها بشتّى جوانب الحياة؛ حيث كان للمعاملات الماليّة نصيبٌ أكبر في الفقه الإسلاميّ، وسيبحث هذا المقال بعد توفيق الله مسألة تداوُل العُملات: حُكمها، وصورتها العمليّة، وتأصيلها الشرعيّ، وغير ذلك من الأمور؛ بهدف الوصول إلى صورة أظهر لحُكمها، وكيفيّة التّعامُل مع تلك المسألة، ونظرة الإسلام لها عمليّاً.

معنى النّقود والعُملات

النّقود لُغةً

النّقود في اللغة: جمع نَقْدَ، والنّقد خلاف النّسيئة، والنّقد والتّنقاد: هو تمييز الدّراهم، وإخراج الزّائف والرّديء منها، ونَقَده إيّاها نقداً: أعطاها له وقبضها منه، والنّقد كذلك: تمييز الدّراهم، وإعطاؤها لإنسانٍ وأخذُها منه.[١]

النّقود والعُملات اصطِلاحاً

النّقود والعُملات في الاصطلاح: تعني جميع ما تتعامل به الأُمَم والشّعوب ممّا له قيمة ماديّة، مثل: الدّنانير الذَّهبيّة، والدّراهم الفضيّة، والفلوس النحاسيّة، وعرَّف علماء الاقتصاد المعاصرون النّقود والعُملات بأنّها: (أيّ شيء يكون مقبولاً قبولاً عامّاً كوسيط للتّبادُل، وقياس العُمْلة).[٢] وقد عرَّفت مجلة الأحكام العدليّة العُملات والنّقود بأنّها: الذّهب والفضّة، وفي موضعٍ آخر ذكرت بأنّ المقصود بالنّقود والعُملات جميع ما يمكن أن يكون بدَلاً للمبيع، ويتعلّق بالذمّة.[٣]

يرى بعض الفقهاء القُدامى أنّه يُمكن تعريف النّقد والعُملات بأنّها جميع ما يجري التّبادل فيه على كونه مالاً، كما يرى صاحب المُدوّنة الكُبرى حيث يقول في معناها: (وَلَوْ أَنَّ النَّاسَ أَجَازُوا بَيْنَهُمْ الْجُلُودَ حَتَّى تَكُونَ لَهَا سِكَّةٌ وَعَيْنٌ لَكَرِهْتُهَا أَنْ تُبَاعَ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ نَظِرَةً)؛ والمقصود من كلام الإمام مالك؛ أنّ كلّ ما يجري التعامُل به على كونه مالاً يصلح لذلك ما دام قد جرى العُرف على قبول تبادله بين الناس كنقدٍ وعملة، حتّى لو أصبحت الجلود نقوداً تُستخدَم في البيع والشراء لَجازَ ذلك، ولجرت عليها أحكام التّبادُلات الماليّة كأن تُستبدَل بالذّهب والفضّة إلى آجل، وهذا في باب الصّرف.[٤]

والمقصود من الكراهة في قول الإمام مالك سابق الذِّكر، إنّما المُراد به الكراهة التحريميّة؛ إذ إنّ تبادُل المال بالمال مُحرَم بالاتّفاق، وموضع الشّاهد أنّ الجلود إن تعارف النّاس على صيرورتها نقوداً فإنّه يحرُم عند التّعامُل بها ما يحرم بالتّعامُل لأيِّ نقدٍ آخر، مثل: الذّهب، والفضّة، وغيرهما من الأثمان، وكأنّه يقول: إنّ النّقود هي كلّ ما يتعارف عليه النّاس، ويُصبح ثمناً في تعامُلاتهم الماليّة، ويصلح لأن يكون ديناً في الذمّة، ويُؤدّي وظيفة الذَّهب والفضّة؛ سواءً كان معدنيّاً، أو ورقيّاً، أو غير ذلك.[٤]

حُكم تداوُل العُملات

لا شكّ أنّ التعامُل في العُملات جائزٌ شرعاً ما دام قد خلا من الشّروط المُحرَّمة، أو ما يجعل المُعاملة تنقلب إلى الحرام بدخول الرِّبا، والقمار، والغرر، والخداع إليها، وربّما يُقصَد من هذه المقالة نوعٌ خاصٌّ من المُعاملات، حيث يُشترَط فيها أن يكون التّقابُض بعد مُدّة من العقد، ولا يودَع المبلغ في حساب المُتعاقِد إلا بعد مرور تلك المُدّة، فهذا الشّرط بطبيعته مُبطِلٌ للعقد، ويدخله الحرام من عدّة أوجه، وقد ناقش مجمع الفقه الإسلاميّ هذه المعاملة وخلُص إلى حرمتها بالاتّفاق.[٥]

وقد سمّى المجلس هذا النوع من التّعامُل باسم المُتاجَرة بالهامش؛ وهي تعني أن يدفع المُشتري جزءاً من ثمن ما يرغب بشرائه، ويدفع الوسيط باقي المبلغ على شكل قرض، وتبقى العقود المُشتراة لدى الوسيط، مرهونةً بمبلغ القرض،[٥] وفيما يخصّ قرار المجمع الفقهيّ وتفصيلاته، وسبب تحريم هذا النّوع من التعامُل، فبيان ذلك فيما يأتي:

ما تشمله مُعاملة المُتاجَرة بالهامش

بعد استماع مجلس المجمع الفقهيّ للبحوث المُقدَّمة بخصوص هذا النّوع من التّعامُل ومناقشتها، وجدَ أنّ هذه المُعاملة تتكوّن من الآتي:[٥]

أسباب تحريم التّعامل بالمُتاجرة بالهامش

رجَّح المجلس حُرمة التعامُل بهذا النوع من التّعامُلات؛ للأسباب الآتية:[٥]

المراجع

  1. ↑ ابن منظور جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم، لسان العرب، القاهرة-مصر: دار المعارف، صفحة: 4517، جزء: 48. بتصرّف.
  2. ↑ محمد عثمان شبير (2007)، المعاملات الماليّة المعاصرة (الطبعة السادسة)، عمان-الأردن: دار النفائس، صفحة: 148. بتصرّف.
  3. ↑ مجموعة من العلماء (1999)، مجلة الأحكام العدليّة، عمان-الأردن: دار الثقافة، صفحة: 17-18. بتصرّف.
  4. ^ أ ب الإمام مالك بن أنس الأصبحي (1994)، المدونة الكبرى، بيروت: دار الكتب العلميّة، صفحة: 5، جزء: 3. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ث محمد صالح المنجد (9-9-2007)، "حكم المتاجرة في العُملات بنظام الفوركس مع دفع رسوم على التبييت"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 30-6-2017. بتصرّف.
  6. ↑ سورة البقرة، آية: 278-279 .