مفهوم الجودة الشاملة
مفهوم الجودة الشاملة
تسعى المُؤسَّسات إلى ترسيخ مبادئ الجودة الشاملة في عمليّاتها كلّها في الإنتاج، والخدمات، وغيرها من المجالات؛ بهدف مواجهة ما يستجدّ من تحدّيات تتعلَّق بالمنافسة على الصعيدين: المحلّي، والعالَميّ؛ للوصول إلى أعلى المستويات في جودة الإنتاج. ومن هنا كان لا بُدّ من تركيز الضوء على مفهوم الجودة بشكل عام، ومفهوم الجودة الشاملة بشكل خاصّ.[1]
مفهوم الجودة
يُعتبَر لفظ الجودة (بالإنجليزيّة: Quality) مُشتقّاً من الكلمة اللاتينيّة (Qualities)، وهي تعني: طبيعة الشيء، ودرجة صلاحه، وهو يشكّل مفهوماً يختلف باختلاف الجهة المُستفيدة منه، وقد وردت فيها عدّة تعريفات، من أهمّها:[1]
- عرَّفها (Kauro Ishikawa) على أنّها: "العمليّة التي يتَّسع مداها لتشمل جودة العمل، وجودة الخدمة، وجودة المعلومات، والتشغيل، وجودة القسم، والنظام، وجودة المورد البشريّ، وجودة الأهداف، وغيرها".
- عرَّفها قاموس (Websder) على أنّها: "مصطلح عام قابل للتطبيق على أيّة صفة، أو خاصّية منفردة، أو شاملة".
- عرَّفتها (الإيزو) على أنّها: "مجموع الصفات، والخصائص للسِّلعة، أو الخدمة التي تؤدّي إلى قدرتها على تحقيق رغبات مُعلَنة، أو مُفترَضة"[2]
ومن هنا يمكن لنا تعريفها على أنّها: الحرص على تقديم التوقُّعات، والخدمات التي تُحقِّق بها المُنظَّمة رغبات المُستفيدين، بحيث إنّ عليها أن تحاول تقديم مستوى أعلىً من تلك التوقُّعات.[3]
مفهوم الجودة الشاملة
تناولت أدبيّات الإدارة عدّة تعريفات لإدارة الجودة الشاملة، منها ما يأتي:[3]
- عرَّفها (معهد الجودة الفدراليّ) على أنّها: "القيام بالعمل الصحيح، وبشكل صحيح من أوّل مرة، مع ضرورة الاعتماد على آراء العُمّال، والمُستفيدين من الخدمات، والسِّلَع في مدى تحسُّن الأداء".
- عرَّفها (أوكلاند) على أنّها: "أسلوب لتحسين فاعليّة، ومرونة العمل بشكل عامّ، وأنّها طريقة للتنظيم تشمل المُنشَـأة بأكملها، وفي ذلك جميع الأقسام، والأنشطة، والمُوظَّفين على جميع المستويات".
- عرَّفها (جابلونسكي) على أنّها: "شكلٌ تعاونيٌّ لأداء الأعمال، بتحريك المواهب، والقدرات، لكلٍّ من العاملين، والإدارة؛ لتحسين الإنتاجيّة، والجودة بشكل مستمرّ، مستخدمةً فرق عمل".[2]
ومن خلال التعريفات السابقة، يمكن لنا تعريفها على أنّها: نظام يهتمُّ بتصميم مستوىً مُعيَّنٍ من الخدمة، وبشكلٍ يُماثلُ، أو يتجاوزُ توقُّعات مَن يَستخدمون الخدمات، أو السِّلع التي يتمُّ تقديمها.[2]
أهداف إدارة الجودة الشاملة
تهتمّ إدارة الجودة الشاملة دوماً بالمُضيِّ قُدُماً نحو التحسين المُستمرّ للعمليّات التي تتمّ في المُنظّمة جميعها، حيث تتلخَّص أهدافها بعدّة نقاط، من أهمّها:[3]
- تحسين الأساليب المُستخدَمة في العمل.
- رفع الإنتاجيّة الخاصّة بكلّ عنصر من عناصر العمل.
- بناء العلاقات الإنسانيّة، وتقديرها.
- تنمية الانتماء، والولاء للمُنظَّمة، والعمل.
- تنمية قدرات المُوظَّفين، ومهاراتهم.
- اختصار الإجراءات الروتينيّة الخاصّة بالعمل، من حيث التكلفة، والوقت.
- رفع الكفاءة الخاصّة بالمُنظّمة من حيث إرضاء العملاء، والتفوُّق على مُنافسيها.
- الحرص على زيادة المرونة في المُنظَّمة في التعامل مع المُتغيِّرات، وذلك من خلال تجنُّبها للمخاطر، واستثمارها للفُرَص.
- الاهتمام بالتحسين المستمرّ للمستويات، والفعاليّات كلّها في المُنظَّمة.
- تحسين المقدرة التنافسيّة، والكلّية للمُنظَّمة أمام غيرها من المُنظَّمات التي تُماثِلُها.
مُتطلَّبات تطبيق الجودة الشاملة
تشمل مُتطلَّبات تطبيق إدارة الجودة الشاملة عدّة نقاط، من أبرزها:[2]
- الحرص على تحقيق رضا العملاء الخارجيّين، والداخليّين؛ حيث إنّه يُعَدّ محور الجهود كلّها في إدارة الجودة الشاملة، عبر تنمية العلاقات معهم، وتحليل احتياجاتهم، وتوقُّعاتهم، وتحديدها، وغيرها من الأمور.
- الحرص على تأييد، ودعم برنامج إدارة الجودة الشاملة من قِبَل الإدارة العُليا.
- الاهتمام بقياس الأداء في ما يتعلَّق بالجودة، والإنتاجيّة.
- تبنّي ما هو ملائم من الأنماط القياديّة في ما يتعلَّق بإدارة الجودة الشاملة.
- اختيار الهيكل التنظيمي الملائم.
- توفير نظام معلومات خاصّ بإدارة الجودة الشاملة.
- تحقيق المشاركة من قِبَل الموظَّفين كلّهم في كافّة الجهود؛ لتحسين الجودة، والإنتاجيّة.
- تدريب الموظَّفين، وتعليمهم بشكل مستمرّ، ممّا يمكّنهم من تطبيق معارفهم تطبيقاً فعليّاً.
- إدارة الموارد البشريّة بشكلٍ فعّال، وذلك عن طريق تدريبهم، وتحفيزهم بشكل متواصل، وتقييم أدائهم، وغيرها من الأمور.
- تهيئة المناخ الملائم للعمل، والاهتمام بالتهيئة الشاملة لثقافة المُنظَّمة.
مبادئ إدارة الجودة الشاملة
تُعتبَر مبادئ إدارة الجودة الشاملة بمثابة التعليمات التي تساعد على تطبيق فلسفتها، حيث حدَّد (ديمنج) -وهو الأب الروحي لإدارة الجودة الشاملة- أربعة عشر مبدأ يتعلَّق بها، ومن هذه المبادئ:[1]
- أهمّية تحديد الأهداف اللازمة؛ لتحسين جودة الخدمة.
- بناء فلسفة جديدة في العمل، وذلك عن طريق عدم قبول المستوى العادي، من حيث الأخطاء، والتأخير، وما إلى ذلك.
- حلّ المشاكل.
- المشاركة ما بين الأفراد في المنظَّمة، ممّا يؤدّي إلى استخدام قدراتهم في ما يصبُّ في مصلحة المنظَّمة.
- الحرص على تدريب الأفراد باستخدام الطرق الحديثة.
- تفهّم حاجات الزبائن، والتركيز عليهم، وتلبيتها، مع التركيز على أهمية تجاوز توقُّعاتهم بشكل دائم.
- إيجاد بيئة داخليّة تشجّع الأفراد على المشاركة بشكل كامل؛ بهدف تحقيق الأهداف، حيث يتطلّب هذا وجود قيادة يوحِّدها هدف المُنظّمة.
- إلغاء فلسفة تنفيذ الأعمال بأقلّ الأسعار.
- الاعتماد على المتابعة الإحصائيّة، والرقميّة للجودة، وليس على الملاحظة فقط.
- تحليل المعلومات، وتبنّي القرارات ذات الفاعليّة.
خطوات تطبيق إدارة الجودة الشاملة
من الجدير بالذكر أنّه لدى تطبيق إدارة الجودة الشاملة، فإنّه لا بُدّ من اتّباع العديد من الخطوات، وذلك على النحو الآتي:[3]
- التمهيد: حيث يتضمّن ذلك تهيئة المُوظَّفين للالتزام بمفهوم الجودة الشاملة، وتقبُّله، ومعرفة ما يحتاج إليه من إجراءات، حيث لا بُدّ هنا من توضيحه، وبيان أسسه للموظَّفين جميعهم، مع ضرورة تحديد معايير الجودة المُراد الوصول إليها في كلّ مجال، مع الأخذ بعين الاعتبار توفير المعلومات، والموارد المادّية اللازمة، وتحديد المسؤوليّات الضروريّة للتنفيذ، بالإضافة إلى تحديد احتياجات المستفيدين.
- التنفيذ: حيث يتضمّن تحديد المسؤوليّات الخاصّة بكلّ فرد، بحيث يتمّ بعد ذلك تحديد سُلطاته بناءً على هذه المسؤوليّات، علماً بأنّ توزيع هذه المسؤوليّات يكون بناءً على قدرات هؤلاء الأفراد، ومن الجدير بالذكر أنّه من الممكن زيادة قدرات الأفراد، وذلك عن طريق التدريب المتواصل.
- التقويم: حيث يكون مُرافقاً للخطوات المُتعلِّقة بتنفيذ إدارة الجودة الشاملة؛ لتحسين العمليّات الخاصّة بها، وهو يتكوّن من عدّة خطوات، هي:
- المقارنة بين معايير الجودة المُحدَّدة في التمهيد، والأداء.
- تقييم الأداء الخاصّ بالمُوظَّفين.
- الحرص على الرقابة المُستمرّة في المراحل جميعها.
- توجيه العمل نحو ما يستجدّ من مُتطلَّبات بالنسبة للمُستفيدين، وتحديد الانحرافات، والأهداف؛ لتصويب الأخطاء بشكل مستمرّ.
- الاهتمام بالمراجعة المتواصلة للجودة؛ بهدف التأكُّد من نظام إدارة الجودة الشاملة، وفاعليّته، وملاءمته لطبيعة العمل.
مزايا تطبيق إدارة الجودة الشاملة
تتَّسم إدارة الجودة الشاملة بالعديد من المُميِّزات، من أبرزها:[4]
- تركِّز على التحسين المستمرّ.
- تساهم الأنشطة الخاصّة بها بشكلٍ كبير في زيادة الحصّة السوقيّة للمُنظَّمات الإنتاجيّة.
- تقلِّص من الأخطاء الموجودة في العمليّات التشغيليّة، والضياع في المخزون، والمشاكل الخاصّة بالزبائن، ممّا يزيد من الكفاءة.
- تزيد الإنتاج بأقلّ التكاليف، وذلك يتمّ عن طريق التركيز على تقديم السلع التي تتَّسم بالجودة المرتفعة للزبائن، ممّا يعني تعزيز الموقع التنافسيّ للمُنظَّمة، مما يؤدي إلى زيادة الربح.
- تسمح للمُنظَّمة بتحقيق الأهداف الخاصّة بها، من حيث زيادة أرباحها، وتحقيق نموّها، واستغلالها الأمثل للموارد البشريّة.
معوّقات تطبيق إدارة الجودة الشاملة
هنالك بعض المُعوِّقات التي تواجه إدارة الجودة الشاملة، ومن أبرزها ما يأتي:[4]
- عدم نشر ثقافة الجودة، ممّا يعني عدم رغبة الإدارة، أو الموظَّفين بالتغيير، الأمر الذي يؤدّي إلى مقاومتهم له.
- عدم الثقة في المدير، وعدم توفُّر الانسجام بين الأعضاء الذين يتشكّل منهم فريق العمل، أو في ما بين فِرَق العمل.
- غياب الاتّجاهات، والقِيَم، والسلوكيّات التي يتمّ تشارُكها في المُنظَّمة، ممّا يعني غياب الثقافة التنظيمّية الفاعلة.
- عدم التمييز بين مفهومَي إدارة الجودة الشاملة، وجودة المُنتَج.
- غياب المعلومات، ممّا قد يشكِّل عائقاً كبيراً أمام المُنظّمات؛ وذلك لكونها أساس إدارة الجودة الشاملة.
- تغيير القيادات بشكل مستمرّ، ممّا يعيق عمليّة استيعاب نموذج إدارة الجودة الشاملة.
- عدم كفاية الوقت، بالإضافة إلى الاعتماد على الخبراء المُختصِّين بالجودة أكثر من الموظَّفين أنفسهم.
المراجع
- ^ أ ب ت قدور لبراو (2014/2015)، دور إدارة الجودة الشاملة في تحسين أداء العاملين في المؤسسة الاقتصادية الجزائرية، الوادي- الجزائر: جامعة الشهيد حمه لخضر، صفحة 14-13، 4-3. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث سعيد سالم الحنكي (2006م)، مجالات البحث العلمي الأمني في ظل إدارة الجودة الشاملة، صفحة 56-52، 49-48. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث عزيز بن معوض القثامي (2012/2013)، تطبيق إدارة الجودة الشاملة في الإدارة العامة للتربية والتعليم بمحافظة الطائف: الإمكانيات والمعوقات من وجهة نظر العاملين فيها، السعودية: وزارة التعليم العالي- جامعة أم القُرى، صفحة 55-53، 26، 24. بتصرّف.
- ^ أ ب بن شلویة كاملیة، وشرفي أمال (2012/2013)، الجودة كمدخل لتحسین الأداء الإنتاجي في المؤسسات العمومیة، ورقلة: جامعة قاصدي مرباح، صفحة 44،43. بتصرّف.