-

بحث عن تدوين الحديث

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

مفهوم التدوين والحديث النبوي

يُشير التدوين في اللغة إلى جمع المتفرق والمتشتت في ديوان، أمّا في اصطلاح أهل العلم فهو التصنيف والتأليف، وبالتالي فإن تدوين الحديث يُقصد به التصنيف والكتابة فيما نُقل عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من أقوال أو أفعال أو تقارير.[1] ويُعرف الحديث النبوي أنّه كل ما أُضيف إلى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة خَلقية، أو خُلقية.[2]

مراحل تدوين الحديث

مرّ تدوين الحديث النبوي على مرحلتين كالآتي:[3]

  • المرحلة الأولى: كان الصحابة حريصين غاية الحرص على حفظ كل ما يقوله النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ويُرشدهم إليه وتطبيقه مباشرة، وحرصاً منه -صلّى الله عليه وسلّم- على ألا يختلط القرآن بغيره فقد نهى الصحابة في بادئ الأمر عن كتابة الأحاديث وتدوينها، وأذن في أحوال خاصة ولصحابة معينين أن يكتبوا، مثل: عبد الله بن عمرو بن العاص، وعلي بن أبي طالب الذي دوّن بعض أحكام الإسلام. وفي عهد الخلفاء الراشدين بقي الحال على حاله، فكانت السنة منتشرة بين الرجال لكنها لم تُجمع، ولمّا اتسعت رقعة الدولة الإسلامية شرقاً وغرباً، واحتاج الناس للاطلاع على هدي النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وسنّته، ووجدت الفِرق المختلفة والأهواء المتنازعة ظهرت حاجة ملحّة لتدوين السنّة، فأمر الخليفة عمر بن عبد العزيز بتدوينها، فجُمعت السنن المختلفة في التفسير والسير والعبادات والمعاملات والأقضية، وكان على رأس هؤلاء العلماء محمد بن شهاب الزهري.
  • المرحلة الثانية: في هذه المرحلة التي بدأت مع مطلع القرن الثاني الهجري، بدأ التخصص في كتابة العلوم وأصبحت كتب السنة تكتب بشكل مستقل عن كتب الغزوات والتفسير والفقه، ووضع أئمة الحديث مناهج مختلفة في تدوين السنة النبويّة بحسب اجتهادهم وقرائحهم.

أهم دواوين السنة عند المسلمين

اختلفت طرائق العلماء في تدوين السنة النبوية، وأشهر هذه الطرق تصنيفها كالآتي:[4]

  • كتب الحديث الصحيح وحده: ومن أشهر الكتب على هذا المنهج: صحيح البخاري ومسلم.
  • كتب الحديث الصحيح والحسن والضعيف: ومن أشهر الكتب في ذلك: كتب السنن الأربعة ومسند أحمد.
  • كتب الحديث الضعيف والموضوع: فمنهم من صنّف في بيان الضعفاء مثل: كتاب الضعفاء لابن حبان، ومنهم من صنّف في أنواع معينة من الضعيف خاصّة، كالمُرسل والموضوع ونحوه، مثل: المراسيل لأبي داود والموضوعات لابن الجوزي.

أشهر العلماء الذين دوّنوا السنن

بذل كثير من علماء المسلمين جهوداً جبارة في جمع سنّة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وتدوينها، ومن أشهر هؤلاء الأئمة الأعلام:[5]

  • أبو عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَردِزبَة البخاري: ولد في بخارى عام 194هـ، نشأ فيها يتيماً، وحفظ الكثير من الأحاديث قبل أن يبلغ العاشرة، ثم ارتحل من مدينته بخارى وقام برحلة إلى مدن مختلفة في العالم الإسلامي لجمع الحديث النبوي وتدوينه، فالتقى وسمع من ألف شيخ، وجمع ما يقرب من ستين ألف حديث، ثم انتقى من هذه الأحاديث أصح الصحيح ودوّنها في كتابه: الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وسننه وأيامه، ونفاه أمير بخارى بعد أن رفض القدوم لتعليم أبنائه، فنزل في مدينة خرتنك بالقرب من سمرقند، وتوفي عام 256هـ عن اثنين وستين عاماً.
  • أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري: ولد في مدينة نيسابور عام 204هـ، وطلب فيها العلم، ثم في سن الشباب ارتحل للعراق والحجاز ليكمل رحلته في طلب الحديث، وصنّف كتابه في الحديث خلال خمسة عشر عاماً، وهو أصح كتب الحديث بعد صحيح البخاري، وتوفي في مدينة نصر أباد عام 261هـ عن سبعة وخمسين عاماً.
  • أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني: أحد أئمة الحديث الكبار، ولد عام 202هـ، ارتحل إلى بلدان كثيرة لسماع الحديث، مثل: الحجاز، والعراق، ومصر، وتعلم الفقه على يد الإمام أحمد بن حنبل، دوّن كتابه السنن وفيه خمسة آلاف وثلاثمئة حديث تقريباً، وتوفي عام 275هـ.
  • أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي: ولد عام 209هـ في مدينة ترمذ من بلاد ما وراء النهر، طاف في العديد من المدن الإسلامية طالباً للحديث، مثل: العراق، وخراسان، والحجاز، ومن شيوخه: أحمد بن حنبل، وأبو داود، صنّف كتابه الجامع في الحديث النبوي وأكثره في الأحاديث الفقهية، وذكر فيه العديد من مسائل العلل وحكم فيه على الأحاديث التي أوردها، وهو أحد الكتب الستة المعتمدة عند العلماء، أُصيب بالعمى في آخر عمره، وتوفي عام 279هـ عن سبعين عاماً.
  • أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي: ولد عام 215هـ في مدينة نسا وهي من مدن خراسان، كان عالماً كبيراً في الجرح والتعديل، وسكن مصر، وفيها انتشر علمه، ثم انتقل إلى دمشق، وتوفي عام 303هـ.
  • أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني: ولد عام 209هـ في قزوين، كان أبوه يلقب بماجه فسُمّي: ابن ماجه، ارتحل إلى مدن عديدة، مثل: البصرة، والكوفة، والعراق، ومصر، ونحوها، وصنّف كتباً عديدة، منها: كتاباً في التفسير، وكتاباً في التاريخ، وكتابه السنن، وتوفي عام 273هـ عن أربع وستين عاماً.

المراجع

  1. ↑ محمد الزهراني (1996)، تدوين السنة نشأته وتطوره من القرن الأول إلى نهاية القرن التاسع الهجري (الطبعة الأولى)، الرياض: دار الهجرة ، صفحة 1. بتصرّف.
  2. ↑ طه الساكت (2014-3-16)، "في معنى الحديث لغةً واصطلاحاً وما يتصل به"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-1-28. بتصرّف.
  3. ↑ مصطفى مسلم (2014-7-7)، "تدوين السنة النبوية "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-1-21. بتصرّف.
  4. ↑ "كتب مصنفة في الأحاديث الصحيحة والحسنة والموضوعة "، www.fatwa.islamweb.net، 2012-10-17، اطّلع عليه بتاريخ 2019-1-20. بتصرّف.
  5. ↑ "أصحاب الكتب الستة"، www.islamqa.info، 2002-5-21، اطّلع عليه بتاريخ 2019-1-20. بتصرّف.