-

شعر غزل قصير

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الغزل العذري

الغزل العذري هو الغزل المسيطر عليه الغزل العفيف الخالي من الجنس، وهو عاطفة جيّاشة صادقة لأنّها تدوم وتستمر على الرغم من البعد والحرمان والفرقة القاتلة، وهو غزل يرتقي به صاحبه؛ لأنّه يلتزم بالقيم الإنسانية والمثل العليا، ولا يتوقّف بمجرد البعد والندم على الحرمان.

غزل الحب العذري هو غزل حب مستمر قويّ عارم، فهو حب لن يلتقي فيه الأحبّة ممّا يجعل صاحبه يعاني أشدّ أيّام حياته، فليله يصبح نهار ونهاره يصبح عذاب. نشأ الغزل العذري في البادية (الحجاز) كردّة فعل للغزل اللاهي الموجود في المدن، فلوعة شاعر البادية حسب تصوير عاطفتهم في ثوب جديد طاهر يُوفّق بين مطالب الجسد والروح، واتّضحت سمات هذا الغزل في العهد الأموي.

قيس وليلى

من المستحيل أن نذكر في شعرنا العربي شعر الغزل ولا نذكر مجنون ليلى؛ فالاسم أصبح أسطورة صارعت من أجل الحبّ العذري، وإليك لمحة عن حياة قيس ومحبوبته ليلى:

عاش قيس بن الملوّح بن عامر بن صعصعة في عصر الدولة الأمويّة، توفّي عام سبعين من الهجرة، أمّا ليلى بنت مهدي بن سعد بن كعب بن ربيعة التي أحبّها وهام بها ومات بسبب حبها نشأت في بيت ذي ثراء وافر وخير كثير مثله تماماً. في أراضي الصحراء العربيّة وتحت خيامها نشأ وترعرع الحب العفيف الأصيل؛ فالبادية توقظ مشاعر الشاعر العربي المتعلّقة بالحب، فقد عشق قيس ليلى منذ الصغر وزاد حبهما مع الزمن، لكن سبب البعد الّذي بينهما هو كلام الغزل الصريح قبل الزواج .

حُرّمت ليلى على قيس بسبب العادات والتقاليد، وأجبرت على الزواج من غيره، فلم يستطع أن يحتمّل وقع المصيبة، فأصابه الجنون والهيام بها. قد تكون قصيدة المؤنسة هي القصيدة الأكثر شهرة في حياة قيس بن الملوّح؛ فقد كان يُردّد كلمتها دائماً، وكانت تؤنسه في خلوته عندما كان يهيم بمحبوبته ليلى، وهي قصيدة طويلة جدّاً، ونذكر هنا بعض الأبيات:

شعر قيس للبنى

وأيام لا نخشى على اللهو ناهيا

بليلى فهالني ما كنت ناسيا

بذات الغضي نزجي المطي النواحيا

إذا جئتكم بالليل لم أدر ماهيا

وجدنا طوال الدهر للحب شافيا

قضى الله في ليلى، ولا قضى ليا

فهلا بشيء غير ليلى ابتلاني

يكون كافياً لا علي ولا ليا

ولا الصبح إلا هيجا ذكرها ليا

فهذا لها عندي، فما عندها ليا

وبالشوق مني والغرام قضي ليا

أبيت سخين العين حيران باكيا

هواك فيا للناس قو عزائيا

ألا يا حمام العراق أعنني

يقولون ليلى في العراق مريضة

فيا رب إذ صيرت ليلى هي المنى

عنترة بن شداد

هو عنترة بن شداد بن قراد من قبيلة عبس، كانت بشرته شديدة السواد فعدّ من أغرب العرب، وفي مطلع حياته تنكّر له والده، ولم يثبته له مما جعل عنترة يتّجه إلى رعاية الأغنام والإبل، فكانت له حياة قاسية، ظلمة جاحدة، يتعرض لاحتقار القوم و تمردهم.

لم يلبث عنترة أن فتن بعبلة ابنة عمّه التي لا يمكن الوصول لها بسبب سواد لونه واحتقار عمّه و كافة أفراد القبيلة له، لكن عنترة لم يقبل هذا المصير فأعلن تمرّده وعصيانه لهم، وقد جعل حياته استمراريّة من التحدي من أجل الحرية، ورفض أن يعاقبه المجتمع على أمر ولد فيه، ولون لا يد له فيه، أمّا عبلة أخذتها عائلتها من القبيلة وهاجرت بها، وبقي عنترة يبحث عن أثرها فلم يصل إلى مطلبه حتّى مات ولاقى حتفه.

شعر عنترة لعبلة

هل غادر الشعراء من متردم

يا دار عبلة بالجوى تكلمي

إن تغدفي دوني القناع فإنّني

أثني علي بما عملت فإنني

ولقد ذكرتك والرماح نواهل

هلا سألت الخيل يا ابنه مالك

فوددت تقبيل السيوف لأنها

يدعون عنترة والرماح كنها

ما زلت أرميهم بثغرة نحره

شعر المتنبي في الحب

وما كنت ممّن يدخل العشق قلبه

أغرّك منّي أنّ حبّك قاتلي

يهواك ما عشت القلب فإن أمت

أنت النّعيم لقلبي والعذاب له

وما عجبي موت المحبّين في الهوى

لقد دبّ الهوى لك في فؤادي

خَليلَيَ فيما عشتما هل رأيتما

لو كان قلبي معي ما اخترت غيركم

فيا ليت هذا الحب يعشق مرة

عيناكِ نازلتا القلوب فكلها

وإني لأهوى النوم في غير حينه

ولولا الهوى ما ذلّ في الأرض