-

قصص من تاريخ الأندلس

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

تاريخ الأندلس

إنّ البحث والدراسة في التاريخ الأندلسي ما زال محط اهتمام المتخصصين وغيرهم، وذلك للعديد من العوامل كالثراء الفكري والثقافي والتاريخي لتلك المرحلة، وكذلك التباس المصادر وعدم وضوح أو ضياع الكثير منها في فترة خروج وبعد خروج العرب والمسلمين من البلاد، وقد أطلق على البلاد اسم الأندلس نسبة إلى قبائل الوندال الجرمانية، والتي كانت قد احتلت شبه جزيرة أيبريا –إسبانيا والبرتغال حالياً- في الفترة بين القرنين الثالث والخامس الميلاديين، وكان يطلق عليها بالأساس "فاندلسيا" والتي تعني بلاد الوندال، ثمّ نطقها العرب أندلس، واستعملت الكلمة بعد ذلك للدلالة على المناطق التي حكمها العرب من شبه الجزيرة الأيبيرية، حيث كانت حدود الحكم الإسلامي تشمل كافة أراضي البرتغال الحالية ومعظم أراضي إسبانيا.[1]

قصص من تاريخ الأندلس

إمارة الأندلس

إنّ الشائع للعامة وغير المتخصصين أنّ الحكم الإسلامي في الأندلس كان للخلافة الأموية التي كانت في حالة عداء مع الخلافة العباسية في المشرق، لكن الواقع أنّ إعلان الخلافة في الأندلس سبقه تولي أمراء دون لقب خليفة لمدة تقترب من قرنين من الزمان، أما قصة تأسيس إمارة الأندلس الأموية فبدأت بعد سقوط دولة الأمويين في دمشق على يد العباسيين ومقتل أغلب أمراء بني أمية، وقد استطاع الأمير الشاب عبد الرحمن بن معاوية بن هشام النجاة بحياته، حيث فر من دمشق إلى فلسطين، ومنها إلى مصر حيث كان الولاء لا يزال قويًا للأمويين فقضى بها بعض الوقت، ثمّ قرر الرحيل نحو الغرب حيث القبائل البربرية، وقد كانت أم عبد الرحمن بن معاوية من قبيلة نفزة بمدينة طنجة.

كان عبد الرحمن أثناء لإقامته بمدينة طنجة يستطلع أخبار الأندلس وأوضاعها المضطربة هناك، وقد كان لبني أمية العديد من الموالي في البلاد يعملون في التجارة والقضاء، فتوجه إليهم بأنظاره نحو القوى المتنازعة في الأندلس، واستطاع الوصول إلى داخل البلاد في غفلة من يوسف الفهري آخر ولاتها الذي كان منشغلًا بقمع أحد التمردات، وبدأ الموالي والكثير من الجنود التجمع حول عبد الرحمن بن معاوية وإعلان الولاء له، وهنا حان وقت الصدام بين عبد الرحمن ويوسف الفهري، وقد استطاع عبد الرحمن الفوز بالمعركة لينادى به أميراً على الأندلس مستقلًا عن حكم العباسيين في الشرق في أول أيام عيد الأضحى سنة 138هـ، ولقب بعبد الرحمن الداخل وهو ابن السادسة والعشرين، وقد تعاقب على الإمارة من بعده ثمانية أمراء كان آخرهم عبد الرحمن الناصر.[2]

قصة الخلافة في الأندلس

أعلنت الخلافة في الأندلس عام 316هـ، وقد كان ذلك بسبب العديد من التغيرات التي شهدتها الدولة الإسلامية على اتساعها، ففي الشام غلب الطابع الفارسي والتركي على الحكم العباسي، مما أفقدها الميزة العربية القرشية التي تمتعت بها الخلافة الأموية أو الإمارة في الأندلس، كذلك فقد أعلن الفاطميون في بلاد المغرب خلافة شيعية، واتخذوا من القيروان عاصمة لهم، بينما تمسك المسلمون في الأندلس بالمذهب السني، وقد مثلت الخلافة الفاطمية في بلاد المغرب عزل الأندلسيين عن بقية السنة في المشرق العربي، وذلك في الوقت الذي كان عبد الرحمن الناصر أحد القادة الأقوياء والموثوقين في أعين المسلمين في الأندلس.

أعلن عبد الرحمن الناصر إقامة الخلافة الأموية في الأندلس، وسارع بالسعي نحو تقييذ النفوذ الشيعي الإسماعيلي المتزايد في بلاد المغرب، واستطاع احتلال مدينة سبته واتخاذها مركزًا أمويًا والتوسع لإخضاع الفاطميين، وعلى مدار خمسين عاماً هي فترة حكمه، استطاع عبد الرحمن الناصر توطيد ركائز الخلافة وإقامة نهضة عظيمة في البلاد بعد أن كانت تشكو من قلة الموارد وفراغ خزينة الدولة.[3]

معركة إفراغة

بعد وفاة الخليفة عبد الرحمن الناصر بدأت الدولة في الضعف إلى أن وصلت إلى مرحلة عارمة من الفوضى والاضطراب بوصول الخليفة المهدي إلى الحكم، وانتهت بسقوط حزين للخلافة الإسلامية في الأندلس على أيدي الصليبيين، ولكن في ظل ذلك الضعف والتردي كانت هناك العديد من المعارك والبطولات التي سطرها التاريخ والتي نذكر منها معركة إفراغة التي وقعت في أواخر شهر رمضان من عام 528هـ، في ظل سقوط العديد من المدن والحصون الإسلامية في أيدي الممالك المسيحية وبمعاونة العديد من الجيوش الأوروبية التي أطلقت حملاتها الصليبية ضد المسلمين في الأندلس.

تقع مدينة إفراغة في الجهة الشمالية لمكانسة، وهي مدينة شديدة التحصين على ربوة عالية، وقد اتجه إليها ألفونسو ملك مملكة أراغون المسيحية المشهور بضراوته في الحروب ضد المسلمين، مع قوات من جيوش أوروبية متعددة، وقد ضرب ألفونسو الحصار على المدينة وأقسم على ألا يتركها إلا بعد دخولها وقتل كلّ من فيها.

استطاع والي المدينة سعد بن مردنيش الدفاع عنها إلى أنّ وصلت قوات المرابطين بقيادة يحيى بن غانية، الذي وضع خطة استدراج القوات الصليبية المحاصرة للمدينة بخداعهم بوجود قافلة مؤن تمر بالقرب من المدينة، وبالفعل انطلت الخدعة على القوات الصليبية التي فكت الحصار للفوز بالغنيمة السهلة، فانقضت عليها قوات المرابطين التي كان عددها أقل بكثير من القوات الصليبية، ويحكى أن تلك المعركة كانت الأشد والأعنف في تاريخ المواجهات بين المسلمين والصليبيين في الأندلس، وما حقق النصر كان خروج أهالي وحامية مدينة إفراغة منها لمهاجمة مؤخرة الجيش الصليبي الذي تلقى هزيمة منكرة وفر قائده ألفونسو ليحتمي بأحد الأديرة في سرقسطة ويموت به بعد ثمانية أيام حزنًا على ما حل به وبجيشه من هزيمة.[3][4]

المراجع

  1. ↑ عبد الرحمن الحجي (1981)، التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة (الطبعة الثانية)، دمشق: دار القلم، صفحة 37. بتصرّف.
  2. ↑ "قيام الامارة الاموية في الاندلس"، al-hakawati، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2018. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "قيام الخلافة الاموية في الاندلس"، al-hakawati، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2018. بتصرّف.
  4. ↑ شريف عبد العزيز (8-3-2017)، "معركة إفراغة .. أعظم أيام رمضان في الأندلس"، islamstory، اطّلع عليه بتاريخ 21-1-2018. بتصرّف.