مراحل معالجة المياه المستعملة
المياه
المياه هي أحد أهمّ المكوناتِ التي لا تستمرّ الحياة بدونها، فهي عصبُ الحياةِ، ولها الدورُ الأساسيّ في استمرارِها، إضافة إلى العديد من الوظائف الهامّة التي تجعلها ركيزةً للحياة على الأرض. وتغطي المياه مساحةً تبلغ 71% من مساحة الكرة الأرضيّة. والمياه مركبّ كيميائيّ مكوّن من ذرة أوكسجين مرتبطةٌ بروابطَ تساهميّة قويّة مع ذرتيّ هيدروجين، كما تحتوي على بعض المواد المذابة فيها. وحتى تكون المياه صالحةً للاستعمال البشريّ في مختلف المجالاتِ، لا بدّ أن تتصف ببعضِ الخصائص الفيزيائيّة والكيميائيّة، إذ تكون المياه سائلةً، وذات لونٍ شفافٍ، وليس لها رائحة، وتغلي عند درجةِ حرارةِ 100 درجةٍ مئويّة.[1]
المياه الملوثة
قد تتعرّض المياه لتغيّر في إحدى خصائصها، مما يجعلها مياه ملوّثة وعادمة، وغير صالحةٍ للاستخدام البشريّ، إذ يمكن تعريف المياه الملوثة بأنّها المياه التي تتعرّضُ لأيّ تغيير في خصائصها الكيميائيّة أو الطبيعيّة أو البيولوجيّة، ممّا يؤدّي لجعلها غير صالحةٍ للاستعمالاتِ اليوميّة لها. والماء المستعمل هو الماء المُلوّث، ويتركّب من المواد الغريبةِ التي تفسد خواصّه الكيميائيّة، ممّا يجعله غير صالح للإنسان.[2] وتتعددّ مصادر تلوّث المياه، ومنها:[2]
- التلوّث الطبيعيّ: ويكونُ ناتجاً عن مصادرَ طبيعيّةٍ، كالمعادنِ الذائبةِ، وتحلل المواد النباتيّة، والجريان السطحيّ للأملاحِ.
- التلوّث الحراريّ: ويحدث نتيجةَ الحمم البركانيّةِ، ومحطات توليد الكهرباء، ومحطات تحليةِ المياه، والمواد الحارّة التي تنتجها المصانع من تبريد الآلات.
- التلوّث الإشعاعيّ: ومصدرها مراكز الأبحاثِ العلميّة، والصناعاتِ الكهربائيّة، وغيرها من الأماكن التي قد تصدرُ مواد مشعةً كالراديوم واليورانيوم.
- التلوّث الكيميائيّ: ويكونُ تلوّثاً صناعيّاً بسبب المركبات الكيميائيّة الضارّة، أو تلوّثاً بالمبيداتِ والأسمدةِ التي تستخدمُ في الزراعةِ، أو تلوثّاً بالمخلفاتِ النفطيّة، أو بالأمطار الحامضيّة.
- التلوّث البيلوجيّ: وهي المياه التي تختلطُ بالفضلاتِ كمياه الصرفِ الصحيّ، أو تكونُ ملّوثةً بالطحالبِ أو البكتيريا.
صفات المياه الملوّثة:
توصفُ المياه بأنّها ملوّثة عندما تحتوي على واحدٍ أو أكثرَ من العناصرِ الآتية:[2]
- الشوائب الصلبة المعلّقة: التي تكون كثافتها أعلى من كثافة المياه فتطفوا على سطحها، مثل: التراب، وبقايا النباتات والحيوانات، والبكتيريا.
- المواد الصلبة المنحلة: كالأملاح المعدنيّة أو المركبات العضوية الناتجة من تحلل بقايا النباتات والحيوانات.
- الغازات المنحلّة: كالأكسجين وغاز الأزوت، وغاز ثاني أوكسيد الكربون.
- الأحياء الدقيقة: كالفيروسات، والطحالب، والبكتيريا.
معالجة المياه المستعملة
تعاني العديد من الدّول في العالم من مشكلة شحّ المياه، وكلّ يومٍ يزداد خطرُ الجفافِ ونقص المياه في العالم، لذا تلجأ الدول لمعالجة المياه المستعملِة بهدفِ التخلّص من الصفات غير المرغوب بها وجعلها صالحةً للاستخدام. وتتعدد الطرق المتبعة لإتمام عمليّة معالجة المياه المستعملة، ومن أهمّها: طريقة الحمأة المنشطة، والمعالجة بالبحيرات وبالنباتات.
طريقة الحمأة المنشطة
تتطلّب هذه العمليّة ثلاث مراحل مهمّة، حيث يتمّ التخلّص من نوع أو أكثر من الملوثات في كلّ مرحلة من مراحلها، وهي على التوالي:[3]
- المعالجة الأوليّة أو الفيزيائيّة: يتمّ التخلّص من المواد الصلبة والمواد غير المائيّة كالزيت في هذه المرحلة، وتتمّ على عدّة مراحل:
- المعالجة البيلوجيّة: يتمّ التخلّص من المواد العضويّة القابلة للتحللّ عن طريق إضافة كائنات حيّة دقيقة، ومن أهمّ وسائل المعالجة البيلوجيّة:
- المرحلة الأولى (الغربلة): فتنزع المواد الصلبة الكبيرة بوسائل ميكانيكيّة بتصفيتها في مصافٍ معدنيّة، وينزع الرّمل بالترسيب بحركة هرميّة دائريّة، ويتمّ التخلّص من 50% من المواد الصلبة و40-60% من الجزئيات الثقيلة بطريقة الترسيب.
- المرحلة الثانية: تترسب في هذه المرحلة المواد الصلبة الدقيقة، فتمرّ المياه في ثلاث أحواض، هي: حوض إزالة الرمال، وحوض الترسيب الأوّلي، وحوض نزع الزيوت، حيث يتمّ التخلُّص منها بطريقة الكشط.
- الأسرّة البكتيريّة: وتتكوّن من طبقات تتدرّج من جزيئات كبيرة حتى الجزيئات الدقيقة، وتمرّ فيها المياه ثمّ تغطى بطبقة غشائيّة لزجة تحتوي على كائنات دقيقة مختلفة تؤكسد المادة العضوية.
- الحمأة المنشطة: وفيها تتعرَض المياه لتهوية قويّة تتسبب بأكسدة المواد العضويّة بواسطة البكتيريا الهوائيّة، ثمّ تتعرّض المياه لتخمّر لا هوائيّ بواسطة أحواض الترسيب الثانويّة من أجل قتل البكتيريا.
طريقة المعالجة بالبحيرات
تعتمد طريقة المعالجة بالبحيرات على مبدأ التدفق والسيلان البطيء للماء في أحواض كبيرة، فبعد عمليّة المعالجة الفيزيائيّة تتعرّض المياه للتهوية، ممّا يفعّل دور الكائنات الدقيقة والطحالب لتحطيم الملوثات والمواد العضويّة. ونظراً لكبر حجم الأحواض وبطء حركة المياه، فإنّ المعالجة تكون فعّالة، لكن تكمن مشكلة هذه الطريقة بأنّها تحتاج لمساحات كبيرة نظراً لحاجتها لاستخدام أحواض كبيرة.[3]
طريقة المعالجة بالنباتات
إحدى الطرق المستخدمة لمعالجة المياه المستعملة ما يسمّى نظام الحدائق، وهو نظام يتكوّن من مجموعة من العناصر، وميّزة هذه الطريقة بأنّها لا تحتاج إلى تهوية ميكانيكيّة فتعتبر موفّرة للطاقة. وتتمثّل هذه الطريقة بما يأتي:[3]
- حوض التجميع: الذي تحدث فيه المعالجة الأوليّة للمياه.
- حوض النباتات: وهي المرحلة الثانية للمعالجة، إذ يتكوّن الحوض من طبقة سميكة من الحصى الرطب لدعم جذور النبات، فتمكث المياه هناكَ من 4-5 أيّام، وتتعرّض لعملية تحلل بواسطة الكائنات الحيّة التي تنمو في جذور وأوراق وسيقان النبات كونها بيئة مناسبة لنموّها، إذ تتخلص هذه الكائنات المسمّاة ببيريفايتون من 90% من الملوثات.
- حوض الجريان الحرّ: تحتوي هذه الأحواض على نباتات مائيّة مغمورة كليّاً بالماء، وتزيل هذه المرحلة العوامل المسببة للمرض نظراً لتعرّض المياه فيها لأشعة الشمس.
استخدام المياه المعالجة
المراجع
- ↑ أحمد طرطار، براجي صباح، المياه وإشكاليّة الإستدامة، الجزائر: جامعة محمد خضير بكسرة ، صفحة 2. بتصرّف.
- ^ أ ب ت إبراهيم العابد، (2015)، معالجة مياه الصرف الصحي لمنطقة تقرت بواسطة نباتات منقية محلية، الجزائر: جامعة قاصدي مرباح ورقلة، صفحة 3-9. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ابراهيم العابد (2015)، معالجة مياه الصرف الصحي لمنطقة تقرت بواسطة نباتات منقية محلية، الجزائر: جامعة قاصدي مرباح ورقلة، صفحة 18-25، 27. بتصرّف.
- ↑ د.نضال سليم، محمد شريف (19-12-2012)، "مُعالجة المياه العادمة في العالم العربي.. ضرورة مُلحّة بل مستعجلة!"، www.swissinfo.ch، اطّلع عليه بتاريخ 29-6-2018. بتصرّف.