حكم الدعاء بعد الصلاة طب 21 الشاملة

حكم الدعاء بعد الصلاة طب 21 الشاملة

الدعاء عبادة

يرجع أصل تسمية الصلاة في اللغة إلى الدعاء، والدعاء يُعرب عن تعلُّق العبد بخالقه وحبّه له، إذ إنّه كلما أراد شيئاً وشقَّ عليه الوصول إليه أو الحصول عليه؛ فإنّه يلجأ لخالقه ليطلب منه ما عجز عن تحصيله، وكلّما ازداد قُرب المرء من خالقه كلما ازداد في الطلب منه، وازداد إلحاحه عليه في الإجابة، وقد بيَّن الله -سبحانه وتعالى- في مواضع كثيرة أهمية الدعاء للمسلم، وأنّه يفرح إذا ما سمع عبده يُناجيه ويدعوه ويسأله أن يُلبّي له حوائجه، وأن يعطيه ما كان مُحتاجاً إليه، يقول تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)،[1] فينبغي على المسلم أن يلجأ إلى الله في كل أحواله؛ حيث لا يوجد من هو مجيب بذلك أكثر من الله سبحانه وتعالى.

معنى الدعاء والصلاة

حكم الدعاء بعد الصلاة

الدعاء بعد الانتهاء من الصَّلاة مشروعٌ لا بأس به، وهو قول الفقهاء بالاتفاق، بل إنّ البعض قد عدَّه سُنّةً يُستحبُّ القيام بها؛ كابن قيم الجوزية رحمه الله، وقد استدلَّ الفقهاء على مشروعية الدعاء بعد الصلاة؛ بأنَّ الإمام البخاري قد جعل في صحيحه باباً مُستقلّاً يذكر فيه ما صحَّ من الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في فضل الدُّعاء بعد الصلاة،[6] وممّا جاء من سنَّة النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك؛ ما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- فقالت: (كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إذا سلَّم لم يقعدْ، إلا مقدارَ ما يقول: اللهمَّ أنت السلامُ ومنك السلامُ، تباركت ذا الجلالِ والإكرامِ، وفي روايةِ ابنِ نُمَيرٍ: يا ذا الجلالِ والإكرامِ).[7]

خالف الإمام ابن تيمية العلماء في حكم الدعاء بعد الصلاة، فذهب إلى أن ذلك لا يُشرع بعد الصلاة، بل إن محلَّ الدعاء -كما يَرى- يكون داخل الصلاة لا خارجها، وهو يرى أنّ الأدعية الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في دُبُر الصلاة؛ إنما كان موضعها آخر الصلاة داخلها لا خارجها.[5]

كيفيّة الدعاء بعد الصلاة

طرق الدعاء بعد الصلاة متنوّعة، وهي جائزةٌ بكلّ حالة وطريقة وهيئة، إلّا أنّه قد جاءت في ثنايا أبواب الفقه كيفيّةٌ ربما تكون هي الأقرب إلى موضوع هذه المقالة وهي صلاة الحاجة؛ حيث يلجأ إليها المسلم كلما أهمّه أمرٌ، أو شَعَرَ بضيق، وفيما يلي طريقة تأدية صلاة الحاجة في سنّة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما صحّت عنه.

صلاة الحاجة من السنة النبوية

ثبتت العديد من النصوص في السنة النبوية في ذكر كيفية صلاة الحاجة تفصيلاً، ومن تلك النصوص ما يلي:

من خلال النظر في الحديثين سالفي الذكر؛ يُمكن أن يُستخرج منهما طريقتين لصلاة الحاجة هما:

وقت صلاة الحاجة

ليس لصلاة ودعاء الحاجة وقتٌ مخصوص، بل تجوز صلاتها في أيّ وقتٍ من أوقات الصلاة، بعد أن يُستثنى من ذلك الأوقات التي تُكره فيها الصَّلاة، أمّا الأوقات التي تُكره فيها الصلاة فهي: بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشّمس وارتفاعها بقدر رُمح؛ أي من وقت الانتهاء من صلاة الفجر إلى وقت صلاة الضّحى، ثمّ وقت توسُّط الشّمس في السّماء وهي فترة ما قبل صلاة الظهر بما يُقارب النصف ساعة ويُطلق عليها شرعاً اسم فترة الزّوال، وتستمرّ الكراهة في هذا الوقت إلى صلاة الظّهر، أمّا الفترة الأخيرة فهي ما بعد الانتهاء من صلاة فرض العصر وحتى غروب الشّمس.[11]

الأمور الواجب مُراعاتها في الدعاء بعد الصلاة

ينبغي على المُسلم إذا أراد الدعاء بعد الصّلاة أن يُراعي بعض الأعمال فيقوم بها، ومن ذلك ما يلي:[10]

المراجع

  1. ↑ سورة البقرة، آية: 186.
  2. ↑ جمال الدين، محمد طاهر بن علي الصديقي الهندي الفَتَّنِي الكجراتي (1968)، مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار (الطبعة الثالثة)، الهند: مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، صفحة 344، جزء 3.
  3. ↑ عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 160، جزء 1.
  4. ↑ محمد عميم الإحسان المجددي البركتي (2003)، التعريفات الفقهية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 130. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت "الدعاء بعد المكتوبة على ضوء السنة المطهرة"، مجلة البحوث الإسلامية، 1423، العدد 65، المجلد 65، صفحة 294-319. بتصرّف.
  6. ↑ "حكم رفع اليدين بالدعاء بعد الصلاة"، إسلام ويب، 23-8-2000، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2017. بتصرّف.
  7. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، الصفحة أو الرقم: 592.
  8. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن أبي أوفى، الصفحة أو الرقم: 479.
  9. ↑ رواه الوادعي، في الشفاعة، عن عثمان بن حنيف، الصفحة أو الرقم: 187، صحيح.
  10. ^ أ ب ت زين الدين بن إبراهيم بن محمد، المعروف بابن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتاب الإسلامي، صفحة 56، جزء 2. بتصرّف.
  11. ↑ سليمان بن محمد بن عمر البُجَيْرَمِيّ (1995)، حاشية البجيرمي على الخطيب، بيروت: دار الفكر، صفحة 428، جزء 1. بتصرّف.