-

أعمال الرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

شهر رمضان

شهر رمضان هو الشهر التّاسع من الشهور الهجريّة، وقبله شهر شعبان، وبعده شهر شوّال، وعدد أيامه تسعة وعشرون أو ثلاثون يوماً،[1] ومن الجدير بالذكر أنّ شهر رمضان من أعظم شهور العام، حيث اختصّه الله -تعالى- بالكثير من الفضائل، فقد فرض صيامه على كل مسلمٍ ومسلمةٍ، كما أوجبه على الأمم السّابقة، مصداقاً لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)،[2] وهناك العديد من المنافع المترتّبة على الصيام، فهي سببٌ للقوة في الحقّ، وهجر المنكر، والإعراض عن الباطل.[3]

ومن خصائص شهر رمضان تيسير أعمال الخير الموصلة إلى الجنّة، وتقوية أسباب اجتناب المعاصي والذّنوب، والبعد عنها، وضعف كيد الشّياطين، حيث رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أبْوَابُ السَّمَاءِ، وغُلِّقَتْ أبْوَابُ جَهَنَّمَ، وسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ)،[4] وفيه ليلة العمل فيها خيرٌ من عمل ألف شهر، وهي ليلة القدر، بالإضافة إلى أنّ الملائكة تدعوا الله -تعالى- بأن يستر ذنوب الصّائمين ويمحوها، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال عن الصائم: (وتَستَغفِرُ له الملائكةُ حتى يُفطِرَ).[5][3]

أعمال الرسول في رمضان

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستقبل شهر رمضان المبارك بالرّغبة فيما عند الله -تعالى- والدار الآخرة، والإعراض عن الدّنيا، وقد دلّ على ذلك استعداده وتهيئة نفسه لاغتنام الشّهر بالأعمال الصالحة والطاعات، حيث كان يُكثر من الصوم في شهر شعبان، فقد رُوي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (لَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِن شَهْرٍ قَطُّ، أكثَر من صيامه من شعبان)،[6] وكان يُبشّر الصحابة -رضي الله عنهم- بقدوم رمضان، ويحثّهم على اغتنامه والاجتهاد فيه، ويخبرهم عن عِظم فضائله وخصائصه، وما يترتب عليها من الثواب، ويبيّن لهم الأحكام الشرعية المتعلقة بالصيام.[7]

الصوم

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم شهر رمضان، لأنّه ركنٌ من أركان الإسلام، حيث كان -عليه الصلاة والسلام- يُبيّت نية الصيام من قبل طلوع الفجر، ثم يُمسك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشّمس، تطبيقاً لقول الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)،[8] وكان من هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- في رمضان تأخير السحور إلى ما قبل الفجر، وقد حث أمته من بعده على المحافظة على السّحور، مصداقا لما رُوي عنه أنّه قال: (فَصْلُ ما بين صيامنا وصيام أَهلِ الكتاب، أَكلةُ السَّحر)،[9] وكان من سنّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تعجيل الإفطار؛ مخالفةً لليهود والنّصارى، فقد كانوا يؤخرون الإفطار حتى ظهور النّجم، وقد رُوي عن النّبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (لا يزال النَّاس بخيرٍ ما عجَّلوا الفطر).[10][11]

الجود والإنفاق

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكرم النّاس وأجودهم، فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يُنفق بسخاءٍ على الفقراء، والمساكين، والأيتام، وذوي القربى، وأصحاب الحاجة، حيث بيّن الإمام ابن القيم -رحمه الله- أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أعظم الناس صدقةً، ولم يكن يستكثر شيئاً أعطاه لله تعالى، ولم يسأله أحد شيئاً إلا أعطاه، سواءً كان كثيراً أم قليلاً، حتى قيل إنه يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وكانت الصدقة والعطاء أحبّ شيء إليه، وعلى الرغم من كرمه وجوده في كل وقت وحين، إلا أنّه كان أجود ما يكون في رمضان، مصداقاً لما رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: (كان رسولُ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أجود النَّاس، وكان أجودُ ما يكونُ في رمضان حين يلْقَاهُ جِبرِيلُ).[12][13]

الجهاد في سبيل الله

كان شهر رمضان المبارك من الأشهر التي أكثر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خلاله من الجهاد، والبذل، والفداء، حيث كان لاجتهاده -عليه الصلاة والسلام- واجتهاد أصحابه -رضي الله عنهم- في العبادات كالصيام؛ أثرٌ إيجابيٌ أدّى إلى زيادة قوتهم النفسيّة والجسديّة، فغزوا المشركين، وخاضوا أهم المعارك الفاصلة، وحقّقوا أعظم الانتصارات في شهر رمضان، حيث رُوي عن أبي سعيد الخدري أنّه قال: (كُنَّا نَغْزُو مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في رَمَضَانَ)،[14] وما رُوي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنّه قال: (غزَوْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ غزوتينِ في شهرِ رمضانَ: يومَ بدرٍ، ويومَ الفتحِ، فأفطَرْنا فيهما).[15][7]

الاعتكاف

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعتكف في رمضان التماساً لليلة القدر، وقد اعتكف مرةً واحدةً في العشر الأوائل من رمضان، ومرةً أخرى في العشر الأوسط، وبعد أن تبيّن له أنّ ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان داوم على الاعتكاف فيهن حتى انتقل إلى الرّفيق الأعلى، وقد رُوي أنّه ترك اعتكاف العشرة الأخيرة من رمضان في أحد الأعوام، فقضاها في العشرة الأولى من شوال، وفي العام الذي توفي فيه اعتكف عشرين يوماً.[16]

قيام الليل

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوم الليل في رمضان المبارك فيصلي إحدى عشرة ركعة يُطيل فيها القراءة، مصداقاً لما رُوي عن عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (ما كان رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يزِيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عَشرةَ ركعةً يصلِّي أربعاً، فلا تَسَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعاً، فلا تَسل عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثاً)،[17] وقد حثّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمّته على قيام الليل في رمضان، حيث قال: (من قام رمضان إيماناً واحتسَاباً، غُفِرَ له ما تقَدَّم من ذنبه).[18][19]

المراجع

  1. ↑ "تعريف و معنى رمضان في قاموس المعجم الوسيط "، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-2-2019. بتصرّف.
  2. ↑ سورة البقرة، آية: 183.
  3. ^ أ ب الشيخ عبد الله القصيِّر (29-8-2010)، "خصائص شهر رمضان"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-2-2019. بتصرّف.
  4. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1899، صحيح.
  5. ↑ رواه السفاريني الحنبلي، في كشف اللثام، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3/483، صحيح.
  6. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1156، صحيح.
  7. ^ أ ب "هكذا كان -صلى الله عليه وسلم- في رمضان"، ar.islamway.net، 2013-07-20، اطّلع عليه بتاريخ 23-2-2019. بتصرّف.
  8. ↑ سورة البقرة، آية: 187.
  9. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمرو بن العاص، الصفحة أو الرقم: 1096، صحيح.
  10. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 1957، صحيح.
  11. ↑ الشيخ عبد الله جبرين (22-7-2012)، "صفة صوم النبي -صلى الله عليه وسلم-"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-2-2019. بتصرّف.
  12. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 3220، صحيح.
  13. ↑ "هدي الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الجود والإنفاق (1-2)"، www.alssunnah.org، 4 رمضان 1437هـ، اطّلع عليه بتاريخ 23-2-2019. بتصرّف.
  14. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1116، صحيح.
  15. ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 142، قوي.
  16. ↑ "هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في الاعتكاف"، www.islamqa.info، 01-10-2007، اطّلع عليه بتاريخ 23-2-2019. بتصرّف.
  17. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1147، صحيح.
  18. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 759، صحيح.
  19. ↑ "دي الحبيب ـ -صلى الله عليه وسلم- ـ في رمضان"، www.library.islamweb.net 15/02/2010، اطّلع عليه بتاريخ 23-2-2019. بتصرّف.