-

موضوع قصير عن حقوق الطفل

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

حقوق الطفل

لكلِّ طفل في العالَم الحقّ في الحماية من الأخطار بمختلف أنواعها، وأشكالها، وله الحقّ في التعليم، والرعاية الصحّية، وقد اعتمدَت الجمعيّة العامّة للأُمَم المُتَّحِدة الإعلان الخاصّ بحقوق الطفل في عام 1959م، وفي هذا الإعلان حدَّدت ما يجب تأمينه للطفل باعتباره حقّاً مشروعاً له، مثل: حقّه في التعليم، وحقّه في الحصول على الرعاية الصحّية المناسبة، والتغذية الجيّدة، والمأوى المناسب، علماً بأنّ فكرة حقوق الطفل ظهرت بعد الحرب العالميّة الثانية التي أسفرَت عن إيذاء الأطفال في مختلف النواحي، وتشرُّدهم، حيث أنشأت هيئة الأُمَم المُتَّحِدة بعدها وكالةً خاصّة للأطفال من مختلف أنحاء العالَم؛ لتُؤمِّنَ لهم الرعاية الصحّية المناسبة، واحتياجات الحياة الأخرى من مأوى، وغذاء، ومَلبَس، وغيرها.[1]

وعلى الرغم من ذلك، لا يزال الكثير من الأطفال حول العالَم محرومِينَ من فُرَصِهم، وحقِّهم في العيش الكريم؛ لأسباب كثيرة، منها: البلد الذي ينتمون إليه، أو الجنس، أو أيّة ظروف أخرى يُولَدون فيها، بالرغمَ من أنّه ليس لهم أدنى ذنب فيها، وبحَسْب ما وَرَد عن الهيئة العامّة للأُمَم المُتَّحِدة، فإنّ الأطفال اليوم يُشكِّلون نحو 900 مليون شخص من العدد الإجماليّ للأشخاص الذين يعيشون بأقلّ من 1.9 دولار يوميّاً، وهؤلاء هم الأطفال الذين يعيشون في أُسَرٍ مُكافِحة تحاول جاهدة لتأمين تكاليف علاجهم، وغذائهم الأساسيّ في بداية حياتهم إلى أن يصبحوا قادرين على تحمُّل مسؤوليّة أنفسهم.[1]

اتّفاقية وديباجة حقوق الطفل

اتّفاقية حقوق الطفل

أمّا اتّفاقية حقوق الطفل، فقد اعتمدَتها الجمعيّة العامّة للأُمَم المُتَّحدة في عام 1989م، وتحديداً في 20 نوفمبر/تشرين الثاني، وفي قرارها رقم 44/25، أمّا البَدء بتنفيذ الاتّفاقية، فقد كان في 2 سبتمبر/أيلول من عام 1990م، وِفقاً للمادّة 49،[2] حيث اتّفق زعماء العالَم جميعهم على أنّ الأطفال دون سنّ الثامنة عشر بحاجة إلى اتّفاقية خاصّة بهم، تُقِرُّ بحاجتهم إلى رعاية خاصّة وحماية تختلف عن تلك التي يحتاجها من هم أكبر منهم سنّاً؛ ولذلك ظهرت فكرة الاعتراف بحقوق الأطفال عالَميّاً، وتمّ إعلان اتّفاقية حقوق الطفل؛ لتكون الصكَّ القانونيّ الأوّل بين الدُّول الأطراف؛ للحفاظ على حقوق الأطفال كاملة، حيث صادقت عليها 193 دولة، وهنا يجدر الذكر بأنّ عدد الدُّول التي قبلت اتّفاقية حقوق الطفل أكثر من عدد الدُّول التي انضمَّت إلى هيئة الأُمَم المُتَّحِدة أو الدُّول التي اعترفت باتّفاقية جنيف، الأمر الذي يدلّ على أهمّية هذه الاتّفاقية عالَميّاً، ودورها في الحفاظ على الطفل، وحماية الطفولة.[3]

وقد اشتملت اتّفاقية حقوق الطفل على ثلاثة أجزاء، كلُّ جزءٍ منها مُكوَّنٌ من عدد من الموادّ؛ فالجزء الأوّل مُكوَّنٌ من 41 مادّة، والثاني مُكوَّن من 4 موادّ، أمّا الثالث فهو مُكوَّن من 9 موادّ، لتشتمل في النهاية على 54 مادّة، بالإضافة إلى بروتوكولَين اختياريَّين، علماً بأنّ الحقوق الخاصّة بالطفل جميعها راعت ظروفه وأحواله كلّها، كما اهتمَّت في ما يتعلَّق بتدريبه وتأهيله ليصبح قادراً على الاعتماد على نفسه، وفي ما يتعلَّق بمَن هو مسؤول عنه، سواء كان أحد والديه، أو كلاهما، أو أحد الأوصياء القانونيّين، واشتملت على الأمور الخاصّة بتربيته تربية سليمة، وتعليمه، سواء كان سليماً جسديّاً ونفسيّاً، أو مُعاقاً يحتاج إلى رعاية خاصّة، كما احتوَت الموادّ على الظروف التي يتمّ تطبيق بنود الاتّفاقية فيها، والظروف التي يمكن للدُّول الأطراف أن تنسحبَ بسببها من الاتّفاقية، أو تقترح تعديلاً عليها، وهنا يمكن القول بأنّ اتّفاقية حقوق الطفل جاءت شاملة؛ لتضمن للطفل حقّه في الحياة، حيث كان من أوّل وأهمّ بنودها أنّ الطفل: هو الإنسان الذي لم يتعدَّ الثامنة عشرة من عمره ما لم يبلغ سنّ الرشد قَبل ذلك، وِفقاً لقانون دولته، وهو الذي تجري عليه الموادّ والنصوص التي تحتوي عليها الاتّفاقية جميعها.[2][3]

وقد وضَّحت الاتّفاقية الحقوقَ الأساسيّة التي يجب أن يتمتَّع بها الطفل في أيّ مكان من العالَم، ودون أيّ تمييز في أيّ وجه من الوجوه، حيث إنّ من هذه الحقوق: حقّه في البقاء، والنموّ بشكل سليم، والحماية من أيّ ضرر قد يقع عليه، والحماية من استغلال أيّة جهة له، بالإضافة إلى الحماية من المعاملة السيِّئة لأيّ سبب كان، وحقّه في أن يشارك في المجتمع، والحياة الثقافيّة، والاجتماعيّة، واستندت الاتّفاقية إلى أربعة مبادئ أساسيّة، ألا وهي: عدم التمييز، وضرورة تكاتُف الجهود؛ لتحقيق مصلحة الطفل، والحفاظ على حقّ الطفل في الحياة والبقاء، والحقّ في النماء، وحقّ الطفل في احترام رأيه، علماً بأنّ كلّ حقّ من هذه الحقوق يتلازم مع الكرامة الإنسانيّة للطفل، ويجدر الذكر أنّه بمُوافَقة الدُّول الأطراف على الاتّفاقية، وتصديقها عليها، تكون قد ألزمَت نفسها بحماية هذه الحقوق، وضمانها، وتحمُّل مسؤوليّة الالتزام بها أمام المجتمع الدوليّ.[3]

ديباجة حقوق الطفل

تَعرض ديباجة اتّفاقية حقوق الطفل رؤية الدُّول الأطراف في ما يتعلَّق بالاتّفاقية؛ إذ ترى الدُّول الأطراف أنّه وِفقاً لمبادئ الأُمَم المُتَّحِدة أنّ أساس الحرّية، والعدالة، والسِّلم العالَميّ هو الاعتراف بالكرامة الإنسانيّة، والحقوق المُتساوية وغير القابلة للتصرُّف للبشر جميعهم، كما تأخذ الدُّول الأطراف بعين الاعتبار أنّ الدُّول الأعضاء في الأُمَم المُتَّحِدة وشعوبها، تُؤكِّد في ميثاق الأُمَم المُتَّحِدة على إيمانها بالحقوق الإنسانيّة، وبكرامة الفرد، وعَزْمها على تطوير ورَفْع مستوى حياة الأفراد؛ لينعموا بالحرّية أكثر، كما تدركُ الدُّول الأطراف أنّ الإعلان العالَميّ لحقوق الإنسان، والعهدَين الدوليَّين المُتعلِّقَين بحقوق الإنسان أيضاً نَصّوا على أنّ كلّ إنسان له الحقّ في التمتُّع بالحرّيات الواردة فيها جميعها، ودون أيّ تمييز، سواء كان بسبب الجنس، أو الدِّين، أوالأصل، أو المَولد، أو الثروة، أو غيرها من الأمور.[4]

كما أعلنَت الأُمَم المُتَّحِدة أنّ للأطفال الحقّ في تأمين الرعاية، والمساعدة الخاصّة بهم؛ حيث تؤمن وتقتنع الأُمَم المُتَّحِدة والدُّول الأطراف بأنّ الأسرة هي البُنية الأساسيّة في المجتمع، إذ يمكن من خلالها أن ينموَ أفرادها، وخاصّة الأطفال، في بيئة سليمة من مختلف النواحي؛ ولذلك لا بُدّ من تأمين كلّ ما تحتاجه الأسرة؛ لتقوم بدورها على أكمل وجه، ولينشأ الأطفال في جوٍّ مليء بالمحبّة، والسعادة، وتُقِرُّ الدُّول الأطراف بأنّه لا بُدّ من أن تكون شخصيّة الطفل مَبنيَّة بشكل كامل، ومتناسق، وأن يعيش ويتربَّى على المُثل، والقِيَم العُليا التي تمّ إعلانها في ميثاق الأُمَم المُتَّحِدة، ومن أهمّها: التسامُح، والحرّية، والكرامة، والمساواة، والإخاء، وقد ذُكِرت الحاجة إلى توفير رعاية خاصّة للأطفال في إعلان جنيف لحقوق الطفل عام 1924م، وفي إعلان حقوق الطفل الصادر عن الجمعيّة العامّة للأُمَم المُتَّحِدة.[4]

وفي العهد الدوليّ الخاصّ بالحقوق المدنيّة، والسياسيّة، والعهد الدوليّ الخاصّ بالحقوق الاقتصاديّة، والاجتماعيّة، والثقافيّة، بالإضافة إلى النُّظُم، والصكوك الخاصّة بالوكالات المُتخصِّصة، والمُنظَّمات الدوليّة المُهتَمَّة بالطفل، كما تأخذ الدُّول الأطراف بعين الاعتبار أنّ الطفل يحتاج إلى الرعاية الخاصّة؛ وذلك بسبب عدم نُضجه العقليّ، أو الجسديّ الكامل، كما أنّه بحاجة إلى الحماية قَبل أن تتمّ ولادته، وبعدها، حيث تكون حماية قانونيّة، وقد أشارت الدُّول الأطراف إلى المبادئ الاجتماعيّة، والقانونيّة المُتعلِّقة بحماية الطفل، ورعايته، وحضانته، والأمور المُرتبِطة بالتبنِّي، كما أشارَت إلى القواعد المُتعلِّقة بإدارة أمور الأحداث، وحماية النساء، والأطفال في النزاعات المُسلَّحة، وفي الحالات الطارئة، إضافة إلى أنّها أخذَت في اعتبارها أنّ لكلّ شعب تقاليده، وقِيَمه في حماية الأطفال فيه، ونُموِّهم بشكل مُتناسق، ورأت ضرورة تعاوُن الدُّول؛ لتحسين مختلف الظروف المعيشيّة للأطفال.[4]

وَضع أطفال العالَم اليوم

على الرغم من الجهود التي تبذلُها مختلف المُنظَّمات العالَميّة، مثل اليونيسف، وغيرها، في تطبيق بنود اتّفاقية حقوق الطفل، إلّا أنّه لا يزال هناك الملايين من الأطفال في مختلف أنحاء العالم يعيشون في حالة حرمان من أبسط حقوقهم، كالرعاية الصحّية المناسبة، والتعليم، وغيرها من الحقوق المنصوص عليها؛ بسبب البلد الذي ينتمون إليه، أو بسبب الجنس، أو بسبب الظروف المختلفة التي يُولَدون فيها، وقد أنجزَت المُنظَّمات العالَميّة الكثير منذ المُصادَقة على الاتّفاقية؛ حيث انخفضَت أعداد الوفيّات من الأطفال الرضَّع، كما ارتفعَت نسبة الأطفال الذين يلتحقون بالمدارس والمُؤسَّسات التعليميّة، وتغيَّرت النظرة إلى الأطفال ومعاملتهم نحو الأفضل، إلّا أنّه لا يزال هناك الكثير من الأمور التي يتعيَّن على المُنظَّمات إنجازها؛ لتطبيق بنود الاتّفاقية ما أمكن، والنهوض بالأطفال من أنحاء العالَم كلِّه.[1]

ومع تزايُد وتفاقُم الصراع المُسلَّح، أصبح العديد من الأطفال يغادرون المدارس، ويُحرَمون من حقّهم في التعليم؛ فالكثير منهم لا يعرف القراءة، أو الكتابة، أو حتى حلّ أيّة عمليّة حسابيّة بسيطة، وبالرغم من أنّ دُول العالَم قد اتّفقت على مَنْع تجنيد الأطفال، واستخدامهم من قِبَل الجماعات المُسلَّحة، واستغلالهم، إلّا أنّه لا يزال هناك تحدٍّ واضح وخطير يقفُ في وجه حماية الأطفال من النزاعات المُسلَّحة، إذ إنّ هناك الكثير من الأطفال الذين يعيشون في الدُّول والمناطق المُتضرِّرة من الصراعات المُسلَّحة، مثل: أطفال الجمهوريّة العربيّة السوريّة، وأطفال أفغانستان، والصومال، وجنوب السودان، والجدير بالذكر أنّ نُزوح الاطفال مع عائلاتهم؛ نتيجة الصراعات المُسلَّحة، قد يُعرِّضهم لانتهاكات أكبر داخل المُخيَّمات، والمناطق التي يلجؤون إليها، كما أنّ الكثير من أطفال العالَم اليوم يتعرَّضون إلى العُنف الجسديّ، والعُنف العاطفيّ، والعُنف الجنسيّ أيضاً.[1]

ووِفقاً لإحصائيّات الأُمَم المُتَّحِدة، فإنّ طفلاً واحداً يموت كلّ خمس دقائق؛ بسبب العُنف أيّاً كان نوعه، وهنا يجب التنبيه إلى أنّ العُنف ضدّ الطفل لا يقتصر على بيئة، أو مُؤسَّسة مُعيَّنة؛ فقد يحدث في المنزل، أو في المدرسة، أو في أيٍّ من المُؤسَّسات المختلفة، وقد يكون صادراً عن كبار السنّ، أو عن الأقران بين بعضهم البعض، وقد تزداد أيضاً درجة تعرُّض الطفل للعُنف تِبعاً لجنسه، أو دينه، أو حالته المادّية إن كان فقيراً، أو وَضْعه الصحّي إن كانت لديه إعاقة مُعيَّنة، كما أنّ الأطفال الأصغر سنّاً عادة ما يكونون أكثر عُرضة للعُنف؛ حيث إنّ قدرتهم أقلّ على طَلَب الحماية، والتحدُّث بما يحصل معهم، وفي هذا الصَّدَد، صدرَت العديد من التشريعات، والتوصيات عن هيئة الأُمَم المُتَّحِدة، والتي تهتمّ بإنهاء العُنف ضدّ الأطفال ما أمكن، ويُعتبَر هذا هدفاً مُحدَّداً في الخطّة الموضوعة لعام 2030م، والتي تقضي بالالتزام الكامل من دُول العالَم أجمع؛ لإنهاء العُنف ضدّ الأطفال.[1]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج "الأطفال"، www.un.org، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-22. بتصرّف.
  2. ^ أ ب "اتفاقية حقوق الطفل 1989"، www.aljazeera.net، 2016-12-9، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-23. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت "عن اتفاقية حقوق الطفل"، www.unicef.org، اطّلع عليه بتاريخ 2018-7-23. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت unicef، اتفاقية حقوق الطفل، صفحة 1-2. بتصرّف.