مفهوم الإيمان
الإيمان
إنّ العقيدة الإسلامية هي التصديق الجازم والتام بالله تعالى، وكلّ ما جاء عنه، والإقرار بالرسالة التي بعثها مع نبيه صلّى الله عليه وسلّم، والتصديق بكلّ ما شرعه لعباده، والابتعاد عن كلّ ما يضرّ بالإيمان فينقصه، وقد أتى ذلك مجموعاً في جواب رسول الله لجبريل عليه السلام، حين سأله عن الإيمان، فأجابه قائلاً: (أن تُؤمِنَ باللهِ، وملائكتِه، وكُتبِه، ورُسلِه، واليومِ الآخِرِ، وتُؤمِنَ بالقدَرِ خَيرِه وشَرِّه)،[1] وقد عرّف الإيمان في الإصطلاح: بأنّه قولٌ في اللسان وتصديقٌ بالجَنان وهو القلب، وعملٌ بالأركان، يزيد بالطاعات وينقص بالعصيان، أمّا الإيمان بالله، فهو: التصديق الجازم بوجوده وما يجب له، ويتحقّق الإيمان بالله من خلال الإيمان بأنّه الخالق والفاعل والمدبّر وحده، لا شريك له في ذلك، وهذا الإيمان موجودٌ في الخلق بفطرتهم، حيث لا يمكن لهم أن ينفكّوا عنه، ومن جحده وأنكره كان ذلك الظاهر منه دون الاستقرار في نفسه، وقد أكثر الله -تعالى- ذكر هذا النوع من الإيمان في القرآن الكريم، كما يتحقّق الإيمان من خلال الإقرار بما أثبته الله لنفسه، وما جاء عنه على لسان نبيه، فله سبحانه أسماءٌ وصفاتٌ تليق به، من الواجب الإيمان بهذه الأسماء والصفات بشكلٍ يليق به، مع الابتعاد عن التكييف أو التعطيل أو التمثيل وكلّ ما يخلّ بحقّ الله، حيث إنّه لا شبيه به ولا مثيل له، كما له الكمال المطلق ولمخلوقاته النقص والعيب، ويتحقّق الإيمان بإفراد الله وحده بالعبادة، وعدم الإشراك معه، والقيام بالعبادات التي شرعها لعباده والإخلاص فيها له وحده، وطاعة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- فيما جاء به.[2]
أركان الإيمان
جاءت أركان الإيمان بالله تعالى مجموعةً في قول الله تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّـهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)،[3] وذكرها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لجبريل عليه السلام حين سأله عن الإيمان، وفيما يأتي بيانٌ لهذه الأركان بشكلٍ مفصّلٍ:[4]
- الإيمان بالله تعالى وبما له من الصفات؛ ويشمل الإيمان بالله وبألوهيته وربوبيته وبما له من الأسماء والصفات، حيث جاء ذلك في كتابه الكريم، وبما جاء به رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عنه، والإقرار بها كما جاءت.
- الإيمان بالملائكة؛ وهم عباد الله المكرّمون والواسطة بينه وبين رسله عليهم الصلاة والسلام، ولهم وظائف مختلفةٌ ومتعددةٌ، فمنهم الموكّل بالوحي وهو جبريل عليه السلام، ومنهم الموكّل بالمطر وتصريفه، وهو ميكائيل عليه السلام، وغيرهم ما لا يحصى.
- الإيمان بكتب الله التي أرسلها مع أنبيائه عليهم الصلاة والسلام.
- الإيمان بالرسل؛ فقد بعثهم الله هداةً للناس ودعاةً لهم ودلالةً وإرشاداً، وكلّهم جاءوا بعقيدة التوحيد والإسلام مع اختلاف شرائعهم.
- الإيمان باليوم الآخر، وبالحساب، وبوجود الجنة والنار.
- الإيمان بالقدر؛ حيث يتضمن الإيمان بأنّ الله عالمٌ بكلّ شيءٍ ومحيطٌ به، والإيمان بما كتبه الله والذي يتضمن كلّ شيءٍ، ويدخل فيه الإيمان بكتابة المقادير الخمسة، وهي: التقدير الأزلي والميثاق والعمري والحولي واليومي، ثمّ الإيمان بما شاءه الله وبقدرته التي تشمل كلّ شيءٍ، والإيمان بأنّه خالق كلّ شيءٍ وحده لا شريك له.
وعلى المؤمن أن ينتبه على إيمانه ويحرص عليه، ويحاسب نفسه، ويبحث عن الأسباب التي تؤدي إلى زيادة الإيمان فيلتزم بها، ويبتعد عن كلّ ما يؤدي إلى نقصان إيمانه، وهو ما كان يفعله الصحابة رضوان الله عليهم، ومن أسباب زيادة الإيمان:[4]
- العلم؛ والمقصود به العلم الشرعي وأول هذا العلم هو العلم بالله تعالى وكلّ ما يتعلّق به، ثمّ العلم برسوله صلّى الله عليه وسلّم، وما جاء به.
- العمل؛ والعلم يسبقه، فلا عمل بلا علم، ولما يكون العمل صالحاً دلّ ذلك على صدق الإيمان.
الفرق بين الإسلام والإيمان
الإيمان والإسلام من الألفاظ والمصطلحات التي إذا اجتمعت في نصٍ واحدٍ كان لكلّ لفظٍ منهما معنى، فكان الإيمان بمعنى العبادات القلبية، كالإيمان بالله وملائكته وكتبه والإخلاص لله والتوبة والخشوع، والإسلام بمعنى العبادات الظاهرة؛ كقراءة القرآن وأداء الزكاة، كما في قول الله تعالى: (فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ*فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ)،[5] وإن تفرّقت حملت كلتاهما نفس المعنى، فكان الإيمان هو الإسلام، والإسلام هو الإيمان، والعبادة كما عرّفها شيخ الإسلام ابن تيمية: (اسمٌ جامعٌ لكلّ ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة)، وتُقسم العبادات إلى أربعة أقسامٍ، فمنها العبادات القولية؛ مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنها العبادات الفعلية؛ مثل الحجّ والجهاد في سبيل الله تعالى، ومنها العبادات الظاهرة؛ وهي التي تظهر على الجوارح؛ مثل لبس الحجاب، وآخرها العبادات الباطنة المتعلقة بالقلب؛ كالخوف من الله ورجائه، وللعبادة ركنان، أولهما: حب الله تعالى، وثانيهما: الذلّ له عزّ وجلّ، فالحب يستلزم الرجاء والتعظيم له، أمّا الذل فينتج عنه كره معصيته والخوف من عذابه، والعبادة لا تُقبل إلّا إن كانت مُخلَصة لله تعالى، ومتبعة على سنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وقد جاء ذلك في قول الله تعالى: (فَمَن كانَ يَرجو لِقاءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلًا صالِحًا وَلا يُشرِك بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)،[6] فالعمل لا يصلح إلّا إن كان على نهج رسول الله، ولا يتجرّد عن الشرك إلّا عندما يكون مخلصاً لله تعالى.[7]
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
- ↑ عبدالله القصيِّر (1-5-2016)، "تعريف الإيمان بالله لغة واصطلاحا"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-12-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 285.
- ^ أ ب أمين الدميري (31-5-2014)، "أركان الإيمان"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الذاريات، آية: 35-36.
- ↑ سورة الكهف، آية: 110.
- ↑ هشام المحجوبي، وديع الراضي (23-4-2013)، "الفرق بين الإيمان والإسلام والعبادة في الشرع"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2018. بتصرّف.