بحث عن ظاهرة التسول
تعريفُ التسوّل
تُعدّ ظاهرة التسوّل ظَاهرةً عالميّةً لا تختصُّ بوطنٍ بعينه، بل هي مُنتشرةٌ في كلّ بُلدان العالم الفقيرة والغنيّة، ويُعرَّفُ التّسول بأنّه طَلبُ الإنسانِ المالَ من الأشخاص في الطُّرق العامة، عبر استِخدام عدّة وَسائل لاستثارة شَفَقة الناس وَعطفهم.[1] ويُعدّ أحدَ أبرز الأمراض الاجتماعية المُنتشرة الذي لا يخلو منها مُجتمع حول العالم.[2]
يُعرّفُ الشّخصُ المتسوِّل بأنّه الشخص الذي يطلبُ من النّاس الإحسان، عبر مَدّ يده لهم وطلب الرزق سواءً أكان في المحلات أو الطّرق العامة،[1] فما أنواع التسوّل، وما أساليبه وأسبابه؟
أنواع التسوُّل
يُمكِن تقسيم أنواع التسوّل إلى عدّة أنواع، هي:
- تسوّلٌ مباشر: يُسمّى أيضاً بالتسوّل الظّاهر وهو التسوّل الصّريح الذي يطلبُ فيه المتسوّل المال،[1] ويتم عن طريق ارتداء ملابس ممزقّة ومتّسخة أو مدّ يده للمارة أو إظهارِ عاهةٍ مُعيّنة لديه، أو ترديد عباراتٍ مُعيّنة كعبارات الدّعاء التي تستثير عاطفة الناس أو الجمع بين أكثر من وسيلة منها.[3]
- تسوّل غير مباشر: يُسمّى أيضاً بالتسوّل غير الظّاهر أو المُقنّع، وهو أن يستتر المُتسوّل خلفَ خدمات رمزيّة يقدّمها للناس؛[1] كدَعوتهم لشِراء بعض السِّلع الخفيفة كالمناديل الورقية أو مُمارسة عمل خفيف كمسح زجاج السيّارات أو الأحذية وغيرها.[3]
- تسوّل إجباريّ: هو التسوّل الذي يُجبر فيه المتسوّل على ممارسة هذا الفعل كحالات إجبار الأطفال على ذلك.[1]
- تسوّل اختياريّ: هو التسوّل الذي لا يَكون فيه المتسوّل مضطرّاً لشيء سوى رغبته في كسب المال.[1]
- تسوّل موسميّ: هو التسوّل الذي يكونُ في المُناسبات والمواسم فقط كمواسم الأعياد وشهر رمضان.[1]
- تسوّل عارض: هو التسوّل الذي يكونُ طارئاً وعابِراً لحاجة ماسّة حلّت للشخص؛ كالشّخص الذي ضلّ طريقه أو أضاع أمواله في الغربة، حيثُ ينتهي هذا النّوع من التسوّل بانتهاء حاجة الشخص المُتسوّل.[1]
- تسول الشخص القادر: هو التسوّل الذي يُمارسه الشّخص المُقتدر على العمل والكسب، لكنّه يُحبّذ التسول.[1]
- تسوّل غير القادر: هو التسّول الذي يُمارسه الشّخص العاجز أو المريض والمتخلّف عقلياً؛ حيثُ يوضعُ في دور الرعاية المُخصّصة له حين القبض عليه.[1]
- تسوّل الجانح: هو التسّول الذي تُصاحبه أفعالٌ إجرامية كالسّرقة؛ حيثُ يُسهّل غطاء التسوّل على المتسوّل مُمارسة هذه الأفعال الإجرامية.[1]
أشكال التسوُّل
يَستخدمُ المُتسوّلون أشكالاً مُختلفةً للقيام بالتسوّل، ويتّخذون كثيراً من الطرق والحيل للحصولِ على المال ويتفنّنون في ذلك، ومن هذه الأشكال:[1]
- إظهارُ الحاجة الماسّة للناس عبر البكاء، كأن يَدّعي المتسوِّل أنّه عابرُ سبيل ضاع ماله أو نفد، فيطلب من الناس المساعدة.
- انتحالُ بعضِ الأمراض والعاهات غير الحقيقية عبر الخداع والتّمويه؛ كاستخدام المستحضرات التجميلية مثلاً لاستثارة عواطف الناس.
- طلبُ التّبرعات؛ لأجلِ مشروعٍ خيري كبناءِ المساجد أو المدارس ونحوها.
- ادّعاء الشخص إصابته بالخلل العقليّ عبر التلفّظ بعباراتٍ غير مفهومة أو التلويح بإشاراتٍ مُبهمة؛ لكسب شَفقة النّاس وأموالهم.
- اصطحاب الأطفال خاصّةً الأطفال الذين يُعانون من خللٍ أو إعاقة مُعيّنة إلى أماكن مُعيّنة يرتادها الناس بكثرة كالمساجد والأسواق؛ لكسب عواطف الرّحمة والعطف لدى الناس.
- استئجار أطفالٍ واستخدامهم كوسيلة للتسول مع دفع مقابلٍ لأسرة الطفل؛ حيثُ يقومون بعمل عاهات مُصطنعة للأطفال غالباً ما تكون باستخدام أطراف صناعية مشوّهة.
- استغلال مشاعر النّاس وعطفهم عبر إظهار وثائق رسميّة وصكوك غير حقيقيّة لحوادث وهميّة يَلزم دفعها كفواتير الماء والكهرباء، أو وصفات الأدوية.
أسباب التَّسوُّل
للتسوِّل أسباب عدّة، منها:[4]
- ازدياد الفقر وانتشاره ليشمل أعداداً أكبر في المُجتمعات.
- ازدياد نسب البطالة لدى الشّباب.
- ضعف التوكِّل على الله والثّقة برزقه؛ حيثُ ضمِن الله للكائنات جميعاً رزقها، قال تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)،[5] كما قال: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ* فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ).[6]
- تفضيلُ بعضِ النّاس الراحة والكسل على العمل والنشاط، ممّا يدعوهم للتسوّل باعتبارها حِرفةً مُريحة ومُجدية.
- تراجُع الدّور الاجتماعي بين النّاس في المُجتمع، وغيابُ الشّعور بالعدالة الاجتماعية.
- تشجيعُ بعضِ النّاس للمتسوّلين؛ إذ يغلبهم شعور الرأفة والعطف فيُعطون دون تردّد ظنّاً منهم أنّ ذلك تَطبيقٌ لقولِ الله تعالى: (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ)[7]
علاج ظاهرة التَّسوُّل
تَضعُ الدّول الكثير من الخُطط لمُجابهة آفة التسّول ومنع انتشارها؛ كونها قد تَزيد احتمالَ الجريمة في المُجتمع ممّا يتطلّب وجود وسائل علاجٍ مُجديةٍ وقوانين رادعة،[8] ومن هذه الوسائل:[9]
- إجراء الدّراسات الاجتماعية اللازمة للكشف عن الأسباب الحقيقيّة للمشكلة وأسباب انتشارها، وطرحُ توصياتٍ للحد منها.
- توعية المُجتمع بالمُشكلة وآثارها من خلال نشرِ برامج التّوعية حول التّسول وآثاره ومضاره سواءً عبر وسائل الإعلام أو عن طريق عقدِ ورشاتٍ توعويّةٍ لأفراد المجتمع، ليكون المُجتمع مُسانداً حقيقاً في عمليّة مكافحة الظّاهرة.
- دعمُ المراكز المتخصّصة بمُكافحة التسوّل عبر رفدها بعَددٍ مُناسبٍ من الموظّفين المؤهلين، وزيادة عدد هذه المراكز والسّعي لانتشارها في الأماكن التي تكثُر فيها الظّاهرة.
- وضعُ القوانين الرّادعة، وتطبيقها دون تراخٍ على من يقفُ خلفَ هذه المجموعات ويستغلُّها لتحقيق مكاسب شخصية.
- تفعيل دور الشّرطة وإشراكهم في عملية القبض على المتسوّلين.
- تشجيعُ قيمة التّكافل الاجتماعي ونشرها بين أفراد المجتمع، ليشعر النّاس بالمُحتاجين ويُقدّموا لهم العون كي لا يضطرّوا لطرق باب التسوّل، وذلك عبر تقديم التبرّعات من خلال جماعة المساجد ومجالس الحي.
- رفد الجمعيّات الخيرية ودعمها بالمساعدات النقدية والعينيّة لكِفاية المُحتاجين وإبعادهم عن التسوّل.
المراجع
- ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س السعيد الصمدي (21-8-2016)، "الإصلاح الاجتماعي في الإسلام ،"ظاهرة التسول نموذجاً""، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2017.
- ↑ مطلق بن سعود المطيري (20-4-2209)، "مقدمة في علم التسوّل ..!"، الرياض، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2017.
- ^ أ ب فاروق محمد العادلي (2006)، ظاهرة التسول، جامعة القاهرة: مركز البحوث والدراسات الاجتماعية، صفحة 14.
- ↑ صلاح نجيب الدق (5-12-2015)، "ظاهرة التسول: أسبابها وعلاجها"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2017.
- ↑ سورة هود، آية: 6.
- ↑ سورة الذاريات، آية: 22،23.
- ↑ سورة الضحى، آية: 10.
- ↑ "مكافحة التسول تتطلب تغليظ العقوبات"، الإمارات اليوم ، 30-8-2013، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2017.
- ↑ عبدالرحمن الفوزان (6-10-2004)، "ظاهرة التسول .. أساليب وحلول لأهل الاختصاص"، اليوم، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2017.