مفهوم السلوك في علم النفس
السلوك وعلم النفس
علم النَّفس هو أحدُ فروع العلوم الإنسانيّة والّذي يهتمّ بدراسة سلوك الكائن الحيّ بشكلٍ عام والسّلوك الإنسانيّ بشكلٍ خاص، فيبحثُ في هذا السلوك بجميعِ أشكاله الظاهرة التي تتمُّ ملاحظتها بالعينِ المجُردة أو الكامنة والباطنة التي تُدرس وتلاحظُ بالأجهزةِ والمختبرات العلميّة، فتَعتمد هذه البحوثُ والدراسات النفسيّة على منهجٍ علميٍ في تقصّي الحقائق وجمع المعلومات عن السلوك الإنسانيّ.[1]
مفهوم السلوك في علم النفس
يُعدّ سلوك الكائن الحيّ المحور الأساسيّ للدراسات النفسيّة والعلوم النفسيّة، فيسلط علم النَّفس الضوء بشكلٍ رئيسي على السّلوك بجميع أشكاله المقبولة وغير المقبولة، كما يهتمّ بدراسةِ معايير السّلوك السويّ وغير السويّ وأسباب وظروف ظهوره. وقد عرَّف علم النَّفس السلوك من خلال عدّة تعريفات ومفاهيم، ومنها أن السّلوك هو حالة التفاعل الحاصل بين الكائن الحي وبيئته وعالمه الخارجي، وفي أغلب الأحيان يَظهر السلوك على هيئةِ استجابات سلوكيّة مكتسبة ومتعلّمة؛ من خلال تعلّم الفرد بالتدريبِ والملاحظة والتّعرض للخبرات المختلفة، ويُعرَّف السلوك كذلك بأنه مجموعة من الاستجابات التي تصدر عن الفرد تجاه المثيرات البيئية المختلفة؛ حيث تُمثّل البيئة جميع المُؤثرات التي تَدعم آلية ظهور السلوك.[2]
من التعريفات الأخرى للسلوك هو جميع أشكال الاستجابة الكليّة التي تظهر عند الكائن الحيّ تجاه أي موقف يواجهه،[3] كما يرى علماء النَّفس السّلوك بشكلٍ شموليّ بأنه نشاطٌ مركّبٌ تتكوّن بُنيَته من ثلاثة جوانب أساسيّة، وهي:[4]
- الجانب المعرفي: هو مجموعة العمليّات العقليّة والمعرفيّة التي يستخدمها الإنسان لإدراك الأحداث التي تدور من حوله، وآليّة تفاعله معها بالطريقةِ التي يتفرّد فيها الشخص باستخدام المعاني والرّموز، ومن أهم هذه العمليات الإدراك، والتذكّر، والتصوّر، والتَّعبير الرّمزي واللغوي واللفظي وغيرها.
- الجانب الحركي: هو جميع الاستجابات الجسميّة التي تظهر على الفرد؛ بسبب تعرضه لمثيرٍ مُعين، وتكون هذه الاستجابات على صورِ استجابات حركيّة لتعليمات لفظية، أو ممارسة الكتابة والرياضة، أو عزف الموسيقا، أو ركوب السيارة، وغيرها الكثير.
- الجانب الانفعالي: هو الحالة الانفعالية والعاطفية التي يمرُّ بها الفرد أثناء استجاباته السلوكيّة للمثيرات المختلفة؛ أي أنها الحالة الداخليّة التي ترافق سلوكاً معيناً، كالشعور بالحماس والسعادة تّجاه نشاط معين، أو الشعور بالارتياح أو عدم الارتياح لمثيرٍ أو نشاط آخر.
أنواع السلوك في علم النفس
يُقسم السلوك في علم النَّفس إلى نوعين رئيسيين، وهما:[5]
- السلوك الاستجابي: هو السّلوك المحكوم بالمثيرات السابقة له، فعند حدوث المثير يظهر السلوك الاستجابي بشكلٍ فوري، فمثلاً عند تقطيع البصل تدمع العينين وقد يُعتبر هذا النّوع من السلوك أقرَب إلى السلوك اللاإرادي، كما أنه سلوكٌ لا يتأثّر بالمثيرات التي تتبعه، فهو ثابت لا يتغير، إنما الّذي تتغير هي المثيرات التي تضبط هذا السلوك.
- السلوك الإجرائي: هو السلوك الناتج عن الاستجابات التي يتمّ تشكيلها وتحديدها من قِبل العوامل البيئيّة، مثل العوامل الاجتماعية، والاقتصاديّة، والتربويّة، والدينية. وعموماً فإن السلوك الإجرائي محكومٌ بنتائجه، فطريقةُ وآلية المثيرات البعديّة قد تضعف هذا السلوك أو تَدعمه وتقوّيه، وقد لا يكون لها أيّ تأثيٍر يُذكر على الاستجابة السلوكيّة؛ إذ لا يمكن إدراك جميع الظروف المحيطة بالإنسان في الحاضر أو الماضي.
خصائص السلوك الإنساني
يمتلك السلوك الإنساني عدّة خصائص يتميّزُ بها، وهي:[6]
- القابليّة للتنبؤ: هي خضوع السّلوك الإنسانيّ لنظامٍ معين ومعقد، وعند التمكّن من تحديد العناصر المكوّنة لهذا النظام يصبح من الممكن توقّع حدوث السلوك والتنبؤ به، كما يعتقد معدّلي السلوك والباحثين النفسيين أن البناءَ الذاتي المُتمثّل في تاريخِ الظروف الاجتماعيّة والماديّة المُؤثّرة في الفرد سواء بالماضي أو الحاضر هو ما يقرّر طبيعة سلوكه؛ حيث إن فهم جميع الجوانب والظروف الحياتيّة التي أثّرت في الفرد خلال حياته تساهم في سهولة توقّع السلوك المعين في الظرف المعيّن الذي يوجد فيه، مع الاعتماد على المعرفة الموضوعيّة والشاملة للظروف البيئية، إلا أنه في بعض الأحيان تصبح عملية التنبؤ بسلوكياتِ الفرد أمراً غير ممكن؛ بسبب صعوبة القدرة على الإحاطة الكاملة بجميع الظروف البيئية لحياته.
- القابلية للضبط: هي إعادة ترتيب وتنظيم المثيرات البيئية السابقة أو اللاحقة للسلوك، وتَستدعي ظهور الاستجابات السلوكيّة المُحدّدة، فإن إعادة تركيب الأحداث وتنسيقها بشكلٍ معين ومدروس يهدف إلى إظهار سلوك معين، ويكون ذلك باستخدام المبادئ والقوانين النفسيّة السلوكية.
- القابلية للقياس: يُعدّ السلوك الإنساني ظاهرة معقدة؛ لأنه يُقسم إلى قسمين أحدهما ظاهر يمكن قياسه، والآخر غير ظاهر لا يمكن قياسه، وأدّى ذلك إلى اختلاف العلماء في طرق تفسير وقياس السلوك، فطوّر بعضهم الأساليب القياسيّة المباشرة كالملاحظة وقوائم الشطب، وطوّر آخرون الأساليب غير المباشرة كاختبارات الذكاء والاختبارات الشخصيّة أو الاستدلال على السلوك من خلال البحث في المظاهر السلوكية المختلفة.
العوامل المؤثّرة في السلوك
اختلفت آراء علماء النَّفس في تحديدِ مدى تأثير العوامل المُختلفة في السلوك سواء أكانت بيئيّة مكتسبة أم جينية موروثة، فكان رأي بعض العلماء أن سلوكَ الفرد يعود إلى العوامل الوراثية التي تنتقل له عن طريق الجينات التي يرثها عن أبويه مثله مثل الذكاء ولون الشعر، وأضاف البعض الآخر من العلماء أن السلوك الإنسانيّ يُكتسب بتشرّب الفرد للعادات والتقاليد والأنظمة البيئية والاجتماعيّة التي يعيش فيها.[7]
أهداف علم النفس
يسعى علم النَّفس إلى تحقيق مجموعة من الأهداف المرتبطة بالسلوكِ الإنسانيّ، وهي:[1]
- تفسير السلوك وفهمه: هو سعي علم النَّفس إلى جمع المعلومات المتعلقة بجميع الأسباب الكامنة وراء ظهور السلوك والدّوافع المُحرّكة له؛ ممّا يُساعد على فهمه وفهم آلية ظهوره، بالإضافةِ إلى معرفةِ العوامل التي تؤدي له.
- التنبؤ: هو تحديد الاستجابات السلوكيّة من خلال الإلمام بعواملِ ظهور وطبيعة السلوك وكلّ ما يؤثر فيه، ويوفّر ذلك إمكانية توقع زمن وآلية حدوث السلوك.
- ضبط السلوك: هو إدراكُ دوافع السلوك والإلمام بطبيعةِ المُثيرات المُحدّدة التي تؤدي إلى استجاباتٍ معينة؛ ممّا يتيح الفرصة لضبطِ السلوك والتحكم فيه من خلال إخضاع الفرد لمُثيرات وعوامل وظروف معيّنة، ويؤدي ذلك إلى ظهورِ استجابات وردود فعلٍ مُحدّدة.
المراجع
- ^ أ ب "تعريف علم النفس"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 8-2-2018. بتصرّف.
- ↑ منى خضر الحبش (2007 - 2008)، المشكلات التربوية والسلوكية، الجامعة العربية المفتوحة، صفحة 3. بتصرّف.
- ↑ "تعريف ومعنى سلوك في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 13-2-2018. بتصرّف.
- ↑ د. طلعت منصور، ود. أنور الشرقاوي، ود. عادل عز الدين، وآخرون. (2003)، أسس علم النفس العام، القاهرة: المكتبة الأنجلو المصرية، صفحة 8 - 9. بتصرّف.
- ↑ "دراسة السلوك"، educapsy.com، اطّلع عليه بتاريخ 9-2-2018. بتصرّف.
- ↑ "خصائص السلوك، الأبعاد الرئيسية للسلوك، دوافع السلوك الإنساني"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 10-2-2018. بتصرّف.
- ↑ "السلوك والعوامل المؤثرة عليه"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 10-2-2018. بتصرّف.