-

مفهوم الحضارة لغة واصطلاحاً

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

مفهوم الحضارة

لا تكاد منطقةٌ تخلو من آثار الحضارات المختلفة، حيث إنّ هذه الحضارات لها آثارٌ واضحةٌ في مختلف أنحاء الكرة الأرضيّة، فنرى آثاراً مختلفةً للحضارات الرومانيّة، والإغريقيّة، والإسلاميّة، في العديد من البقاع سواء داخل الوطن العربي أو خارجه، وعلى سبيل المثال فإننا نرى في مصر أعظم الآثار التي تركتها الحضارة الفرعونيّة. وقد يختلف الناس في تفسير معنى الحضارة، ومكوناتها، وكيف تنشأ، وكيف تنهار، وفي هذا المقال سنستعرض أبرز الأفكار المهمة حول مفهوم الحضارة.[1][2]

تعريف الحضارة لغةً

تعريف الحضارة في اللغة مأخوذٌ من الفعل حضر، فالحضارة هي عكس البداوة التي يعيش فيها النّاس حياةً قبليّةً، حيث ينتهجون من حياة التّنقل من منطقة إلى أخرى نمطاً للحياة، وهذا عكس الحياة المدنيّة أو الحضريّة التي يمارس النّاس فيها الزّراعة، وغيرها من النشاطات الحضرية، ويعيشون في المدن، فالحضارة هنا تعني الاستقرار.[3]

تعريف الحضارة اصطلاحاً

الحضارة اصطلاحاً تعني مجموعة المظاهر العلميّة، والأدبيّة، والفنيّة، وكذلك الاجتماعيّة، الموجودة في المجتمع. وتعتمد الحضارات الإنسانيّة المختلفة على بعضها البعض، فكلّ حضارة جاءت متمّمةً للحضارة التي سبقتها، وتُسهم هذه الحضارات في البناء الحضاري الإنساني للعالم بأكمله، فالحضارة الإغريقيّة وغيرها من الحضارات القديمة التي تميّزت بوضع أساسات البناء الحضاري، وجاءت الحضارة الإسلاميّة وعملت على ازدهار هذا البناء الحضاري، ومن بعد المسلمين جاء الأوروبيون وطوّروا هذا البناء الحضاري.[1][2]

صفات الحضارة

لا بدّ أن يكون هناك صفات للحضارة، وهذه الصفات تتمثّل فيما يأتي:[3]

  • إنّ الحضارة تتغيّر تدريجيّاً وليس بشكلٍ مفاجئ.
  • من صفات الحضارة أنّها حضارةٌ إنسانيّةٌ، أي أنّها تختصّ بالإنسان دون غيره من الكائنات، وهذا ما يجمع بين مختلف الحضارات على الرغم من اختلافها عن بعضها البعض.
  • إنّ الحضارة موجودةٌ في عقل الإنسان وتفكيره الذي يجعله يعلم أنّ ماضيه مرتبطٌ بحاضره.
  • قد تأخذ الأمّة بعضاً من حضارات الأمم الأخرى.
  • إنّ الإنسان لا يستطيع الابتعاد أو الهروب من مظاهر الحضارة التي يعيش فيها أو يحتكّ بها.

شروط الحضارة

أهمّ الشروط التي تؤدي إلى نشوء الحضارة:[3]

  • الاستقرار: يُقصد بالاستقرار عدم الانتقال من مكانٍ إلى آخر، ويُعدّ الاستقرار من العوامل الأساسيّة لتطوّر وازدهار الحضارات.
  • التعاون: إنّ استقرار الإنسان في مكانٍ ما يجعله يحتاج إلى وجود تعاونٍ بينه وبين غيره ممّن يقيمون معه في البقعة الجغرافيّة نفسها، حتى يؤمّنوا سوياً الغذاء والحماية من أيّ خطرٍ قد يهددهم.
  • الكتابة: من أجل أن يقوم الإنسان بالاتصال مع غيره قام باختراع الكتابة، فالكتابة مهمّةٌ ليحفظ الإنسان كلّ ما قام بعمله، وإبداعه، واختراعه، فيقوم بذلك بنقل أفعاله، وتجاربه، وأقواله إلى الأجيال الّتي تأتي من بعده.

نظريات نشوء الحضارات

هناك العديد من النظريات والآراء حول الحضارات وأسباب نشوئها، ومن أهمّ هذه النظريات:[4]

  • نظرية فيجر (Vigor): تتحدّث هذه النّظريّة عن وجود ثلاثة عصورٍ تمرّ بها الحضارة أثناء مراحل تطورها، وهذه العصور هي: عصر الأهلّة، وعصر البطولة، وعصر النّاس، وقد حدّد فيجر أنّ هذه العناصر تشترك فيها الحضارات أثناء نشوئها ونموّها.
  • نظريّة شبينجلير (Sehpingler): تحدّث الفيلسوف الألمانيّ شبينجلير عن الحضارة في كتابه انحلال الغرب، حيث ذكر أنّها كالكائن الحيّ الّذي يمرّ بمراحل مختلفة في حياته من طفولة، وشباب، ونضوج، وشيخوخة.
  • نظرية توينبي (Twinby Arnoled): تحدّث الفيلسوف الإنجليزيّ توينبي عن الحضارة في كتابه دراسة التاريخ، حيث يرى أنّ نشوء الحضارة عائدٌ إلى استجابة الإنسان لتحدّيات الطبيعة.
  • نظرية ابن خلدون: يرى ابن خلدون أنّ جميع الحضارات التي نشأت كانت في بدايتها تعيش حياة بداوة، إلّا أنّها أخذت بالتوسع شيئاً فشيئاً حتى صارت عامرةً ومزدهرةً، ومع مرور الوقت يزول هذا الملك والعمران وينتقل إلى أمم أخرى.

أسباب انهيار الحضارات

بعد الحديث عن الحضارة ومفهومها وأسباب نشوئها لا بدّ لنا من ذكر أهمّ الآراء حول أسباب انهيار الحضارات وهذه الآراء هي:[4]

  • رأي أرنولد توينبي: يرى توينبي أنّ اندثار الحضارة يكون بسبب انحلالها، وأنّ انحلال الحضارة يأتي من خلال انشقاق المجتمع أو بسبب البروليتارية الداخليّة للمجتمع.
  • رأي شبينجلر: يرى شبينجلر أنّ الحضارة تموت بعد أن تكون قد حقّقت تطوراً وازدهاراً في شتّى المجالات الدينيّة، والثقافية، والفنيّة، وغيرها، وفي النهاية تعود إلى ما كانت عليه قبل التطور، أي إلى حالتها الأوليّة البدائيّة، ويرى أنّ هناك عاملان رئيسيان يؤديان إلى اندثار الحضارة، وهما وجود قوة أكبر من قوة الحضارة نفسها، وكذلك أنّ هذه الحضارة قد وصلت إلى صورتها النهائيّة.

أهم الحضارات عبر التاريخ

لابد لنا من ذكر أهم الحضارات الّتي مرت عبر التاريخ والّتي من أهمّها:[5]

  • حضارة بلاد الرّافدين:حضارة بلاد الرافدين جزءٌ من حضارات الشرق الأدنى القديم، وأكثر ما يميّز هذه الحضارة أنهارها الكبيرة مثل نهر دجلة ونهر الفرات، هذان النهران لهما أثرٌ كبيرٌ في استقرار الناس، إضافةً إلى أنّ وجود نهريّ دجلة والفرات قد ساهم في تطوير حضارة بلاد الرافدين.[6]

وقد ضمّت حضارة الرافدين العديد من الممالك المهمة مثل مملكة السّومريين، والآشوريين، والبابليين، ولهذه الممالك العديد من الملوك الذين كان لهم أكبر الأثر في تطوير حضارة بلاد الرافدين منهم آشور بانيبال ملك الآشوريين، وكذلك حمورابي المشهور بتشريعاته، وسرجون الملك الأكّادي.[6]

  • حضارة مصر القديمة: تتمركز حضارة مصر القديمة على جانبي نهر النيل، فهي واحدةٌ من أهمّ الحضارات في العالم وأقدمها، وبداية الحضارة المصرية كانت في عام 3150 قبل الميلاد، حيث وحّد الملك مينا في ذلك الوقت مصر بعد أن كانت منقسمةً إلى قسمين؛ مصر العليا ومصر السفلى، إلّا أنّه كان للمصريين القدماء إنجازاتٌ بالغة الأهمية فقد استطاعوا بناء أهراماتٍ ومعابد، وكان لهم بصمةٌ واضحةٌ في أنظمة الرّي والإنتاج الزراعي، كما أنّهم تركوا إرثاً حضاريّاً، وعلميّاً، وفنيّاً.
  • حضارة وادي السند: عند الحديث عن الحضارات العالميّة العظيمة لا بدّ من ذكر حضارة السّند التي نشأت قبل 4500 سنة، تلك الحضارة التي تمركزت حول نهر السّند، وتعرف هذه الحضارة باسم حضارة هارابا نسبةً إلى مدينة هارابا في الباكستان.
  • حضارة الصين: امتدّت الحضارة الصّينيّة إلى مناطق مختلفة في العصر الحجري الحديث من النهر الأصفر ونهر يانغتزي، وتظهر بعض الآراء ترجيح نشأة الحضارة الصينيّة في البحر الأصفر.
  • حضارة الإنديز والإنكا: حضارة الإنكا هي أكبر الحضارات في أمريكا الجنوبية وقد كان الهنود الحمر هم من أسّسوا هذه الحضارة، وامتدّت هذه الحضارة حتى وصلت بوليفيا والبيرو وكذلك الأرجنتين والإكوادور، أمّا حضارة الإنديز فقد كانت نشأتها سنة 1100 قبل الميلاد في جبال الإنديز، إلّا أنّ هذه الحضارة قد زالت على يد الإسبان أثناء غزوهم لأمريكا الجنوبيّة عام 1532م.
  • الحضارة الإسلاميّة: جاءت الحضارة الإسلاميّة لتعيد كثيراً من المعتقدات والأفكار التي كانت سائدةً عند الإنسان من قبل، وقد كان للحضارة الإسلاميّة أسسٌ كثيرةٌ أهمها عقيدة التوحيد التي لها دورٌ كبيرٌ في بناء المجتمع، إضافةً إلى العدل، والعمل، والعلم.[2]

المراجع

  1. ^ أ ب "الحضارة الانسانية واهميتها عبر التاريخ"، ksag.com، اطّلع عليه بتاريخ 3-12-2017. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ياسر تاج الدين (26-8-2015)، "تعريف الحضارة وأسسها في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-12-2017. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت "الحضارة"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 3-12-2017. بتصرّف.
  4. ^ أ ب "الحضارة"، www.onefd.edu.dz، اطّلع عليه بتاريخ 3-12-2017. بتصرّف.
  5. ↑ "تعرّف على أقدم 5 حضارات في العالم"، www.elshaab.org، اطّلع عليه بتاريخ 3-12-2017. بتصرّف.
  6. ^ أ ب "نبذة تعريفية عن بلاد الرافدين"، ksag.com، اطّلع عليه بتاريخ 3-12-2017. بتصرّف.