مفهوم الجمال عند الفلاسفة
تعريف الفلسفة
هي علمٌ ارتبَط بماهيَّة الإنسان التي تجعلُ منه راغباً في المعرفة، وكلمة فلسفة هي كلمةٌ يونانيةُ الأصلِ مشتَّقه من جزأين، (فيلو: والتي تعني المُحبٌّ)، و(سوفيا: التي تعني الحكمة)، أي إنَّها تعني المُحب للحكمة، وقد اختلف تعريفها عبر التاريخ؛ إذ كانت في البداية قائمةٌ على التفكير والبحث في أصل الوجود، والخالق، ومكوِّنات هذا الكون، لكن بعد اتّهامها بالتضليل للإنسان تغيَّر تعريفها، وقد بدأ هذا التغيير من أيام سقراط إذ أصبحت الفلسفة ضرباً من التفكير والبحث في ذات الإنسان، والإيمان بالخالق وإثبات وجوده عقلياً؛ فهي تعتمد على كلٍّ من العقل والمنطق، وإذ لا يوجد تعريف بحد ذاته للفلسفة، يُمكن تعريفها على أنّها المعرفة وحبّ الاستطلاع والرغبة في اكتشاف أسرار الحياة من حولنا .
تعريف الجمال
كلمة الجمال أصلها يوناني، ويُقصد بها العلم المتعلِّق بالإحساس أو علم التعرّف على الأشياء من خلال الحواس، ويعرف باسم (الإستاطيقا ) وكذلك باسم فلسفة الفن، وقد عَرَّف هربرت ريد الجمال بأنه وحدة العلاقات الشكليَّة بين الأشياء التي تدركها حواسنا، ومن التعريفات الجميلة حول الجمال ما قاله هيجل عنه بأنه الجنّي الأنيس الذي نصادفه في كل مكان، وقديماً كان الجمال أحد فروع الفلسفة، إلى أن جاء الفيلسوف بومجارتن، وفرّق بين علم الجمال وباقي المعارف.
تاريخ علم الجمال
إنَّ فلسفة الجمال قديماَ ارتبطت بنظريّات الكون والإلهيّات، إلا أنّها اقتربت من نظريات المعرفة والأخلاق عبر التاريخ. إن فلسفة الفن والجمال نشأت بنشوء الفلسفة مع فلاسفتها القدماء من اليونان، وهي لا تنفصل عنها؛ إذ تستمدُّ أُصولها من المذاهب الفلسفية، ويُعتبر علم الجمال هو علمٌ حديث النشأة، إذ انبثق بعد تاريخ طويل من الفكر التأمليِّ الفلسفيِّ، أي إنّه يُعدّ علماً قديماً حديثاً، فلم يكن اليونانيون يعرفونه لذاته ، لكنَّهم اهتمّوا به من حيث أنّه دالٌ على الخير والحقيقة.
نظريات الجمال عند الفلاسفة
- النظرية الفيثاغورية في مفهوم الجمال: إن الفيثاغورية فلسفة تُفرِّق بين مستوى الوجود معقول الوجود، ومستوى الوجود المحسوس، وتقول بثنائيَّة النَّفس والجسم، ووضعت متقابلاتٍ عشرٍ، من الأمثلة عليها الخير والشر؛ أي إنّها صاغت الأفكار الفلسفيَّة بصيغةٍ رياضيةٍ.
- نظرية الجمال عند جورجياس: نظرية جورجياس قائمةٌ على دور الجمال الفنّيِّ المؤثرِ على إحساس الإنسان؛ إذ تُقدّم الفنون للنفس البشريَّة لذّةً حسيَّةً؛ ذلك لأنّ فِكرتَه تستند على الوهم وتستقلّ عن الحقيقة، ومثال ذلك أسطورة بجماليون الذّي كان يكره النساء، فصنع تمثالاً من العاج لامرأةٍ جميلةٍ ووقع في عشق التمثال، وكان جورجياس يقول باستحالة إثبات الوجود واللاوجود معاً؛ فانتهى من إنكاره للوجود إلى إنكاره للمعرفة بالحقيقة.
- نظريّة الجمال عند سقراط: إنّ سقراط لا يأبه بالجمال الحسّي بقدر اهتمامه بجمال النّفس والأخلاق؛ فالجمال لديه هو ما يُحقّق النفع والفائدة الأخلاقيِّة ويخدم الحياة الإنسانيّة، وهو يعتبر أمر ارتباط الجمال باللَّذة الحسية كما في نظرية جورجياس انحلالاً خُلقياً وتدهوراً فنياً؛ فالحُكم على الجمال مرجعه الذات العاقلة والضمير الباطن.
- نظريّة الجمال عند أفلاطون: يمكن اختصار الجمال لدى أفلاطون بأنه ربطهُ بالحُبِّ الإلهيِّ، ذلك لأنّ موضوع الحب هو الجمال بالذات، ويرى أنّ الفنون تأخذ جمالها من محاكاتها للطبيعة، وإن كانت هذه المحاكاة ناقصةً باعتبارها محاولةُ وصولٍ إلى العالم المثاليِّ.