تعدّ المعاهدات التي كان يجريها النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من أهم المعاهدات النبوية التي جرت، سواءً التي كانت في المدينة المنورة أم خارجها، بسبب اتساع رقعة الدولة الإسلامية وكثرة التعامل مع اليهود، فبعد إتمام بيعة العقبة الثانية وهجرة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المدينة المنورة كانت الغلبة والسيطرة لليهود، وكان كلٌّ الأوس والخزرج على علمٍ بقوة اليهود، وسيطرتهم على الوضع الاقتصادي والديني، فعزم الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- على إبرام معاهدةٍ مع اليهود، وكان من ضمنهم كلاً من بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة، فكانت المعاهدة التي أبرمها معهم الرسول -عليه الصلاة والسلام- تضمن لهم حقوقهم، وتبيّن لهم واجباتهم.[1]
تضمنت وثيقة المدينة التي أبرمها الرسول -عليه الصلاة والسلام- عدداً من الشروط والبنود، وفيما يأتي بيان بعضها:[2]
حقّقت وثيقة المدينة العديد من المبادئ التي لا بدّ منها في إقامة الدولة الإسلامية، منها: تحقيق المساواة بين الأفراد، ممّا يحقّق التعارف والتقارب بينهم، كما بيّن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ الملكية لها احترامها ومكانتها فلا يجوز الاعتداء على شيءٍ أو التصرّف فيه إلّا بالإذن من أصحابها والقائمين بها، كما حرص الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- على أهمية التعامل مع اليهود المحالفين بالمعروف والعدل، وعدم إلحاق الأذى بهم أوالتحريض عليهم، ممّا يدلّ على ثبات الأخلاق الإسلامية في الجانب السياسي للدولة.[3]