-

علامات قرب الساعة الكبرى

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

علامات الساعة

تُعرّف العلامات لغةً على أنها ما يُنصب في الطريق ليُهتدى به، أو السِّمات، أو الأمارات التي تُعرف بها الأشياء، وتُعرّف الساعة لغةً على أنها جزءٌ من أجزاء الوقت والحين وإن قل،[1] أما اصطلاحاً فتُعرّف علامات الساعة على أنها الأحداث التي تسبق يوم القيامة وتدل على قدومه، ويقول الحليمي: "أما انتهاء الحياة الأولى فإن لها مقدمات تسمى أشراط الساعة وهي أعلامها".[2]

وفي الحقيقة أن الله -تعالى- قد أكّد على وقوع الساعة واقتراب وقتها حيث قال: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ)،[3] وقال: (اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ ۗ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ)،[4] ومن الجدير بالذكر أن بعض أهل العلم قد قسّموا علامات الساعة إلى ثلاثة أقسام؛ وهي العلامات التي وقعت وانقضت، والعلامات التي وقعت ولا زالت تتكرر، والعلامات التي لم تقع بعد، بينما قسّمها بعضهم الآخر إلى قسمين؛ وهي علامات الساعة الصغرى، وعلامات الساعة الكبرى، وقد أشار بعض العلماء إلى أن الترتيب الزمني لبعض علامات الساعة الكبرى معلوم، وبعضها الآخر ليس معلوم الترتيب.[5]

علامات السّاعة الكبرى

ورد ذكر علامات الساعة الكبرى في الحديث الذي رواه حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه، حيث قال: (اطَّلَعَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقالَ: ما تَذَاكَرُونَ؟ قالوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قالَ: إنَّهَا لَنْ تَقُومَ حتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ، فَذَكَرَ، الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بالمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بالمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بجَزِيرَةِ العَرَبِ، وَآخِرُ ذلكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ اليَمَنِ، تَطْرُدُ النَّاسَ إلى مَحْشَرِهِمْ)،[6] وفيما يأتي بيان علامات الساعة الكبرى بشكل مفصل.[7]

فتنة المسيح الدجال

إن فتنة المسيح الدجال أعظم فتنة ستعصف بالخلق، على الرغم من كثرة وعِظم الفتن والابتلاءات التي مرت على البشرية، حيث إن المسيح الدجال منبع الكفر والضلال، وقد حذر جميع الأنبياء أقوامهم من فتنته، وبيّنوا لهم أوصافه وعلاماته الظاهرة، مصداقاً لما رُوي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (ما كانت فتنةٌ -ولا تكون حتى تقومَ الساعةُ- أكبرَ من فتنةِ الدجالِ، ولا من نبيٍّ إلا حذَّرَ أُمَّتَه)،[8] وفي الحقيقة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أخبر عن خروج المسيح الدجال في آخر الزمان، وحذر الأمة من فتنته أشد التحذير، مما جعل الصحابة -رضي الله عنهم- يخشون فتنته ويستعيذون منها.[9]

وتجدر الإشارة إلى أن المسيح الدجال رجل من ذرية آدم له صفات ظاهرة يميزها كل مؤمن، ولا تخفى إلا على الجاهل، وقد بيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكثير من صفاته حيث قال: (أمَّا الدَّجَّالُ، فرجُلٌ أجْلَى الجبهَةِ مَمسوحُ العينِ اليُسرى، عَريضُ النَّحرِ به دمَامةٌ)،[10] ويخرج الدجال من جهة المشرق، بالتحديد من خراسان، ويجول الأرض كلها، ولا يدع مدينةً إلا ويدخلها إلا مكة والمدينة؛ لأن الملائكة تحرسها، فيتبعه اليهود، والترك، والعجم، وأخلاط من الناس أغلبهم من الأعراب والنساء.[9]

نزول عيسى بن مريم

ورد في الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة أن من علامات الساعة الكبرى نزول عيسى بن مريم -عليه السلام- من السماء، حيث ينزل في آخر الزمان بعد أن يُفسد المسيح الدجال في الأرض، ويكون نزوله في مدينة دمشق عند اصطفاف المسلمين خلف المهدي لصلاة الفجر، فيقدّم المهدي عيسى -عليه السلام- للإمامة، ولكنه يرفض ذلك ويقول : "إنها أقيمت لك"، ثم يتوجه إلى فلسطين على رأس جيش المسلمين، ويقتل الدجال في باب اللدّ، ثم يحكم الناس بشريعة الله تعالى، ويعمّ السلام في الأرض.[11]

خروج يأجوج ومأجوج

اختلف أهل اللغة في أصل تسمية يأجوج ومأجوج، حيث قيل إن أصلها أعجمي ولا اشتقاق لها، وقيل إنها مشتقة من الأجاج وهو الماء الشديد الملوحة، وقيل إنها مشتقة من أجيج النيران وهو التهابها، وقيل إن أصل التسمية مشتق من الأج وهو سرعة العدو، وقيل إنها مشتقة من الأجّة وهي الاضطراب والاختلاط،[12] وقد ورد ذكر يأجوج ومأجوج في القرآن الكريم، حيث بيّن الله -تعالى- في سورة الكهف أن ذي القرنين قد بنى على يأجوج ومأجوج سداً بعد أن اشتكى له الناس ظلمهم وإفسادهم في الأرض، وذكر -عز وجل- أن ذلك السد سيمنعهم من الخروج إلى آخر الزمان، حيث يأذن لهم بالخروج كعلامة من علامات الساعة، مصداقاً لقوله تعالى: (حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ* وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ).[13][14]

الخسوفات الثلاث

أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن من علامات الساعة الكبرى وقوع ثلاث خسوفات؛ خسف في المغرب، وخسف في المشرق، وخسف في جزيرة العرب، وقد وقعت الكثير من الخسوفات في الماضي وكانت من علامات الساعة الصغرى، أما هذه الخسوف الثلاثة فتقع في آخر الزمان.[15]

الدخان

من علامات الساعة الكبرى ظهور الدخان، حيث يملأ الأرض كلها حتى تصبح كأنها بيت فيه موقد، فيأخذ أنفاس المؤمنين كالزكام، ويأخذ الكفار فينتفخون حتى يخرج من كل مسمع منهم، ويظهر بعد أن تكثر المعاصي والذنوب والباطل وترك الحق.[15]

طلوع الشمس من مغربها

أجمع العلماء على أن طلوع الشمس من مغربها من علامات الساعة الكبرى، واستدلوا بالحديث النبوي الذي رواه حذيفة بن أسيد الغفاري -رضي الله عنه- والذي سبق ذكره، وبقول الله تعالى: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ۗ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ)،[16] وقد بيّن ابن جرير الطبري في تفسير الآية الكريمة بعد أن ذكر أقوال المفسرين أن أصح الأقوال هو قول الرسول الذي يُخبر فيه بطلوع الشمس من مغربها.[17]

الدابة

أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن خروج الدابة من علامات الساعة، حيث تخرج في آخر الزمان وتكلم الناس، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ).[18][17]

النار التي تحشر الناس

آخر علامات الساعة الكبرى النار التي تخرج من قعر عدن وتطرد الناس إلى محشرهم، مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ونَارٌ تَخْرُجُ مِن قُعْرَةِ عَدَنٍ تَرْحَلُ النَّاسَ).[6][17]

المراجع

  1. ↑ "تعريف ومعنى علامات الساعة في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-3-2019. بتصرّف.
  2. ↑ "معنى الأشراط والعلامات شرعا"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-3-2019. بتصرّف.
  3. ↑ سورة الأنبياء، آية: 1.
  4. ↑ سورة الشورى، آية: 17.
  5. ↑ "دليل المسلم الجديد - (34) علامات الساعة الصغرى والكبرى"، www.ar.islamway.net، 2016-08-14، اطّلع عليه بتاريخ 21-3-2019. بتصرّف.
  6. ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن حذيفة بن أسيد الغفاري، الصفحة أو الرقم: 2901، صحيح.
  7. ↑ "أشراط الساعة الكبرى"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-3-2019. بتصرّف.
  8. ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 3081، إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين.
  9. ^ أ ب د. ناصر الغامدي (15-8-2007)، "فتنة المسيح الدجال"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-3-2019. بتصرّف.
  10. ↑ رواه الوادعي، في الصحيح المسند، عن الفلتان بن عاصم، الصفحة أو الرقم: 1072، حسن.
  11. ↑ "بعض الأدلة على نزول عيسى -عليه السلام-"، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 21-3-2019. بتصرّف.
  12. ↑ "أصل تسميتهما ونسبهما"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-3-2019. بتصرّف.
  13. ↑ سورة الأنبياء، آية: 96-97.
  14. ↑ "خروج يأجوج ومأجوج"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-3-2019. بتصرّف.
  15. ^ أ ب "الخسوفات الثلاثة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 21-3-2019. بتصرّف.
  16. ↑ سورة الأنعام، آية: 158.
  17. ^ أ ب ت "علامات الساعة الكبرى"، www.alimam.ws، اطّلع عليه بتاريخ 21-3-2019. بتصرّف.
  18. ↑ سورة النمل، آية: 82.