تعتبر التربية الإسلامية إحدى فروع العلوم التربوية التي تركز على إعداد وتربية الإنسان إعداداً يشتمل على جميع جوانب حياته، ووفق منظور ومرجعية القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وعلى الرغم من عدم ورود مصطلح التربية الإسلامية في تراثنا القديم، إلا أنّ كثيراً من الصطلحات التي ذكرت في القرآن والسنة، أو جاءت في كتب التربويين قديماً تشير إلى المعنى المقصود من هذا المصطلح، وخلاصة هذه المصطلحات تدور حول تنشئة، ورعاية النفس البشرية، وإعدادها، والعمل على تزكيتها وإصلاحها وتهذيبها، وتقديم الإرشاد والنصح لها، والعمل على تنمية تلك النفس وتعليمها، وبما يحقق التكيف المطلوب، والتفاعل الإيجابي لتلك النفس الإنسانية مع محيطها وبيئتها.[1]
من خصائص التربية الإسلامية نذكر:[2]
تعتبر أحد خصائص التربية الإسلامية والقرآنية الربانية، فالله سبحانه وتعالى أعلم بمفاتيح فطرة الإنسان، وما يكون فيه العلاج والدواء له، لأنّه سبحانه هو الصانع الذي يعلم ما صنع وخلق، وهذه الربانية تشتمل على أمران هما ربانية المصدر، وربانية الغاية، قال تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارا).[3]
الشمولية في التربية الإسلامية تعني أنّها تتطرق إلى حياة المسلم الخاصة والعامة، كما تتعلق بحياته الدنيوية والأخروية، وهي كذلك تشمل علاقة الأفراد بعضهم في المجتمع، وعلاقتهم هذا المجتمع مع غيره من المجتمعات.
التربية الإسلامية تعالج جميع جوانب حياة الإنسان الأخلاقية، والاقتصادية، والسياسية، كما تتطرق التربية الإسلامية إلى جوانب العقيدة، والعبادة، والسلوك الفردي والاجتماعي.
معنى الوسطية في التربية الإسلامية القسط والاعتدال، فلا تفريط ولا مغالاة، كما راعت التربية الإسلامية جميع متطلبات الإنسان وحاجاته الجسدية والروحية بشكل متوازن بدون أن تطغى حاجة على أخرى، فالتربية الإسلامية على سبيل المثال نهت عن البخل لأنّه تقصير في حق النفس والآخرين، وفي نفس الوقت نهت عن التبذير لأنّه تقصير في الانفاق، قال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا).[4]
تشمل التربية الإسلامية تنظر إلى البشر على أنّهم مختلفين، متنوعين في صفاتهم، فالإسلام يدرك ضعف الإنسان أمام المغريات والتكاليف، وحدود طاقاته وإمكاناته، فلا يفرض عليه تكاليف تثقل كاهله، أويعجز عن أدائها، وهذا ما يقصد بالواقعية.
التربية في الإسلام لها منهج واضح لا يدخله إبهام أو غموض، أو يعتريه شك أو نقص، فالأوامر والنواهي، والمواعظ والتوجيهات واضحة جلية لا لبس فيها، قال تعالى: (وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).[5]
حتّى تأتي التربية الإسلامية ثمارها فإنّها تتدرج في التوجيه شيئاً فشيئاً، بدون أن يكون هناك عملية تحول مفاجئ في السلوك، ذلك أنّ طبيعة النفس البشرية تحتاج إلى التقديم والتقريب، كما أنّها تحتاج إلى التجريب والحث على التغيير، ومن الأمثلة على هذه الخاصية للتربية الإسلامية القرآنية مسألة تحريم الخمر، فقد كان العرب قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام يشربون الخمر ويحبونها، وبعد أن بعث النبي الكريم كان لا بد من تحريم هذه الآفة التي لها مفاسد كثيرة، ولكن الشريعة الإسلامية راعت عند تحريم الخمر تعلق النفوس بها، فلم يكن تحريم الخمر مرة واحدة، وإنّما كان على ثلاثة مراحل تتدرج مع الناس في تحريمها، فبدأت الآيات الكريمة بالحديث عن منافع الخمر وإثمها، مبينة أنّ آثامها أكبر من نفعها، ثمّ نهت الشريعة الإسلامية المسلمين أن يقربوا الصلاة وهم سكارى، ثمّ جاء التحريم النهائي والحاسم للخمر في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).[6]
من مقاصد التربية الإسلامية وأهدافها نذكر منها الآتي:[7]