بحث عن بعثة رسول طب 21 الشاملة

بحث عن بعثة رسول طب 21 الشاملة

مفهوم البعثة

أحداث البعثة

اهتمّ العلماء بسيرة النبي وبالأحداث التي مرّ بها في حياته، ومن هذه الأحداث بدء نزول الوحي عليه، وكان ذلك لمّا بلغ النبي -صلى الله عليه وسلم- الأربعين من عمره، وهو السن الذي يكون الإنسان فيه قد بلغ سن الكمال والرشد، وقد بدأت آثار النبوّة تظهر على النبي بالرؤيا الصادقة، فكان النبي لا يرى الرؤيا إلا وتتحقّق مثلما جاءت، وبقيت هذه الفترة مدة ستة أشهر، وبعد هذه الفترة نزل الوحي جبريل على النبي وأنزل عليه قرآناً وهو في غار حراء وكان عمره -صلّى الله عليه وسلم- حينها أربعين سنة قمرية، وستة أشهر، واثنا عشر يوماً.[1]

قال له جبريل -عليه السلام-: اقرأ، فقال النبي: ما أنا بِقارئ، وكرّرها على النبي ثلاث مرات، وبعدها قال له: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)،[2] فرجع النبي إلى زوجته خديجة خائفاً مرتجفاً، وأخبرها بما رأى وشاهد في غار حراء، ورؤيته لجبريل، فقالت له: "كلا والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتُعين على نوائب الدهر"، ومدحته بصفات كثيرة وطمأنته، وذهبت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل لتُخبره بما حصل مع النبي؛ لأنه كان نصرانياً وعنده علم بالكتب السابقة، فقال لها: إن كان حقاً ما قلتِ فهو الناموس الأكبر الذي نزل على موسى، وإنه نبي هذه الأمة، وبعد فترة من هذا الحدث تأخّر نزول الوحي على النبي فاغتمّ لذلك وبقي ينتظر الوحي، وبقي النبي على هذه الحالة مدة طويلة، وبعد ذلك رآه جالساً على كُرسيٍ بين السماء والأرض وبشّره بالنبوة، فخاف النبي من رؤيته ورجع إلى خديجة وهو يقول: زمّلوني، دثّروني، فأنزل الله عليه قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ)،[3] فكانت الآية نداءً للنبي أن يقوم لدعوة الناس إلى الإسلام.[4][5]

ولمّا بدأ النبي بدعوته كان أول من أسلم معه زوجته خديجة، فصدّقته بما جاء به من ربّه، وناصرته لتُخفّف عنه ما يلاقيه وما يكرهه ممن رفضوا دعوته وكذبوا بها، ثم أسلم أبو بكر وحمل همّ الدعوة مع النبي وسخّر كل ما يملك لخدمة الدين والنبي، ثم أسلم علي بن أبي طالب وكان عمره عشر سنين، ثم أسلم زيد بن حارثة، فأسلم معه عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، فكان هؤلاء الثمانية من السابقين إلى الإسلام والتصديق بالنبي.[4]

الدعوة السرية

بدأ النبي دعوته في مكة المكرمة، وقد مرّت الدعوة فيها بمرحلتين، الأولى: المرحلة السرّية، والثانية: المرحلة الجهرية، وكان لكل مرحلةٍ ظروفها الخاصة بها، ولكن في كلا المرحلتين واجهت الدعوة الكثير من المعاداة والمعارضة من المشركين للإسلام، فأما المرحلة السرّية فكانت مقتصرةً على أهل بيت النبي، بالإضافة إلى كل من توسّم النبي فيه الخير، فكان النبي يأخذهم إلى دار الأرقم؛ ليعلّمهم القرآن، ويخبرهم بِما ينزل عليه من الوحي؛ ليكونوا على اطّلاع بكل الأوامر الربانية، ولتعليم الناس المقاصد الربانية في بناء المجتمع، فانتشر الإسلام في مكة وخارجها، وكان الغاية من السرية في هذه المرحلة من مبدأ الأخذ بالأسباب لأجل ألا يعرّضوا أنفسهم للمواجهة مع قريش وهم قلّة مُستضعفة، ومن باب التدرّج في الدعوة والبدء بالأقرب والأهم، واستمرّت المرحلة السرية قرابة الثلاث سنوات، حتى أمر الله نبيّه بالجهر بها،[6] وكان عدد الذين أسلموا مع النبي في هذه المرحلة أربعين رجلاً وامرأة واحدة، وكان معظمهم من الفقراء والمستضعفين.[7]

الدعوة الجهرية

أمر الله نبيّه بالجهر بالدعوة بعد أن كان من الصعب على المشركين القضاء على الإسلام، خاصة أن غالبية الذين أسلموا من قبائل مختلفة، وأن معظمهم من أشراف القوم، ففي بداية هذه المرحلة جاء الأمر من الله للنبي بإيصال هذا الدين إلى أقربائه، لقوله تعالى: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)،[8] وليكون أيضاً نوعاً من التدرّج في تبليغ رسالة الإسلام، وليكونوا معه ويحموه من باقي عشائر قريش، ثم جاءت الأوامر للنبي بتوسيع دعوته لتشمل قريش بكل عشائرها، فصعد النبي على جبل الصفا ونادى على كل بطون عشيرته ليخبرهم بأنه نبي، وقالَ: (أرَأَيْتَكُمْ لو أخْبَرْتُكُمْ أنَّ خَيْلًا بالوَادِي تُرِيدُ أنْ تُغِيرَ علَيْكُم، أكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قالوا: نَعَمْ، ما جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إلَّا صِدْقًا، قالَ: فإنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ فَقالَ أبو لَهَبٍ: تَبًّا لكَ سَائِرَ اليَومِ، ألِهذا جَمَعْتَنَا؟ فَنَزَلَتْ: (تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ وتَبَّ ما أغْنَى عنْه مَالُهُ وما كَسَبَ))،[9] وأما عمّه أبو طالب فقد وقف معه وسانده في دعوته على الرغم من أنه لم يُؤمن، وترافق مع الأمر بالجهر بالدعوة الأمر بعدم التعرّض للمشركين بالقتال أو الصدام؛ كي لا يتم استئصال الدعوة وهي في بدايتها، قال تعالى: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ).[10][11]

مفهوم الوحي

يبلّغ الله أنبياءه رسالته وأوامره عبر طرقٍ عديدةٍ ذُكرت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ويمكن حصرها بثلاث طرقٍ ذكرها الله تعالى في قوله: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّـهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ)،[12]وهي:

علامات نبوة النبي قبل وبعد البعثة

يمهّد الله تعالى لنبيه وللناس من حوله مسألة بعثته بعدّة مبشّرات أو معجزات تؤذن بقرب النبوّة إن كانت قبل البعثة، أو تدلّ على صدق النبي إن كانت بعد بعثته، ومن هذه العلامات:

علامات النبوة قبل البعثة

أرسل الله نبيّه محمد بعد انقطاع الرُسل لفترةٍ مؤقّتة، انتشر فيها الشرك، والخرافة، والجهل، فأنار الله بدعوته القلوب والعقول، ولكن قبل مبعث النبي كانت هناك علامات ودلائل تشير إلى نبوّته وتسمى بالإرهاصات، منها:[17][18]

علامات النبوة بعد البعثة

إن العلامات التي ظهرت على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد بعثته كثيرة، وتُسمّى بالمُعجزات، منها:

المراجع

  1. ↑ صفي الرحمن المباركفوري (1427)، الرحيق المختوم (الطبعة الأولى)، دمشق: دار العصماء، صفحة 23. بتصرّف.
  2. ↑ سورة العلق، آية: 1-5.
  3. ↑ سورة المدثر، آية: 1-3.
  4. ^ أ ب عبد السلام هارون (1985)، تهذيب سيرة ابن هشام (الطبعة الرابعة عشر)، الكويت: دار البحوث العلمية، صفحة 52-54. بتصرّف.
  5. ↑ أبي الفداء إسماعيل بن كثير (1966)، الفُصول في سيرة الرسول (الطبعة الأولى)، دمشق: مؤسسة علوم القرآن، صفحة 96. بتصرّف.
  6. ↑ كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في السودان (2013)، المؤتمر الدولي الأول للسيرة النبوية، صفحة 13/14.
  7. ↑ محّمد سَعيد رَمضان البوطي (1426)، فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة (الطبعة الخامسة والعشرون)، دمشق: دار الفكر، صفحة 72. بتصرّف.
  8. ↑ سورة الشعراء، آية: 214.
  9. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 4770، صحيح.
  10. ↑ سورة الحجر، آية: 94.
  11. ↑ راغب السرجاني (21/4/2010)، "الدعوة الجهرية في مكة"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 21/11/2019. بتصرّف.
  12. ↑ سورة الشورى، آية: 51.
  13. ↑ زين الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي (1999)، مختار الصحاح (الطبعة الخامسة)، بيروت - صيدا: المكتبة العصرية - الدار النموذجية، صفحة 334.
  14. ↑ بليل عبدالكريم (2/11/2009)، "مفهوم الوحي"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25/11/2019.
  15. ↑ سورة النساء، آية: 164.
  16. ↑ راجح عبد الحميد الكُردي (1992)، نظرية المعرفة بين القرآن والفلسفة (الطبعة الأولى)، الرياض: المؤيد، صفحة 747-752.
  17. ↑ "دلائل النبوة قبل البعثة "، ar.islamway.net، 2017-04-18 ، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2019. بتصرّف.
  18. ↑ باسم القضاة (22-02-2011)، " الإرهاصات التي سبقت بعثة النبي"، دائرة الافتاء الأردنية، اطّلع عليه بتاريخ 19-12-2019.
  19. ↑ منقذ بن محمود السقار، "دلائل النبوة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 27-11-2019. بتصرّف.
  20. ↑ محمد بن عبدالسلام (9/3/2013)، "القرآن معجزة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العظمى الخالدة "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-11-2019.
  21. ^ أ ب ت ث ابن خليفة عليوي (1991)، معجزات النبي المُختار من صحيح الأخبار (الطبعة الأولى)، بيروت- لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 60-161. بتصرّف.
  22. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 3579 ، صحيح.