-

بحث عن دور المسنين

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

دور رعاية المسنين

تُعَدّ فئة المُسِنّين جُزءاً لا يتجزّأ من المجتمعات الإنسانيّة جميعها، إذ إنّ تقدُّم الإنسان في السنّ أمر طبيعيّ، وهو امتدادٌ لمسيرة حياته بما فيها من مِحَن، وتضحيات، وانتكاسات؛ ولهذا كان لهذه الفئة حقوق في مختلف الثقافات، والحضارات؛ إذ كان للجمعيّة العامّة للأُمَم المُتَّحِدة دور مُهمّ في تحديد مبادئ العناية المُثلى بكبار السن، كما أنّها عَمَدت إلى تحفيز الحكومات لتكون هذه المبادئ ضمن خططها الوطنيّة، وقد خُصّت فئة كبار السنّ بعناية خاصّة في الدين الإسلاميّ أيضاً، سواءً كان ذلك في فِكره، أو تشريعاته، حيث إنّ هذه القضية تحتاج إلى تعاوُن الناس، وتكافُلهم، وتضامُنهم مع بعضهم البعض، وقد ظهرت دور رعاية المُسِنّين في المجتمع بشكل مُستحدَث، وهي عبارة عن دُورٍ تختصُّ بإيواء فئة الكبار في السنّ، فمنهم من أصابه العَجز، أو المرض، ومنهم من أصابته الشيخوخة، ولم يجدوا مكاناً يَقطنون به، فلجؤوا إلى دُور الرعاية.[1][2]

مبادئ التعامُل مع المُسِنّين

وضعَت الجمعيّة العامّة للأُمَم المُتَّحِدة عدداً من المبادئ التي اعتمدَتها؛ من أجل التعامّل مع الكبار في السنّ، وتتمثّل تلك المبادئ بما يأتي:[2]

مبدأ الاستقلاليّة

يتمثّل هذا المبدأ بالعديد من النقاط، وهي كما يأتي:[2]

  • الحصول على القدر الكافي من الماء، والغذاء، والملابس، ومكانٍ للعيش، والعناية الصحّية.
  • إتاحة فُرَص العمل للمُسِنّين؛ لضمان مدخول مادّي لهم.
  • إتاحة الفُرَص للمُسِنّين؛ للمشاركة في البرامج التعليميّة، والتدريبيّة.
  • ضمان عَيش المُسِنّين في بيئة آمنة.
  • إتاحة الفرصة للمُسِنّين للعَيش في منازلهم، ولأطول مدّة زمنيّة.

مبدأ المشاركة

يعتمد مبدأ المشاركة على ثلاث نقاط تتمثّل بما يأتي:[2]

  • استمراريّة اندماج المُسِنّين في مجتمعهم، ومشاركتهم في النشاطات التي تساعد على ترفيههم، إضافة إلى مشاركتهم في النشاطات التي تساعد على إعطاء خبراتهم للأجيال الشابّة.
  • إتاحة فُرَص خدمة المجتمع للمُسنّين، وذلك من خلال تطوُّعهم بإنجاز الأعمال التي تتناسب مع قدراتهم.
  • تشجيع المُسنّين على تشكيل تجمُّعات أو رابطات خاصّة بهم.

مبدأ الرعاية

يعتمد مبدأ رعاية المُسنّين على العديد من النقاط، والتي تتمثل بما يأتي:[2]

  • أن يحصل المُسنّون على الرعاية، والحماية من عائلاتهم، ومن مجتمعهم، وأن تكون تلك الرعاية وِفقاً للأعراف، والقِيَم الخاصة بالمجتمع.
  • أن يتمكَّن المُسنّون من الحصول على الرعاية الصحّية المناسبة، وأن يتمكَّنوا من الحصول على الرعاية التي تكفلُ حصولهم على المستوى الذهنيّ، والعاطفيّ، والجسديّ المثاليّ لهم، مع الحرص على حمايتهم من الإصابة بالأمراض.
  • أن ينتفع المُسنّون من الرعاية داخل مُؤسَّساتهم التي تؤهِّلهم، وتحميهم، وتحفِّزهم ذهنيّاً.
  • أن يتمتَّع المُسنّون بالحرّية، وحقوق الإنسان، عند إقامتهم في دُورِ المُسنّين بهدف الحياة، أو العلاج، وتأمين الكرامة، والاحترام لهم، والاحتياجات الخاصّة بهم.

مبدأ تحقيق الذات

يعتمد مبدأ تحقيق الذات على عاملَين، يتمثّلان بما يأتي:[2]

  • أن يتمّ تقديم فُرَص التنمية التامّة لإمكانيّات المُسنّين، وذلك تِبعاً لإمكانيّاتهم.
  • أن يتمكَّن المُسنّون من الاستفادة من الموارد المجتمعيّة، والتي تتمثّل بالموارد الروحيّة، والثقافيّة، والترويجيّة، والتعليميّة.

مبدأ الكرامة

يعتمد مبدأ كرامة المُسنّين على عاملين، هما:[2]

  • إتاحة فرصة العيش بكرامة وأمن للمُسنّين، دون أن يتعرَّضوا للاستغلال، أو لسوء المعاملة.
  • أن تتمَّ معاملة المُسنّين بعدالة، بغضّ النظر عن أعراقهم، أو أعمارهم، أو أجناسهم، أو حتى حالاتهم الصحّية.

أُسُس رعاية المُسنّين في الإسلام

كرَّم الإسلام الإنسان، وخصَّ فئة المُسنّين بالاهتمام، والرعاية، مع ضرورة احترامهم، وتوقيرهم، فقد قال الرسول -صلّى الله عليه وسلم-: (ليسَ منَّا من لم يرحَم صغيرَنا، ويعرِفْ شرفَ كبيرِنا)،[3] وتستند رعاية المُسنّين في الإسلام إلى العديد من الأُسُس، التي تتمثّل بما يأتي:[4]

  • تكريم الإسلام للإنسان، واحترامه لمكانته، قال الله -عزّ وجلّ-:( وَلَقَد كَرَّمنا بَني آدَمَ وَحَمَلناهُم فِي البَرِّ وَالبَحرِ وَرَزَقناهُم مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلناهُم عَلى كَثيرٍ مِمَّن خَلَقنا تَفضيلًا ).[5]
  • اتّصاف المجتمع الإسلاميّ بالرحمة، والمودّة، حيث شبّه المؤمنين بأنّهم مثل الجسد الواحد، والدليل قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم ، مَثلُ الجسدِ . إذا اشتكَى منه عضوٌ ، تداعَى له سائرُ الجسدِ بالسَّهرِ والحُمَّى).[6]
  • اعتبار أنّ الإحسان إلى فئة المُسنّين هو أحد الأسباب التي تُيسِّر لمَن يرعاهم عدداً من الأشخاص الذين سيهتمّون برعايتهم عندما يكبرون في السنّ، والدليل قوله تعالى:(جَزَاءً وِفَاقًا).[7]
  • اعتبار أنّه من الخير للإنسان أن يكبر في السنّ كما ورد في بعض الأحاديث؛ فقد قال أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (لا يتمنَّى أحدُكم الموتَ، ولا يَدْعُ به مِن قَبلِ أن يأتيَه، إنَّه إذا مات أحَدُكم انقَطَع عمَلُه، وإنَّه لا يَزيدُ المؤمِنَ عُمرُه إلَّا خيرًا).[8]

حكم وَضْع الوالِدَين في دُور المُسنّين

عظَّم الله -عزّ وجلّ- مكانة الوالدين، وقرَنَ رضاهم بأعظم الحقوق في الإسلام، وحثّ على الإحسان إليهم، وعدم إيذائهم بأيّ قول، أو فِعل، والدليل على ذلك قوله تعالى:(وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)،[9] ولهذا فإنّ الإسلام لم يُجِز وَضْع الأب، أو الأم، أو كليهما في دُور رعاية المُسنّين، إلّا بعد الحصول على الإذن منه، وألّا يكون سبب إذن الوالدَين وموافقتهم على هذا هو المعامَلة السيّئة التي يتلقَّونها من أبنائهم؛ لأنّ إذنهم في هذه الحالة لن يُجدي نَفعاً، ولكن يُباح ذلك في حال كان هناك عُذر للابن يوافقُ عليه الوالدان، ولا يتمّ ذلك إلّا بعد أَخْذ إذنهما، وبعد التأكُّد من أنّ الدار التي سيتمّ وَضْع الوالدين فيها ستقدّم الرعاية التامّة واللائقة بمقامهما، ومن هذه الأعذار مثلاً سَفَر الابن وعدم قُدرته على تَرْك أحد والديه دون رعاية.[10]

المراجع

  1. ↑ د.محمد بنعلي (17/2/2016)، "دار العجزة بديار الإسلام: البدائل والحلول"، http://www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12/6/2018. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ "مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بكبار السن"، www.un.org، اطّلع عليه بتاريخ 12/6/2018. بتصرّف.
  3. ↑ رواه النووي، في تحقيق رياض الصالحين، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم: 173، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
  4. ↑ "رعاية كبار السن"، www.articles.islamweb.net، 25/8/2011، اطّلع عليه بتاريخ 12/6/2018. بتصرّف.
  5. ↑ سورة الإسراء، آية: 70.
  6. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 2586، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
  7. ↑ سورة النبأ، آية: 26.
  8. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2682، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
  9. ↑ سورة الإسراء، آية: 23-24.
  10. ↑ "حكم وضع الوالدين في دور المسنين"، www.fatwa.islamweb.net، 12/8/2008، اطّلع عليه بتاريخ 12/6/2018. بتصرّف.