-

مفهوم الثقافة التنظيمية

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الثقافة التنظيمية

ظهر مفهوم الثقافة التنظيمية في بداية الثمانينيات حيث أصبح لكل منظمة أو مؤسسة ثقافتها الخاصة فيها والتي تشتمل على مختلف الجوانب الملموسة للمنظمة بالإضافة إلى الافتراضات التي من شأن الأفراد أن يكونوها حول المنظمة التي ينتمون إليها والبيئة الخارجية الخاصة بها، وفي علم الأنثروبولوجيا استخدمت الثقافة التنظيمية قبل ما يقارب مئة عام، وهي في تغير وديناميكية مستمرة، الأمر الذي جعلها متعددة التعاريف.[1]

ورد أيضاً في ظهور مفهوم الثقافة التنظيمية أنّه وُجد مع ظهور أداب الإدارة والسلوك التنظيمي وذلك بسبب ظهور المنظمات الحديثة ومشكلاتها المتعددة التي تتزايد يوماً بعد يوم، ويمكن القول إنّ اختلاف مفهوم وتعريف الثقافة التنظيمية يعود إلى تعدد أنواع الثقافات الفرعية المنبثقة عن المنظمات المختلفة سواء كانت رسمية أم غير رسمية، والجدير بالذكر أنّ مفهوم الثقافة التنظيمية تأثر بشكل كبير بمفهوم الثقافة بشكل عام، وكان من علماء التنظيم على الرغم من اختلاف وجهة نظرهم إلى الثقافة التنظيمية وتعريفها أن طوروا التعاريف المتداخلة وجعلوها مكملة لبعضها، ليظهر مفهوم الثقافة الذي يشتمل على العديد من المفاهيم الإنسانية والأخلاقية والتكنولوجية.[1]

مفهوم الثقافة التنظيمية

تُعرف الثقافة التنظيمية بأنّها المركب الذي يُعرِّف المرء بالمجتمع والمنظمة التي ينتمي إليها، فهي ما يكون شخصية المنظمة التي تجعلها متفردة بصفاتها ومميزاتها في نظر العملاء والعاملين فيها، وهي ما يعكس القيم والمعتقدات عن المنظمة وما يبين مكانتها الحالية وما ستكون عليه مستقبلاً،[2] وقد عرَّف هيجان الثقافة التنظيمية بأنّها الثقافة التي تعبر عن القيم التي يؤمن بها الأفراد في منظمة معينة والتي تؤثر فيهم وفي القيم الإنسانية الملموسة في المنظمة نفسها، أما الكبيسي فقد رأي أن الثقافة التنظيمية هي مجموع المعاني المشتملة على المشاعر والقيم والاتجاهات التي تتحكم بسلوك الأفراد.[1]

من التعريفات الأخرى للثقافة التنظيمية ما يراه القريوتي بأنّها منظومة من المعاني والرموز والممارسات والمعتقدات التي تطورت مع مرور الزمن لتصبح من السمات الخاصة بالتنظيم والتي ساعدت في فهم أعضاء التنظيم للسلوك الذي يتوقعونه من أعضاء المنظمة، كما يعرف الجزراوي والمدهون الثقافة التنظيمية بأنّها حصيلة العلاقات الاجتماعية بين العاملين في التنظيم والتي تشكل أنماط سلوكهم وتساعد على الوصول إلى الوحدة التنظيمية من خلا التقاء العاملين في قيمهم ومعتقداتهم وأعرافهم وتوقعاتهم المستقبلية، ويمكن القول أنّ الثقافة التنظيمية ما هي إلّا المعاني والأمور والمشاعر المشتركة بين أعضاء التنظيم والتي تميز كل منظمة عن غيرها من المنظمات.[1]

يمكن إجمال معظم تعاريف الثقافة التنظيمية التي توصل إليها علماء التنظيم على أنّها منظومة الأفكار والعادات والتقاليد وأساليب التفكير التي تجمع أفراد المنظمة مع بعضهم ويشتركون بها، والتي من شأنها أن تؤثر في سلوكياتهم وتتحكم في خبراتهم التي بدورها تؤثر على إنتاجية المنظمة وكفاءتها،[1] وتشتمل الثقافة التنظيمية على طرق تنظيم عمل الموظفين، وطبيعة قيادتهم، ونظم مكافئاتهم وتقييمهم، والجدير بالذكر أنّ كل منظمة ثقافتها التنظيمية الخاصة بها والتي تنشأ من تفاعل مجموعة من العوامل المختلفة، حيث إنّها لا يمكن أن تنشأ من العدم.[3]

تعريفات أخرى للثقافة التنظيمية

من التعريفات الأخرى للثقافة التنظيمية الآتي:[2]

  • تعريف شين: يعرِّف شين الثقافة التنظيمية بأنّها المبادئ الأساسية التي اكتشفها الأفراد وعملوا على تطوريها واستعملوها لحل مشكلاتهم المرتبطة بتكيفهم الخارجي واندماجهم الداخلي، ويضيف أيضاً أنّ هذه المبادئ تعد الطريقة المثلى لإدراك المشكلات وفهمها.
  • تعريف تشارلز هاندي: يعرف تشارلز هاندي (بالإنجليزية: Charles Handy) بأنّها المعتقدات الراسخة التي تشير إلى كيفية ممارسة السلطة في المنظمة، وكيفية مراقبة العاملين فيها وعمل نظام لمكافئاتهم، بالإضافة إلى العديد من الأمور المرتبطة بالرقابة الفردية، وساعات العمل، وحق الموظفين والمرؤوسين بالابتكار وما تحتاجه المنظمة من التخطيط المستمر.
  • تعريف ماينر: يرى ماينر (بالإنجليزية: Miner) أنّ ثقافة المؤسسة هي كل ما يشارك به أفراد المؤسسة.
  • تعريف ديل: يعرف الثقافة التنظيمية بأنّها مجموعة الضغوطات اللاشعورية التي تشكل مجتمع أو بيئة العمل، والتي تساهم أيضاً في تكوين أفكار الأفراد في المنظمة وما حولها.
  • تعريف هاريسون: يرى هاريسون (بالإنجليزية: Harrison) أنّ الثقافة التنظيمية هي المعتقدات المختلفة التي يتعمق الفرد بها والتي من شأنها أن تنظم طريقة العمل، ومراقبة الأفراد في المؤسسة، وطرق مكافئتهم على أعمالهم، والتي تعبر عن التخطيط وكيفية ممارسة السلطة والطريقة التي ينظر بها الرؤساء إلى المرؤوسين داخل المنظمة.
  • تعريف غيبسون: يربط غيبسون (بالإنجليزية: Gibson) بين الثقافة التنظيمية وثقافة المجتمع العامة حيث تتكون كلاهما من قيم وقواعد ومعايير وفرضيات وقواعد يصنعها الإنسان بنفسه، ويضيف أنّ ثقافة المنظمة هي شخصيتها ومناخها.
  • تعريف كيرت ليوين: الثقافة التنظيمية هي البيئة التي ينجز الإنسان فيها مختلف أعماله، وهي أمر معنوي لا يمكن مشاهدته أو لمسه، إلّا أنّها تتواجد في كل مكان في المنظمة وتؤثر فيها.

أهمية الثقافة التنظيمية

تكمن أهمية الثقافة التنظيمية للمنظمة في:[4]

  • تكوين أنماط السلوك والعلاقات التي يجب أن يتبعها أفراد المنظمة الواحدة سواء كانوا العاملين بها أم مدرائها.
  • رفع قدرة المنظمة على التغيير والسير مع التطورات التي تحدث في المنظمات من حولها.
  • تحديد السلوك الوظيفي المتوقع من الأفراد العاملين في المنظمة، وتحديد طبيعة علاقاتهم ببعضهم وعلاقاتهم مع العملاء.
  • تحديد طريقة اللبس للموظفين واللغة التي يتحدثون بها.
  • الحفاظ على استقرار المنظمة.
  • تعدّ الثقافة التنظيمية عنصراً مساعداً ومؤيداً لإدارة المنظمة وتساعدها على تحقيق طموحاتها وأهدافها.
  • الحث على الابتكار في العمل وتجنب الروتين والطاعة العمياء.
  • توجيه الأفراد العاملين في المنظمة الواحدة، والعمل على تنظيم أعمالهم، وإنجازاتهم وعلاقاتهم ببعضهم.
  • استقطاب العاملين الطموحين والمبدعين والمطلوبين لتحقيق أهداف المنظمة.
  • تسهيل مهام الإدارة والتخفيف من حالات اللجوء إلى الإجراءات الرسمية لتحقيق الموظفين للسلوكيات المطلوبة منهم.

أنواع الثقافة التنظيمية

بالرغم من اختلاف أنواع الثقافة التنظيمية من منظمة إلى أخرى، ومن قطاع إلى آخر إلّا أنّه من أبرز أنواعها الآتي:[5]

  • ثقافة المهمة: (بالإنجليزية: Task Culture)، يكون التركيز فيها على نتائج العمل ومدى استخدام الأفراد العاملين للموارد المتاحة لتحقيق أفضل لأهداف المنظمة.
  • الثقافة الإبداعية: (بالإنجليزية: Innovative Culture)، هي الثقافة التي توفر بيئة العمل المساعدة على الإبداع، وعادة ما يتصف أفرادها بالجرأة في اتخاذ قراراتهم.
  • ثقافة الدور: (بالإنجليزية: Role Culture)، ينحصر تركيزها على تخصصات الأفراد العاملين في المنظمة وأدوارهم فيها، وتؤمن هذه الثقافة الاستمرار والثبات الوظيفي لأبناء المنظمة.
  • الثقافة البيروقراطية: (بالإنجليزية: Bureaucratic Culture)، والتي يتم فيها تحديد معظم السلطات والمسؤوليات التي تقع على عاتق أعضاء المنظمة، وتتسلسل فيها السلطة بشكل هرمي وتقوم في اساسها على الالتزام.
  • ثقافة العمليات: (بالإنجليزية: Process culture)، وفيها يكون الاهتمام على طريقة إنجاز العمل وليس نتائجه، وعادة ما يكون الفرد الناجح فيها هو من يحمي نفسه ويكون منظماً ودقيقاً في عمله.
  • الثقافة المساندة: (بالإنجليزية: Suppoative culture)، ويكون التركيز فيها على الجانب الإنساني، ويسود في المنظمة الجو الأسري والتعاوني بين العاملين فيساعدون بعضهم ويتعاونون وتسود بينهم مشاعر الأخوة والصداقة.

محددات الثقافة التنظيمية

أما محددات الثقافة التنظيمية التي تشير إليها الأبحاث والدراسات فهي:[6]

  • البيئة: إنّ الطريقة التي تتعامل بها المؤسسة مع عناصر بيئتها الداخلية أو الخارجية سواء كانوا من العاملين أو الموردين أو المنافسين تؤثر في طريقة تنظيم الموارد والأنشطة وتشكيل ثقافتها.
  • الحجم: إنّ اختلاف حجم المؤسسة لا يؤثر بالضرورة على تنظيمها، وإنّما الذي يؤثر هو طريقة إدارة المنظمة وأساليب التصرف في المواقف المختلفة التي تتأثر بدورها في حجم المؤسسة.
  • الأهداف: عادة ما تتأثر الثقافة التنظيمية في أهداف المؤسسة التي تسعى جاهدة لتحقيقها، فمثلاً لو أرادت المؤسسة أن ترفع من مستوى خدمة العملاء فإنّه يجب أن تركز في ثقافتها التنظيمية على ترسيخ القيم المرتبطة بعلاقات العملاء والعاملين.
  • التكنولوجيا: فالمؤسسات المتخصصة في استخدام التكنولوجيا تقوم على القيم المتعلقة بالمهارات الفنية في ثقافتها التنظيمية، أما المؤسسات الخدمية فتقوم على خدمة العملاء والمهارات الشخصية في ثقافتها التنظيمية.
  • الأفراد: للأفراد دور كبير في تحديد الثقافة التنظيمية، فالإدارة لا تستطيع أن تفرض ثقافة لا يؤمن بها أفراد المنظمة، كما أنّه لا يمكن للأفراد تفضيل ثقافة تنظيمية معينة لا ترغب بها إدارة المنظمة.
  • التاريخ والملكية: فتاريخ تطور المنظمة ونوعية القيادة التي تتولاها هو ما يعكس ثقافتها، كما أنّ لنوع الملكية أيضاً دوراً كبيراً في تحديد الثقافة التنظيمية سواء كانت عامة أم خاصة، وسواء كانت محلية أم دولية.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج محمد بن غالب العوفي ، الثقافة التنظيمية وعلاقتها بالالتزام التنظيمي، صفحة 9-12. بتصرّف.
  2. ^ أ ب عيساوي وهيبة، أثر الثقافة التنظيمية على الرضا الوظيفي، صفحة 16-17. بتصرّف.
  3. ↑ عيساوي وهيبة، أثر الثقافة التنظيمية على الرضا الوظيفي، صفحة 13. بتصرّف.
  4. ↑ محمد بن غالب العوفي، الثقافة التنظيمية وعلاقتها بالالتزام التنظيمي، صفحة 19-21. بتصرّف.
  5. ↑ محمد بن غالب العوفي، الثقافة التنظيمية وعلاقتها بالالتزام التنظيمي، صفحة 12-13. بتصرّف.
  6. ↑ أمينة صديقي، تأثير الثقافة التنظيمية على أداء الموارد البشرية، صفحة 9-10. بتصرّف.