علامات قبول التوبة من الكبائر طب 21 الشاملة

علامات قبول التوبة من الكبائر طب 21 الشاملة

التوبة من الذنوب

إنّ الثبات على طريق الحق لا يتحقّق إلّا بالتوبة وفعل الخير، قال تعالى: (فاستَقِم كَما أُمِرتَ وَمَن تابَ مَعَكَ وَلا تَطغَوا إِنَّهُ بِما تَعمَلونَ بَصيرٌ)،[1]فالاستقامة مرتبطةٌ بالتوبة، ولا يمكن أن يكون المرء مستقيماً وهو مُثقلٌ بالذنوب والمعاصي، والقدوة في ذلك النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الذي كان يستغفر في اليوم أكثر من سبعين مرةً وقد غُفِر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر،[2] وتجدر الإشارة إلى أنّ التائبين من الذنوب على ثلاث طبقاتٍ؛ أعلاها التوبة من الغفلة*، وأوسطها التوبة من المعاصي، وأدناها التوبة من الكُفر.[3]

تعريف التوبة

بيّن العلماء المقصود بالتوبة في اللغة والاصطلاح، وبيان ذلك فيما يأتي:[4]

تعريف الذنوب

الذنوب جمع ذنب، ويطلق على كلّ أمرٍ أو تركٍ خالف أمر الله -تعالى- أو أمر الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وتتفرّع الذنوب إلى:[5]

علامات قبول التوبة من الكبائر

يغفر الله -تعالى- لعباده جميع الذنوب مهما عَظُمت، والدليل على ذلك قول الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّـهِ إِلَـهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَـئِكَ يُبَدِّلُ اللَّـهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)،[9] والآيات السابقة تدلّ دلالةً واضحةً على أنّ الله -تعالى- يغفر الذنوب جميعاً، ويُبَدِّل السيئات حسناتٍ،[10] ولو اقترف العبد عدداً من الكبائر تنفعه توبةً عامةً مكتملة الشروط عنها جميعاً دون اختصاص كلّ ذنبٍ بتوبةٍ على حدة،[11] وتُعرف التوبة الصحيحة بعددٍ من العلامات، يُذكر منها:[12][13]

مصير من مات دون توبةٍ من الكبائر

إن أصحاب الكبائر الذين ماتوا دون توبةٍ منها أمرُهم إلى الله -عز وجل-؛ إن أراد أن يُعذِّبهم عذّبهم بدخول النار والمكوث فيها، ثمّ يُخرج الله -تعالى- من النار من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من إيمانٍ ويدخله الجنة، وإن شاء عفا عنهم من بداية الأمر، وذلك إن كانت الذنوب متعلّقةً بحقّ الله تعالى، أمّا الذنوب التي يدخل بها حقّ العباد فلا بدّ فيها من ردّ كلّ حقٍّ إلى صاحبه،[17] والتوبة في حقيقتها عملٌ قلبيٌ لا يتطلّب المشقة والمعاناة، وإنّما يحصل مع التوبة الشعور بالراحة في النفس والسكينة في القلب،[18] وبالتوبة تمحو الملائكة ذنوب العباد، وتصبح كأنّها لم تكن، والتوبة تُقبَل من جميع الذنوب، فليس هناك ذنبٌ لا تمحوهُ التوبة الصادقة.[19]

أمورٌ تعين على التوبة

فتح الله -تعالى- لعباده باب التوبة؛ ليجعلهم من أهل رحمته ومحبته، ومن الأمور التي تُعين العبد على التوبة الصادقة:[20][21]

معنى التوبة النصوح

إن للتوبة منزلةً عظيمةً؛ إذ تتعلّق ببداية العباد السائرين إلى الله -تعالى- ونهايتهم، كما أنّ حاجتهم إليها ضرورية، قال الله -تعالى-: (وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)،[27] فمن لم يتب فقد ظلم نفسه لعدم معرفته بربّه ولما اقترف على نفسه من العيب وما أدت إليه أعماله من الآفات،[28] وتتفرّع التوبة إلى ثلاثة أنواع؛ أولها: أن يُذنب العبد ذنباً ثمّ يُلحقه بتوبةٍ صادقةٍ عاجلاً، وهي ما تسمّى بالتوبة الصحيحة، وثانيها: التوبة الأصح من الأولى، وهي ما تسمّى بالتوبة النصوح التي يكره فيها العبد المعصية فلا تخطر له، وثالثها: التوبة الفاسدة وتكون بتوبة اللسان فقط دون توبة الجوارح، فيتلفّظ اللسان بالتوبة دون أن يعزم العبد على هجر المعصية التي تُغضب الله مع بقاء لذّتها في خاطره، ويُلحق بالأنواع السابقة توبة الإنابة التي يخاف بها العبد من قدرة الله عليه، وتوبة الاستجابة التي يستشعر بها العبد قُرب الله منه، فيستحيي من الله أن يراه على معصيةٍ.[29]

حقيقة التوبة

إن على التائب أن يُحدّد مقصده من التوبة، فيكون دافعه للتوبة رجاء تقوى الله -تعالى- والخوف من عذابه والالتزام بأمره، ولا يكون القصد تحصيل عزة الطاعة وعزة التوبة دون النظر إلى حق الله،[30] ويُحكم على التوبة بالوجوب أو الاستحباب بناءً على حقيقتها، ومن أتى بالتوبيتن كان من المقرّبين، ومن اقتصر على التوبة الواجبة كان من المقتصدين، وبيان النوعين فيما يأتي:[31]

فضل التوبة إلى الله

فتح الله -تعالى- لعباده أبواب الرحمة والمغفرة بقبول توبتهم، وتظهر أهمية التوبة في العديد من الأمور، يُذكر منها:[33]

أهمية معرفة الكبائر

وجب على كلّ مسلمٍ معرفة كبائر الذنوب؛ لخطرها العظيم وشرّها الجسيم، فيَسلموا من شرّها الذي يلحق بمرتكبها في الدنيا والآخرة،[36] فهي من أسباب حلول العقوبة والهلاك، فمخالفة أوامر الله واتّباع طريق الذنوب كان سبب هلاك الأمم السابقة ونزول العذاب بهم، فأغرق الله قوم نوح -عليه السلام- جزاء تكذيبهم وكفرهم به، وألقى الريح على قوم عاد وماتوا زمن هود -عليه السلام-، وأرسل الله الصيحة المميتة على قوم ثمود زمن رسوله صالح -عليه السلام-، قال -تعالى-: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).[37][38]

______________________________________________________________________________

الهامش

المراجع

  1. ↑ سورة هود، آية: 112.
  2. ↑ د. محمد الدبيسي (2015)، ثم تاب عليهم ليتوبوا (الطبعة الأولى)، القاهرة: مسجد الهدي المحمدي، صفحة 4-6. بتصرّف.
  3. ↑ ابن الجوزي (1986)، التذكرة في الوعظ (الطبعة الأولى)، بيروت: دار المعرفة، صفحة 132. بتصرّف.
  4. ↑ د. صالح السدلان (1416)، التوبة معناها حقيقتها فضلها شروطها (الطبعة الرابعة)، الرياض: دار بلنسية، صفحة 10. بتصرّف.
  5. ↑ محمد التويجري (2006)، موسوعة فقه القلوب، عمان: بيت الأفكار الدولية، صفحة 3046. بتصرّف.
  6. ↑ إيهاب أحمد (22-3-2009)، "الكبائر وحكم مرتكبها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 20-11-2019. بتصرّف.
  7. ↑ شمس الدين الذهبي، كتاب الكبائر، بيروت: دار الندوة الجديدة، صفحة 2-3. بتصرّف.
  8. ↑ "تعريف الصغائر"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2019. بتصرّف.
  9. ↑ سورة الفرقان، آية: 68-70.
  10. ↑ "هل فعل الكبائر يمنع قبول التوبة والطاعة"، islamqa.info، 3-1-2005، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2019. بتصرّف.
  11. ↑ "حكم التوبة العامة من الكبائر والصغائر"، fatwa.islamweb.net، 12-7-2017، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2019. بتصرّف.
  12. ↑ ابن قيم الجوزية (2001)، مدارج السالكين (الطبعة الأُولى)، القاهرة: مؤسسة المختار، صفحة 168-169، جزء 1. بتصرّف.
  13. ↑ "من علامات قبول التوبة حسن الحال بعدها"، fatwa.islamweb.net، 8-6-2001، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2019. بتصرّف.
  14. ↑ أبي عبد الإله، من أخبار المنتكسين مع الأسباب العلاج، الرياض: مكتب التوجيه التربوي، صفحة 188-189. بتصرّف.
  15. ↑ ابن قيم الجوزية (2001)، مدارج السالكين (الطبعة الأُولى)، القاهرة: مؤسسة المختار، صفحة 232-233. بتصرّف.
  16. ↑ د. صالح السدلان، التوبة معناها حقيقتها فضلها شروطها (الطبعة الرابعة)، الرياض: ار بلنسية للنشر والتوزيع، صفحة 58-60. بتصرّف.
  17. ↑ "مصير من مات مصراً على الكبائر"، www.islamweb.net، 4-7-2003، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2019. بتصرّف.
  18. ↑ ابن قيم الجوزية، الفوائد، القاهرة: دار علم الفوائد، صفحة 169. بتصرّف.
  19. ↑ علي الطنطاوي (2009)، نور وهداية (الطبعة الثانية)، السعودية: دار المنارة، صفحة 167. بتصرّف.
  20. ↑ "أُمور تعين على التوبة"، fatwa.islamweb.net، 16-2-2003، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2019. بتصرّف.
  21. ↑ د. محمد الشوبكي (29-2-2016)، "التوبة فضائلها والأسباب المعينة عليها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2019. بتصرّف.
  22. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2992، أخرجه في صحيحه.
  23. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح.
  24. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2140، حسن.
  25. ↑ سورة المؤمنون، آية: 57-61.
  26. ↑ سورة الزمر، آية: 53.
  27. ↑ سورة الحجرات، آية: 11.
  28. ↑ ابن قيم الجوزية (2001)، مدارج السالكين (الطبعة الأولى)، القاهرة: مؤسسة المختار، صفحة 162-163، جزء 1. بتصرّف.
  29. ↑ محمد التويجري (2006)، موسوعة فقه القلوب، عمان: يت الأفكار الدولية، صفحة 3064. بتصرّف.
  30. ↑ ابن قيم الجوزية (2001)، مدارج السالكين (الطبعة الأُولى)، القاهرة: مؤسسة المختار، صفحة 180-181، جزء 1. بتصرّف.
  31. ↑ تقي الدين بن تيمية، التوبة، القاهرة: مكتبة التراث الإسلامي، صفحة 13-14. بتصرّف.
  32. ↑ سورة النور، آية: 30.
  33. ↑ د. صالح السدلان، التوبة معناها حقيقتها فضلها شروطها (الطبعة الرابعة)، الرياض: دار بلنسية للنشر والتوزيع، صفحة 14-17. بتصرّف.
  34. ↑ سورة البقرة، آية: 222.
  35. ^ أ ب محمد النوشان، "فضائل التوبة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-10-2019. بتصرّف.
  36. ↑ محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الاولى)، الرياض: بيت الأفكار الدولية، صفحة 543، جزء 4. بتصرّف.
  37. ↑ سورة العنكبوت، آية: 40.
  38. ↑ محمد التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الاولى)، الرياض: بيت الأفكار الدولية، صفحة 539، جزء 4. بتصرّف.
  39. ↑ "تعريف و معنى الغرغرة في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 4-12-2019. بتصرّف.
  40. ↑ أحمد عماري (20/10/2016)، "الغفلة: مفهومها ومخاطرها وسبل الوقاية منها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-12-2019. بتصرّف.