تعرّف الأحكام الشرعيّة عند علماء أصول الفقه بأنّها: خطاب الشريعة الإسلاميّة المرتبط بأفعال المكلّفين به، وينقسم إلى ثلاثة أوجهٍ، هي: وجه الاقتضاء والتخيير والوضع، والأثر المترتّب على الخطاب الشرعيّ من وجوبٍ أوغيره؛ هو الحكم الشرعي، وليس الخطاب ذاته.[1]
بناءً على هذا الفهم فإنّ الأحكام الشرعيّة في مجملها تنقسم إلى قسمين: الحكم التكليفيّ والحكم الوضعيّ، ويمكن إدراك المقصود من هذين القِسمين من خلال فهم أنّ مصطلح الاقتضاء الوارد في تعريف الحكم الشرعيّ يعني الطلب من المكلّف شرعاً، وسمّي بالتكليفيّ؛ لأنّه يحمل كُلفةً على فاعله، أمّا التخيير الوارد في التعريف فيُقصد به أنّ المرء مُخيّرٌ فيه بين الفعل أو الترك؛ فليس فيه خطاب أمرٍ أو نهيٍ، والحكم التكليفيّ والتخييريّ جملة ما يراد بأحكام الاقتضاء، أمّا الحكم الوضعي؛ فهو منبثقٌ من مصطلح الوضع الوارد في التعريف السابق، ويقصد به خطاب الشرع المتعلّق بجعل الشيء سبباً أو شرطاً أو مانعاً أو صحيحاً أو فاسداً، ولكلّ قسمٍ منها حالاتٌ وأحكامٌ وتفصيلاتٌ عند علماء الأصول.[1]
مصادر التشريع الإسلاميّ منها ما هو متّفقٌ عليه عند جماهير أهل العلم، ومنها ما هو مُختلَفٌ فيه، وإجمال ذلك:[2]
تمتاز أحكام الشريعة الإسلاميّة بأنّها ربانيّة المصدر، وضعها المولى سبحانه؛ كرماً منه على عباده ورحمةً بهم، قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)،[3] ومن هنا فقد اكتسبت أحكام التشريع الإسلاميّ خصائص ومزايا كثيرةً؛ فقواعدها ثابتةٌ، وهي بذلك ليست مرتعاً لمن أراد أنْ يغير أو يبدّل فيها، وبرغم ثباتها إلّا أنّ فيها من المرونة ما يجعلها مؤهلةً لاستيعاب حاجات البشر ومتطلباتهم في كلّ زمانٍ ومكانٍ؛ فهي شريعةٌ تواكب التطوّر، وتتفهّم الحاجات، ومن أبرز ما يؤكّد ذلك فقه النوازل عند علماء المسلمين،[4] كما تتصف أحكام الشريعة بأنّها مبنيّةٌ على اليسر والقدرة؛ فلا حرج في تكاليفها ولا مشقّة في تفاصيلها؛ فالتكليف فيها بحسب الطاقة وعلى قدر الاستطاعة، وفي هذا قال الله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا).[5][6]