إنّ ممّا يُعين المسلم على فهم كتاب الله -تعالى- وتدبّره معرفة معاني آياته وأسباب نزولها، وقد اعتنى علماء الأمّة بذلك اعتناءً كبيراً وحرصوا على توضيحه وتجليته للأمّة، ومن أجلّ وأنفع كتب التفسير التي يجدر بالمسلم أن يقتنيها ويطّلع عليها:[1]
يسلك المُفسّر للقرآن الكريم عند تفسيره أحد مسلكين اثنين؛ إمّا مسلك التفسير بالمأثور، أو مسلك التفسير بالرأي، ويُراد بالتفسير بالمأثور أن ينظر في القرآن الكريم والسنّة النبويّة وفي آثار السلف الصالح ليرى إن كان فيها تفسيراً للآية التي يريد تفسيرها، ويظهر من ذلك أنّ للتفسير بالمأثور أنواعٌ عدّةٌ؛ أوّلها تفسير القرآن الكريم بالقرآن الكريم، فالقرآن يُفسّر بعضه، ثانيها تفسير القرآن الكريم بما ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فقد جاءت السنّة النبويّة مُفسّرةً ومُبيّنةً للقرآن الكريم، ثالثها تفسير القرآن الكريم بالمأثور عن الصحابة -رضي الله عنهم-، وآخرها التفسير بالمأثور عن التابعين، أمّا مسلك التفسير بالرأي فيُراد به اجتهاد المُفسّر الذي له علمٌ بالتفسير مستعملاً فهمه في تفسير الآية، على أن يكون مُلتزماً في تفسيره بالطريق الصحيح ومُتقيّداً بالقواعد والضوابط التفسيريّة.[2]
يُعدّ تفسير القرآن الكريم بغير علمٍ حقيقيٍّ بأصول التفسير وإنّما بالرأي والهوى نوعاً من أنواع القول على الله -سبحانه- بغير علمٍ، وهو أمرٌ خطيرٌ حذّر منه الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- حين قال: (مَن قالَ في القُرآنِ بغَيرِ علمٍ، فَليَتبوَّأ مَقعدَهُ منَ النَّارِ)،[3] لذلك فقد كان السلف -رضي الله عنهم- من أشدّ الناس تحرّجاً في تفسير القرآن الكريم رغم غزارة علمهم وجودة قرائحهم واستقامة لغتهم.[4]