اختلفَ العلماءُ في حكم صلاة الجماعة في المسجد لمن سمع الآذان، فقد قال جمهورُ العلماء إنّها سنّة، أو فرض كفاية، في حين رأى الظاهريةُ أنّها فرض عين على كلّ مُكلّف، ومَردّ الخلاف بين الحُكمين يعود إلى تفسير الحديث الذي قال فيه الرسول: (صلاةُ الجماعةِ تفضلُ صلاةَ الفذِّ بخمسٍ وعشرين درجةً)[1]حيثُ فسّره من قال بالسنيّة، أو فرض الكفاية على أنّ المقصود بالحديث تفضيل صلاة الجماعة على الصّلاة منفرداً، أي بأنّ الجماعةَ زائدة على الصلاة الواجبة، فكأنّ قول الرسول هو أنّ صلاة الجماعة أكملُ من صلاة الفرد، في حين أنّ أصحاب رأي وجوبها على المُكلّف، يقولون إنّ التفضيل بين الواجبات وارد، ولا مانعَ فيه، فالمُراد هنا أنّ صلاة الجماعة لمن فُرضت عليه أفضلُ من صلاة الفرد الذي سقط عنه وجوبُها بعذر،[2]كما ويجدر بالذكر أنّ المسجد الذي يكثر فيه المصلّون تكون الصلاة فيه أفضلَ من غيرها، فالثواب يزداد كلّما زاد عدد المصلّين.[3]
وردَ عن رسول الله أنّه نهى عن الخروج من المسجد بعد الآذان، وقبل الصلاة في الجماعة، وهذا يدلّ على السّعي لصلاة الجماعة، أمّا من كان له عذر مانع فتجوز له الصلاة منفرداً، ثمّ الخروج،[4]في حين إذا كان المُصلّي قد حاول اللّحاق بالجماعة، ولم يُدرك ذلك، فأقامها منفرداً له أجر الجماعة إذا كان غير مُقصّر في سعيه للجماعة، أمّا إذا صلّى منفرداً في المسجد لأيّ سبب آخر، فلا يُوجد لها من فضل عن صلاة الفرد في غير المسجد إلّا فضل المكان، والجدير بالذكر أنّ الصلاة في البيت مع شخص ثانٍ، أو أكثر أفضل من الصلاة منفرداً في المسجد.[5]
للمساجد والصلاة فيها آداب، ومحظورات عديدة، وعلى المؤمن أن يسعى جاهداً للتقيّد بها، كما أنّ لها فضائلُ عديدة وردت في السنّة النبوية، ومن أبرز هذه الفضائل:[6]