-

مفهوم النية لغة واصطلاحاً

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

مفهوم النيَّة لغة واصطلاحاً

النّيّة لُغة

تمّ تعريف النيَّة لغوياً بعدد غير قليل من المعاني، فمنها الأقرب من حيث المفهوم، والتداول والاستخدامات، وهذا تحليل كلمة النيَّة يأخذنا لمعرفة المعنى:

  • (نيَّة) من أصل الفعل (نوى)، مصدرها (نَوْيَة) على وزْن فَعلّة.
  • نظراً لاجتماع حرفي العلة (الواو الساكنة مع الياء المشددة) تمّ حذف الواو للثقل.
  • جمع نيَّة: نيّات، و "إنّما الأعمال بالنيّات".

النّيّة اصطلاحاً

النّيّة، هي أيّ عمل دون استثناء يبدأ من الجوارح، يكون في البداية فكرة، ثم يتم تفعيلها بين العقل، والقلب، والروح، وإنَّ صحّة العمل تكمن في سلامة الجوارح، فإذا صلحت الجوارح صلحت النيَّة وبالتالي يصلح العمل، فالنيَّة الحسنة تؤدّي للعمل الحسن، والنيَّة السيّئة تؤدّي للعمل السيئ، فالنيَّة هنا: شيء مكنون داخل القلب، لا تنقص لذكرها بالجهرلساناً، ولكن يجب الحرص عليها حتى تكتمل، ولا تفسد إن خالطت مسامع المغرضين الحاقدين، حيث يعملون على إفسادها، لذا فمن المستحب الاحتفاظ بها في القلب، والأهمية هنا العزم عليها بصبر وصمت، شبه البعض أنّ النيَّة بالنسبة للعمل بمثابة البوصلة التي توجه الأعمال وتصحح مساراتها وبالتالي وبينوا شروطها:

  • العمل من جنس النيَّة من حيث الصدق، أي إضمار العمل مع عدم اهمال السعي لنواله.
  • العمل من جنس النيَّة من حيث الثبات وعدم التغيير حسب الأهواء والظروف.
  • صلاح النيَّة وسلامة الجوارح يحقق الأعمال الصالحة والعكس، فهو تابع لها.
  • الثقة بالله بداية، ثم الاجتهاد والعمل في اتجاه تحقيق الأمر المقصود. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ). [البقرة: 264].

تعريفات النيَّة

  • العزّم والإرادة على فعل شيء نابع من داخل النفس أو الجوارح: (الروح، والقلب، والعقل) وإضماره لحين التنفيذ.
  • حاجة كامنة لسبب محدد وهدف مقصود، لشهوة أو إرادة، أو رغبة في قضاء شيء، مع تأجيل نواله لأسباب.
  • الضمير و الوازع المتحكم في الفعل، فإذا كان عن يقين في الخير قام العمل عليها خيراً، والعكس.
  • البعد المكاني المراد الذهاب إليه، مأخوذة من الفعل نوى أي ابتعد، ومنها: نوى القوم منزلاً؛ أي قصدوا الذهاب إليه.
  • الفرقة، أو الفراق فكثيراً ما زخرت أبيات الشعر العربي في (النوى) الفراق بين الأحبة، وفي وقوفهم على الأطلال.
  • هي التي تسبق العبادات ويجب الجهر بها أول الفعل وتعتبر من أسس وشروط كيفية أداء الفرائض، وتبعاً لذلك فهي سُنة نبوية مؤكدة، وشأنها عظيم إذ أنها تكون سبباً في قبول العبادة رغم أي اعتلال في أداءها أو بطلان العبادة وإن حسُنت، فإذا كانت النيَّة سليمة صلح العمل كله وكان مقبولاً، فهي في كل من:
  • الصلاة قال تعالى: (تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً)[ الفتح: 29].
  • الصوم لقد جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يبيِّتِ الصِّيامَ منَ اللَّيلِ فلا صيامَ لَه) [صحيح النسائي].
  • الزكاة قال تعالى: (وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّه) [البقرة: 272].
  • الحج والعمرة، النيَّة هنا بالإضمار وهو ما خالج نفس المسلم، والإفصاح قولاً وفعلاً على اعتبار أن ما سبق من تلك العبادات: التحضير، والسعي، وبذل المال، حتى يجد نفسه المسلم أمام بيت الله تكون بعد نيَّةُ المسلم أداء الفريضة، قال ابن عابدين: "النيَّة قصد الطاعة والتقرُّب إلى الله تعالى في إيجاد فعل التعبّد"، وقد أجمعت المذاهب الأربعة لكبار الأئمة (المالكي، والشافعي، والحنبلي، والحنفي) على أن النيَّة عمل مشروط به تسبق العبادات.

أقسام النيَّة

تنقسم النيَّة من حيث اتفاق أو اختلاف الجوارح إلى ثلاثة أقسام: الأعم، وعامّة، وخاصة:

النيَّة الأعم

هذا القسم يشترك بها كافة الخلق دون استثناء، وتنقسم إلى قسمين:

  • إرادية يمكن التحكم بها تتمثل في: فعل الخير، وتوفير الحماية، والعطاء للمحتاجين، وتقديم المساعدة دون مقابل، وفي: فعل السوء، الاعتداء على حقوق الغير، والضرب، والسرقة، لذا يعاقب عليها القانون.
  • لا إراديّة يصعب التحكم بها مثل: المحبة، والكره، والخوف، والرغبة، والخجل، والفرح، والحزن.

النيَّة العامة

تجمع بين الأشخاص الذين بينهم أكثر من رابط، ويكون لهدفين: هدف شخصي، وهدف آخر جماعي تشترك في إطار واتجاه واحد، ولأنّ مفهوم الجوارح أصبح متعارف عليه وهو: الروح، والقلب، والعقل، لذا يمكن تقسيم هذا البند إلى عدد من الأقسام:

  • من تتفق لديهم الجوارح مع الشهوة والرغبات، فالكل -الداخلي أي الجوارح، والخارجي تعني السلوك في اتجاه النيَّة قولاً وفعلاً- يسير إما للخير التام، أو السوء التام.
  • من تختلف لديهم الجوارح مع الشهوة والرغبات، وإما أن تتغلب الجوارح، أو العكس ويتعزز هذا بفعل النيَّة والإرادة القوية.
  • من تتعارض لديهم بعض الجوارح، كأن يتفق من الجوارح القلب مع الروح -أو المشاعر- ويرفضها العقل.

النيَّة الخاصّة

تكون النيَّة خالصة لله وطلباً للرضى وطمعاً في الرضوان، كأن يسعى لفعل الخير وكف الأذى عن نفسه ومجتمعه، وهذه النيَّة يعلمها الله وفق صحة الجوارح، فلا رياء، ولا تبديل، ولا كلل، يؤثر على السعي في طلبها بدأب ومثابرة مستمرة عن ثقة بالله وقوة إيمان.