بحث عن تدوين السنة النبوية
أهمية السنة النبوية
تجلت مهمة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في البيان والتبليغ، ففي حين كان القرآن الكريم المصدر الأول في تشكيل عقيدة المسلم وثقافته، جاءت السنّة النبويّة كمصدرٍ ثاني تُركّز على الجانب العملي في حياة المسلمين، فالمسلم لا يستغني بالقرآن الكريم عن سنّة النبيّ الكريم، فالسنّة فسرت كثيراً مما أبهمه القرآن، وخصصت كثيراً مما عممه القرآن، وفصّلت بعض مجمله، وقيّدت قضايا جاءت في القرآن على إطلاقها، فهي حجّةٌ ومصدرٌ أساسيٌّ من مصادر التشريع الإسلامي بما اشتملت عليه من سنّة قولية، وسنّة فعلية، وسنّة تقريرية.[1]
أسباب تأخر تدوين السنة النبوية
تأخّر تدوين السنّة النبويّة المطهرة كان لعدة أسباب، منها:[2]
- انشغال الصحابة -رضوان الله عليهم- بكتابة آيات القرآن الكريم في العهد النبوي، فقد تنزّل القرآن الكريم بعد بعثة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على مدار ثلاثة وعشرين سنة، اتخذ خلالها النبي الكريم كتّاباً للوحي من أصحابه الكرام، يكتبون بأمره كل ما يتنزّل من سور القرآن وآياته، ولا شك بأنّ كتابة أقوال النبيّ وأفعاله جميعها كانت تتطلّب مشقّةً وتفرغاً، بالإضافة إلى أنّ قليلاً من الصحابة من كان يتقن الكتابة حينها.
- الخوف من حدوث لَبسٍ من قبل عامّة المسلمين بين القرآن والحديث النبويّ، فقد نهى النبي الكريم أصحابه من أن يكتبوا شيئاً سوى القرآن الكريم، وأن يمحوا كل ما كتبوه عنه، وقد تجلّت الحكمة في تلك المرحلة أن ينكب الصحابة على حفظ كتاب الله ودراسته، ولو أمروا بكتابة السنة والحديث معه لأدّى ذلك إلى كثير من المشقة عليهم، وخاصة أن وقائع السنّة النبويّة كثيرة ومتشعّبة.
مراحل تدوين السنة النبوية
مرّ تدوين السنّة النبويّة بمرحلتين أساسيتين، كالآتي:[3]
- المرحلة الأولى: بدأت هذه المرحلة حينما اجتهد بعض الصحابة ومنهم عبد الله بن عمرو بن العاص، بكتابة كل ما يسمعه من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحينما نهاه بعض الناس عن ذلك، أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- بالاستمرار في الكتابة، باعتبار أن كل ما يصدر عن النبيّ الكريم هو حق، وفي عهد الخلفاء الراشدين لم يتّخذ أي منهم قراراً بجمع السنّة النبويّة، حتى جاء عصر الخلفاء الأمويّين وتحديداً في نهاية القرن الأول الهجري، فأمر الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز بتدوين السنّة النبويّة؛ حتى يطلع المسلمون عليها في ظل عدة متغيرات، حيث اتسعت الدولة الإسلامية وظهرت الفِرق والمذاهب الإسلامية، وقد تصدّى علماء الأمّة لهذه المهمة الجليلة فدوّنوا السنّة في دواوين مخصوصة، وعلى رأسهم: الإمام محمد بن شهاب الزهري.
- المرحلة الثانية: بدأت في القرن الثاني الهجري حيث أصبح لعلماء الحديث كتبهم المستقلة عن علوم الدين الأخرى، من فقهٍ وتفسيرٍ وغير ذلك، كما أصبح لهم منهجهم الواضح في تصنيف الأحاديث، وظهرت في تلك الفترة السُّنن، والمسانيد، والمُصنّفات، والجوامع.
فوائد التمسك بالسنة النبوية
تتجلّى أهمية التمسك بالسنّة النبويّة في كونها سبباً للنجاة، ووقايةً من الوقوع في الضلال، وقد شبه الإمام مالك السنّة النبويّة بسفينة نوح؛ فمن ركبها نجى ومن أبى هلك، وإنّ التمسك بالسنّة النبويّة لهو دليلٌ على كمال المحبة لرسول الله عليه الصلاة والسلام، فكم من إنسان يدّعي حب النبي الكريم وتراه يعمل أعمالاً تغضب النبيّ وتخالف سنته، فالمحبة ليست ادّعاء وعاطفة وحسب، كما إنّ السنّة النبويّة سبيلاً يؤدي إلى نيل محبة الله -تعالى- ورضوانه، قال تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ ).[4][5]
أهم كتب السنة النبوية
اشتهر من بين كتب السنة النبوية الكثيرة ستة كتب، هي: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وكذلك سنن أبي داود، وابن ماجة، والنسائي، والترمذي، كما اشتهر من كتب السنة سنن الدارمي، ومسند الإمام أحمد، وموطّأ الإمام مالك.[6]
المراجع
- ↑ أ. د. مصطفى مسلم (16-6-2014)، "أهمية السنة النبوية في حياة المسلمين"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-2-2019. بتصرّف.
- ↑ "تدوين السنة النبوية (1-2)"، إسلام ويب، 2003-7-26، اطّلع عليه بتاريخ 2019-1-15. بتصرّف.
- ↑ أ. د. مصطفى مسلم (2014-7-7)، "تدوين السنة النبوية "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-1-15. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 31.
- ↑ "أهمية التمسك بالسنة"، www.fatwa.islamweb.net، 3-8-2008، اطّلع عليه بتاريخ 3-2-2019. بتصرّف.
- ↑ "كتب الحديث المعروفة المشهورة"، www.binbaz.org.sa ، اطّلع عليه بتاريخ 2019-1-15. بتصرّف.