مفهوم التجديد وأصوله في الإسلام
الدّين الإسلامي
من ميّزات الدّين الإسلامي وخصائصه أنّه دين متجدّد تواكب نصوصه الشّرعيّة باستمرار ما يستجدّ في الحياة من أمورٍ وأحداث، فالدّين الإسلامي ليس ديناً ساكناً لا يتفاعل مع متغيّرات الحياة ومستجدّاتها، بل هو دينٌ كلّه حركة وحياة وتجدّد وهذه من سمات الكمال في هذا الدّين العظيم .
مفهوم التّجديد في الإسلام
إنّ مفهوم التّجديد في الشّريعة الإسلاميّة لا يعني إحداث البدع في الدّين، فهذا يدخل في نهي النّبي عليه الصّلاة والسّلام، فنحن نؤمن بأنّ الله سبحانه وتعالى قد بعث رسوله بالدّين الكامل الشّامل الذي عالج بأحكامه وتشريعاته جميع جوانب الحياة الإنسانيّة، وبالتّالي لا يحتاج هذا الدّين إلى أصولٍ أو مسائل مبتدعة وإنّما يحتاج إلى التّجديد بمعناه ومفهومه الحقيقي الذي أراده النّبي عليه الصّلاة والسّلام في الحديث الصّحيح حينما قال: (يبعث الله على رأس كلّ مئة سنة من يجدّد لهذه الأمّة دينها ينَها) [تخريج مشكاة المصابيح]، ووفق هذا المعنى فإنّ التّجديد الحقيقي يتضمن ما يأتي :
- إعادة الرّونق لهذا الدّين العظيم: فديننا الإسلامي بلا شكّ ينبغي أن يحمل رسالة تبليغه إلى النّاس رجالٌ قادرون على إيصاله في أحسن صورة بامتلاكهم لمهارات الدّعوة والتّبليغ، وبقدرتهم على فهم طبيعة الشّخصيّة الإنسانيّة وما يناسبها من منهجٍ وأسلوب، ومثال على ذلك ما كان يردّده النّبي الكريم على مسامع أصحابه حينما كان يبعثهم رسلاً إلى النّاس بقوله بشّروا ولا تنفّروا، أو نهيه الصّحابي الجليل معاذ بن جبل حينما أطال في الصّلاة بالنّاس بقوله:(يا معاذُ ! أفتَّانٌ أنت؟) [صحيح أبي داود] .
- مواكبة ما يستجدّ في الحياة: طبيعة الحياة البشريّة تتغيّر وتتطوّر باستمرار، وبالتّالي تكون الحاجة ملحّة لإعادة قراءة النّصوص الشّرعيّة بما يتلاءم مع هذه المستجدّات ووفق الأصول المعتمدة في الاجتهاد وبعيدة عن الهوى والآراء الشّخصيّة.
- إزالة ما علق بهذا الدّين العظيم من تصوّرات خاطئة: ومفاهيم مغلوطة، وتطبيقات منحرفة ليظل هذا الدّين ناصعاً بأحكامه وتشريعاته وكما أنزلت على النّبي عليه الصّلاة والسّلام، ومثال على ذلك مفهوم الجهاد في الإسلام الذي تعرّض إلى كثيرٍ من التّشويه والتّحريف على يد عددٍ من المسلمين.