اختلف العلماء في أفضل الأعمال عند الله -تعالى- بسبب تنوّع الأحاديث الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والتي تُبيّن أفضل الأعمال عند الله، ومنها ما يأتي:[1]
وفي رواياتٍ أن أفضل الأعمال الحج المبرور، وقد جمع العلماء بين هذه الروايات، وقالوا إن العمل الأفضل يختلف من شخصٍ إلى آخر بحسب حاله.
يبحث المسلم دائماً عن أفضل الأعمال ليكسب الحسنات، والأجور العظيمة، ومن أفضل الطاعات أن يقوم المسلم بأداء ما افترضه الله عليه، ثم عليه أن يُكثر من العبادات التي تعدّ أعظم أجراً من غيرها، وقد اختلف العلماء في أفضل الأعمال عند الله -سبحانه وتعالى- بعد الفرائض، فقيل: العلم، وقيل: الجهاد، وقيل: الصلاة، ورأى شيخ الإسلام ـرحمه الله- أن هذا يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال، حيث قال: "وهذه الثلاث: الصلاة، والعلم، والجهاد، هي أفضل الأعمال بإجماع الأمة، قال أحمد بن حنبل: أفضل ما تطوع به الإنسان الجهاد، وقال الشافعي: أفضل ما تطوع به الصلاة، وقال أبو حنيفة، ومالك: العلم، والتحقيق أن كلاً من الثلاثة لا بُدَّ له من الآخرين، وقد يكون هذا أفضل في حال، وهذا أفضل في حال، كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه يفعلون هذا، وهذا، وهذا، كلٌ في موضعه بحسب الحاجة والمصلحة"،[4] وسيتم بيان أفضل الأعمال عند الله -تعالى- فيما يأتي.
إن للصلاة في الاسلام منزلةً رفيعةً، فهي عمود الدين، وهي أول ما أوجبه الله -سبحانه وتعالى- من العبادات على رسوله الكريم في ليلة المعراج من غير واسطة، وهي أوّل ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وهي آخر ما وصّى به النبي -صلى الله عليه وسلم- أمّته قبل وفاته، وقد بلغت عناية الاسلام بها أنه أمر بالمحافظة عليها في حالة الإقامة، والسفر، وفي حالة الأمن، والخوف، وشدّد الإنكار والوعيد لمن يضيّعونها، وقد حدّد الإسلام أوقاتاً معيّنةً للصلاة لا بد أن تؤدّى فيها، لقول الله تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)،[5] وكتاباً: أي فرضاً مؤكّداً ثابتاً ثبوت الكتاب، موقوتاً: أي مقسّماً في أوقاتٍ محدّدة،[6] والأفضل أن يصلّيها المسلم في أوّل وقتها، لكن إذا صلّاها في أثناء وقتها، أو في آخر وقتها، فإنها تكون صحيحة، ولا إثم عليه، لكن إذا صلاها المسلم في أول الوقت فهذه هي السنة، وهذا هو الأفضل، إلا في أوقاتٍ مستثناة:[7]
إن من أفضل الأعمال التي تزيد في العمر والرزق؛ بر الوالدين، ويكون ذلك بطاعة الوالدين فيما يأمران به ما لم يكن أمراً بمعصية، وعلى المسلم أن يقدّم أمر والديه على فعل النافلة، ويجتنب ما ينهيا عنه، وعليه أن يقوم ببرّهم في الأمور الآتية:[8]
إن الجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله -تعالى- وتمكين دين الله في الأرض من أفضل أنواع التطوّع، فهو أفضل من تطوّع الصلاة، والصوم، والحج، والعمرة، والجهاد يجمع بين العبادات القلبية والظاهرية، لأن فيه من الزهد في الدنيا، وهجرة المحبوبات، ومفارقة الوطن، ما يُعَدّ من العبادات الباطنة، ومنه من بذل المال، والنفس، والتضحيه بهما، ما هو إلا ثمرةٌ من ثمار الإيمان والتوكّل، وقد عظّم الإسلام أمر الجهاد، وبيان ذلك فيما يأتي:[9]
إن الله -سبحانه تعالى- الحكيم العظيم خلق الإنسان لعبادته، والعبادة كما عرّفها العلماء: هي كل ما يحبّه الله -سبحانه وتعالى- من الأقوال، والأفعال الظاهرة والباطنة، فكلّ طاعةٍ يقوم بها المسلم هي السبيل إلى السعادة، والراحة في الدنيا والآخرة، وهي السبيل إلى نيل رضا الله سبحانه، وللأعمال الصالحة ثمراتٌ كثيرةٌ في الحياة الدنيا، وفي الآخرة يُعطيها الله -سبحانه وتعالى- للمصطفين من عباده ليتلذّذوا بنعمة مناجاته وقربه، وهذا يحتاج لأسلوبٍ وأسبابٍ لو التزم بها المسلم حصل على مقصوده، وجمع بين سعادة الحياة الدنيا ونعيم الحياة الآخرة، ودليل ذلك قوله تعالى: (مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ).[10][11]
فالعمل الصالح ثمرته عظيمة، ونفعه جليل، ولكن لا بد أن يتوفر فيه أمرين هما: الإخلاص لله سبحانه وتعالى، والاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلّما كان المسلم أحرص على أداء العبادات بالطريقة التي ترضي الله -تعالى- كان السبيل للحصول على اللّذّة التي يرجوها أسهل وأيسر.[11]