مفهوم الطب العلاجي في السنة النبوية
السُّنة النبويّة
تُعرف السُّنة في اللّغة بأنها السيرة المُتّبعة، أي الطريقة المسلوكة والمثال الذي يُقتدى به، كما تعني البيان، حيثُ يقال سنّ الأمر أي بيّنه، أمّا اصطلاحاً فهي: (ما أُثر عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من أقوال، وأفعال، وتقارير، وسيرة أو صفات خَلقية أو خُلقية، ممّا شوهدت قبل البعثة النبويّة أو بعدها). أما لدى الفقهاء فيمكن تعريف السُّنة بأنّها: (كلّ ما دلّ عليه الشرع من غير افتراض أو وجوب) أي ما يُثاب عليه فاعله ولا يُعاقب تاركه، ويُعرّفها علماء العقيدة بأنّها: كلّ ما يُطلق على هَدي النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في أصول الدّين من العلم والعمل.
الطبّ النبويّ
إنّ الصحة من أعظم النّعم التي منَّ الله علينا بها؛ فرُوي عن عبد الله بن عباس أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (نِعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاسِ : الصِّحَّةُ والفراغُ)، واحتوت كتب السُّنة النبويّة على العديد من أحاديثِ الرسول -عليه الصلاة والسلام- والتي تحدثت عن الأمراض المختلفة وكيفيّة علاجها، وخصص بعض العلماء كتباً كاملة تبحث في هذا الموضوع؛ فكتب النوويّ كتاب الطب النبويّ، وابن القيم كتاب زاد المعاد، والذهبي كتاب الطبّ النبويّ وغيرهم الكثير. حيثُ إنّ الطب النبوي هو: ما ورد وثبت عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- ممّا له علاقة بالعلاج والشفاء من الأمراض. وينقسم الطبّ النبويّ إلى قسمين وهما:
الطبّ النبويّ الوقائيّ
يتحدث الطبّ النبويّ الوقائيّ عن كيفيّة وقاية الجسد من الأمراض والعلل؛ حيثُ تناولت السُّنة النبوية عدّة جوانب طبيّة ووقائيّة، منها الأخذ بوسائل وأسباب الصحة، ووقاية الإنسان من الأمراض قبل وقوعها عن طريق ما يسمى بالحَجْر الصحيّ على المصاب؛ وذلك لمنع المصابين بالأمراض الوبائية من مخالطة غيرهم من الأصحاء، وانتقال الأمراض المعدية مثل الطاعون والجذام، فعن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا سَمِعتُم بالطَّاعونِ بأرضٍ فلا تدخُلُوها ، وإذا وقَعَ بأرضٍ وأنتُم بِها فلا تَخرُجوا مِنها)، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تُورِدُوا المُمْرِضَ على المُصِحِّ).
الطبّ النبويّ العلاجيّ
يُعرف الطبّ النبويّ العلاجي بأنّه علاج الأمراض التي يُصاب بها الإنسان؛ عن طريق التداوي بالرقية الشرعية والأدعية واستخدام الأدوية التي وردت في السنة النبوية، ومن الأدوية الكثيرة التي يتم استخدامها في العلاج النبويّ:
- العسل: عن أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- قال: (جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال: إنَّ أخي استُطلقَ بطنُه. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ "اسقِه عسلًا" فسقاهُ. ثم جاءَه فقال: إني سقيتُه عسلًا فلم يزدْه إلا استطلاقًا. فقال لهُ ثلاثَ مراتٍ. ثم جاء الرابعةَ فقال "اسقِه عسلًا" فقال: لقد سقيتُه فلم يزدْه إلا استطلاقًا. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ "صدق اللهُ، وكذب بطنُ أخيكَ" فسقاهُ فبرأَ).حيثُ أثبت العلماء أنّ للعسل العديد من الخصائص العلاجيّة والفوائد العظيمة للجسد.
- ماء زمزم: قال ابن القيّم في كتابه زاد المعاد: (وقد جربت أنا وغيري من الاستشفاء بماء زمزم أموراً عجيبة، واستشفيت به من عدة أمراض، فبرأت بإذن الله، وشاهدت من يتغذى به الأيام ذوات العدد قريباً من نصف الشهر أو أكثر، ولا يجد جوعاً، ويطوف مع الناس كأحدهم، وأخبرني أنه ربما بقى عليه أربعين يوماً). وماء زمزم من أشرف المياه وأرفعها قدراً وأحبّها للنفس، وثبت في صحيح مسلم أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال لأبي ذرّ الغفاري وقد أقام بين الكعبة وأستارها أربعين ما بين يوم وليلة ليس له طعام إلا ماء زمزم: (إنها مباركةٌ. إنها طعامُ طُعْمٍ).
- الحجامة: عن سلمى خادمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت: (ما كان أحد يشتكي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجعاً في رأسه إلا قال: احتجم)، والحجامة تعني تشريط موضع الألم لإخراج الدم الفاسد منه، وهي علاج عرفه العرب واستخدموه منذ القدم.