السجود هو التذلّل للقهار، والانطراح للجبار، وهو الهروب من متاع الدنيا وقيود الطاغوت والتجرّد من المسمّيات الدنيوية، فغاية السجود التواضع لله -سبحانه وتعالى- والانقياد له وتحقيق مفهوم العبودية، والسجود أقصى درجات العبودية، كما إنه يكون العبد أقرب ما يكون إلى ربه وهو ساجد، وللسجود آثارٌ عظيمةٌ، كما إن الله -سبحانه وتعالى- يرفع المؤمن في كل سجدةٍ درجة، ويقيه من النار وحرّها، وفيه تفريجٌ للهم والكرب، فطوبى لعبدٍ يسجد قلبه قبل أن تسجد جوارجه، فيسلّم أمر هذه الدنيا، ويبدأ بمناجاة ربه عز شأنه.[1]
يجدر بالذكر أنه لا يوجد داراسات علمية ثابتة توضّح فوائد السجود خصّيصاً وأثره على صحة الإنسان، ولكن يمكن القول بشكلٍ عام أن السجود وحركات الصلاة الأخرى التي يؤدّيها المسلم في صلاته كلّ ذلك يساعد على تمديد عضلات الجسم ويزيد من مرونتها.[2]
كما بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- عظمة السجود، وأن المسلم يكون أقرب ما يكون من ربّه وهو ساجد، لذا يستحبّ أن يكثر من الدعاء لينال رحمة الله عز وجل، والسجود سببٌ للعزة والرفعة، وطريق موصل إلى جنات النعيم، ويجنّب صاحبه ويقيه من النار بإذن الله، كما إنه يجلب الخير والفرج وتيسير الأمور.[1][3]
يجب على المصلي أن يُحسن صلاته، وأن يسجد على سبعة أعضاء وهي: اليدان، والركبتان، والقدمان، والجبهة، والأنف، ويدلّ على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أُمِرْتُ أنْ أسْجُدَ علَى سَبْعَةِ أعْظُمٍ علَى الجَبْهَةِ، وأَشَارَ بيَدِهِ علَى أنْفِهِ واليَدَيْنِ والرُّكْبَتَيْنِ، وأَطْرَافِ القَدَمَيْنِ ولَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ والشَّعَرَ)،[4] فيدلّ هذا الحديث على أنه يجب على المصلي أن يسجد على هذه الأعضاء السبعة، ولا يجوز له أن يقصّر بأيٍّ منها، كأن يسجد على الجبهة دون الأنف.[5]
قسَّم العلماء السجود من غير سجود الصلاة إلى ثلاثةِ أقسام: سجود التلاوة، وسجود الشكر، وسجود السهو، وفيما يأتي بيان كل قسم بالتفصيل:[6]
سجود التلاوة سنّة، فإذا كان يقرأ المسلم القرآن ومرّ بمواضع التلاوة يشرع له السجود سواء كان في الصلاة أو خارجها، ولسجود التلاوة دعاءٌ يستحبّ أن يقرأه الساجد، وهو كما صح في الحديث الشريف: (سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ)،[7] وقد اشترط الفقهاء لسجود التلاوة ما يشترطونه لسجود الصلاة؛ من طهارة، واستقبال للقبلة، وستر للعورة، ولا يشرع التكبير أو التسليم في سجود التلاوة، وخالفهم بعض العلماء في ذلك، قال الشَّوكانيُّ رحمه الله: "ليس في أحاديثِ سجودِ التِّلاوةِ ما يدلُّ على اعتبارِ أنْ يكونَ السَّاجدُ متوضِّئًا"، ورجّح ابن تيمية أنه لا يشترط لسجود التلاوة ما يشترط لصحة الصلاة.[6]
يشرع سجود الشكر عند حدوث نعمة للإنسان، أو رفع بلاء، أو أيّ شيءٍ يسرّه، والراجح أن سجود الشكر لا يترتّب عليه شروط سجود الصلاة من الطهارة واستقبال القبلة وستر العورة، كما إنه يجوز في سجود الشكر قول: (سبحان ربي الأعلى)، أو أن يحمد الله بأيّ صيغة.[6]
سجود السهو سجدتان يسجدهما المصلّي، إذا زاد في صلاته أو أنقص أو شكّ في شيءٍ منها، كأن يظنّ أنه صلّى ثلاث ركعات أم أربع ركعات، فهنا يبني على اليقين وهو الأقل، ويسجد سجود السهو.[8]
يشترط في صحة السجود عددٌ من الأمور التي يجب مراعاتها كي يكون السجود صحيحاً، ومنها:[9]
وردت عدّة صيغٍ للأذكار أثناء السجود، ومن هذه الأذكار ما يأتي:[10]
تعرَّف الصلاة لغةً بأنها الدعاء، فيقول سبحانه وتعالى: (وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم وَاللَّـهُ سَميعٌ عَليمٌ)،[11] والمقصود بالآية هنا أي ادعُ لهم، وتعرَّف شرعاً بأنها: أقوالٌ وأفعالٌ معلومةٌ، مفتتحةٌ بالتكبير، ومختتمةٌ بالتسليم،[12] فعلى المرء أن يهتم بالصلاة لأن شأنها عظيمٌ ومكانتها كبيرة، وأن يخلص العبادة لله وحده لا شريك له، وأن يتبرّأ مما سواه، والصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، كما إنها عمود الدين، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: (رأسُ الأمرِ الإسلامُ، وعمودُه الصلاةُ، وذروةُ سَنامِه الجهادُ في سبيلِ اللهِ).[13][14]
تقسّم العبادات إلى شروطٍ وأركانٍ وواجباتٍ وسننٍ، ومنها القولية أو الفعلية، وقد عرّف العلماء الركن بأنه جزء الماهية أو جزء الذات، كالركوع في الصلاة، أو الامتناع عن الطعام والشراب وسائر المفطّرات أثناء الصيام،[15] وللصلاة أركانٌ ينبغي على كل مسلمٍ أن يكون ملمّاً بها، وترتيبها كالآتي:[16]