-

صفات حفصة رضي الله عنها

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

حفصة أمّ المؤمنين

تزوّج النبي -صلى الله عليه وسلم- إحدى عشرة زوجة، وكانت السيدة حفصة الرابعة بينهنّ، وقد تزوّجها النبي -عليه السلام- وله من الزوجات السيدة سودة والسيدة عائشة رضي الله عنهنّ جميعاً، وتعدّ حفصة ابنة عمر بن الخطاب، ويصل نسبها بعد ذلك إلى نُفيل بن عَدي بن كعب بن لُؤي، وأمها هي زينب بنت مظعون بن حبيب أخت عثمان بن مظعون، وقد ولدت قبل بعثة النبي عليه السلام بخمس سنين، وكانت من أوائل من أسلم واتّبع النبي عليه السلام، وقد تزوّجت خُنيس بن حذافة، فأصيب في أحد، ثمّ مات على إثر جراحه،[1] وقد ورد بعد وفاة زوجها خنيس أنّ أباها عمر رغب بتزويجها، فذهب إلى أبي بكر -رضي الله عنهما- فعرض عليه أن يتزوّج ابنته، فأمسك أبو بكرٍ ولم يجبه بشيء، ففهم عمر أنّه غير راغب بهذه الزيجة، فذهب إلى عثمان رضي الله عنهما وقد كانت زوجته رقيّة قد توفّيت قريباً، فعرض عليه ابنته حفصة، ولم يتوقّع منه الرفض أو الإمهال، ولكنّه طلب إليه أن يمهله أياماً يُفكّر في الأمر ففعل، ثم ذهب إليه فوجده غير راغب كذلك.[2]

شعر عمر -رضي الله عنه- بعد الرفض من صاحبيه أبي بكرٍ وعثمان بالاستغراب مع الاستنكار في نفسه، وهو لا يدري سبب رفضهما لابنته حفصة، فذهب يشكو ما وجد في نفسه إلى النبي -عليه السلام- وينظر ما رأيه في الأمر، ولم يكد يصدّق ما يسمع من النبي -عليه السلام- عندما قال له: (يتزوَّجُ حَفْصةَ مَن هو خيرٌ مِن عُثْمانَ، ويتزوَّجُ عُثْمانُ مَن هو خيرٌ مِن حَفْصةَ)،[3] فأدرك عمر أنّ النبي -عليه السلام- يعرض عليه ما لم يكن يتوقّعه، وهو أن يشرّفه ويشرّف ابنته حفصة -رضي الله عنها- أن تكون زوجة النبي -عليه السلام- ومن أمهات المؤمنين، وعندما لقي عمر أبا بكرٍ بعد ذلك استدركه بما يشبه الاعتذار أو التبرير أنّه كان قد سمع من النبي -عليه السلام- أنّه نوى أن يخطب السيدة حفصة، ولم يكن أبو بكر يريد إفشاء سرّ النبي، وذلك السبب في الصمت وعدم الإيجاب عندما عرض عليه أن يخطب ابنته.[2]

صفات حفصة رضي الله عنها

عُرفت السيدّة حفصة -رضي الله عنها- بالصيام والقيام، وعُرفت بالعلم ونقل الأحاديث عن النبي عليه السلام، فقد روت عنه ستين حديثاً اتفق الشيخان على أربعةٍ منهم، وقد جاءت الشهادة بالصيام والقيام في حديثٍ حسنٍ ذكره الألباني في صحيح الجامع، يُذكر فيه أنّ النبي عليه السلام طلّق زوجته حفصة، فأتاه جبريل يعاتبه بطلاقها وهي الصوامة والقوامة، وأخبره أنها زوجته في الجنّة كذلك، فأرجعها نبي الله صلى الله عليه وسلم.[1]

وأمّا تفاصيل طلاق السيدّة حفصة -رضي الله عنها- فقد بدأت عندما أدخل النبي -عليه السلام- مارية القبطية إلى بيت حفصة، وقد كانت هدية له من المقوقس، فخلا بها النبي -عليه السلام- في حجرة السيدة حفصة، ثم غادرت السيدة مارية، ودخلت السيدة حفصة وأخبرت النبيّ أنها علمت ما كان من مارية من حديث، وغضبت وبكت للنبي عليه السلام، فأراد النبي -عليه السلام- أن يلاطفها ولا يزيد من حزنها، فأخبرها أنها إن رضيت فسيُحرّم مارية على نفسه، ففرحت حفصة ورضيت بذلك، لكنّ النبي -عليه السلام- كان قد طلب إليها ألا تخبر أحداً بما حصل بينهما، لكنّها لم تستطع كتم سرّ نبي الله عليه السلام، فلما غدت أخبرت عائشة رضي الله عنها بالحديث، ثم انتشر الكلام ونقل الخبر بين بيوت النبي عليه السلام، فغضب النبي -عليه السلام- غضباً شديداً من حفصة رضي الله عنها وطلّقها طلقة واحدة.[4]

غضب النبي -عليه السلام- على فعل السيدة حفصة وزوجاته في نشر الخبر بأن اعتزل نساءه شهراً، فظنّ الصحابة أنّه طلقهنّ كلّهنّ، وصُعق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما سمع بخبر طلاق ابنته زوجة رسول الله عليه السلام، وفعلها التي فعلت، فحزن حزناً شديداً حتّى حثا على رأسه التراب من حسرته، ونزل جبريل -عليه السلام- إلى النبي -عليه السلام- يطلب إليه أن يردّها إليه، فهي زوجته في الجنة، فردّ النبي -عليه السلام- زوجته إليه استجابةً لأمر الله -سبحانه- ورحمةً بصاحبه عمر، وقد أنزل الله -تعالى- قرآناً كريماً يذكر ما حدث في تلك الليالي، حيث قال الله تعالى: (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ * إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ * عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا).[5][2]

توبة السيدة حفصة النصوح حتى الوفاة

تابت السيدة حفصة توبة نصوحاً عمّا بدر منها من إفشاء سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد لزمت بعد ذلك نُسُكها وعباداتها، وحتى بعد وفاة النبي -عليه السلام- رغبت في أن تشترك بالفئة التي تطالب بدم عثمان رضي الله عنه، إلا أنّ عبد الله أخاها نهاها عن ذلك فقعدت ولم تخرج مع من خرج، وقد كانت هي وحدها من اختيرت لتُحفظ في بيتها النُسخة الخطيّة للقرآن الكريم قبل أن يطلبها منها عثمان رضي الله عنه لتُنسخ، فتمّ نسخ القرآن الكريم وتوزيعه على الأمصار، وتوفّيت رضي الله عنها في آخر خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنهم جميعاً.[2]

المراجع

  1. ^ أ ب "زوجات نبينا صلى الله عليه وسلم وحكمة تعددهن"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-26. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث "حفصة أم المؤمنين"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-26. بتصرّف.
  3. ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في الإصابة، الصفحة أو الرقم: 4/273 ، أصله في الصحيح.
  4. ↑ "سيرة السيدة حفصة بنت سيدنا عمر بن الخطاب"، www.nabulsi.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-27. بتصرّف.
  5. ↑ سورة التحريم، آية: 3-5.