بيّن العلماء الفرق بين التبنّي ورعاية اليتيم من عدة وجوه، فالتبنّي معناه أن يتخذ الرجل يتيماً من أيتام المسلمين، فيضمّه إلى أسرته، ويجعله كأحد أبنائه، كما يدعى اليتيم المُتبنّى باسم الرجل الذي تبناه، ولا تحل له محارم هذا الرجل لأنه يكون كالأولاد الذين من أصلاب الرجل، فبنات المتبني أخواته، وأخوات المتبني عماته، وقد عُرفت عادة التبنِّي في الجاهلية، فكان بعض الرجال ينسبون إلى من يتبنونهم، مثل: المقداد بن عمرو الذي كان يُعرف بالمقداد بن الأسود نسبة إلى من تبناه، وكذلك الصحابي زيد بن حارثة الذي كان يُعرف زيد بن محمد قبل نزول آية تحريم التبني، أمّا رعاية اليتيم وكفالته فتختلف في معناها عن التبني فرعاية اليتيم تعني أن يكفل الرجل اليتيم فيقوم برعايته في بيته أو بيت غيره، ولا يحل له ما حرمه الله، ولا يحرم عليه ما أحلَّ الله، كما لا ينسبه إلى نفسه.[1]
يختلف التبني عن رعاية اليتيم في أن الأول مُحرّم لأسباب كثيرة، منها: تضمنه تحريم ما أحل الله؛ حيث يحرم على اليتيم الزواج من بنات المُتبنِّي على الرغم من حل ذلك له، كما أنَّ في التبنِّي تضييع للأنساب، بينما نجد كفالة اليتيم ورعايته من الأعمال التي تكون سبباً لمرافقة النبيّ الكريم في الجنة.[1]
حرّم الله -تعالى- التبنِّي في السنة الرابعة أو الخامسة من الهجرة، وكانت مناسبة نزول آيات التحريم أن المنافقون تكلموا في عرض النبيّ -عليه الصلاة والسلّام- حينما تزوج زينب بنت جحش بعد أن طلقها زيد بن حارثة، فقالوا أنّ محمد تزوج زوجة ابنه، فأنزل الله تعالى الآيات التي تُبطل التبني،[2] ومنها قوله تعالى: (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا).[3]
لكفالة اليتيم فضل كبير، فإطعامه سبب من أسباب دخول الجنة، ورعايته والحنو عليه سببٌ للين القلب وخشوعه،[4] ففي الحديث النبويّ الشريف: (أتحبُّ أن يلينَ قلبُك، وتُدْرِكَ حاجتَكَ؟ ارحَمِ اليتيمَ، وامسَح رأسَه، وأطْعِمْه من طَعامِك، يَلِنْ قلبُك، وتُدْرِكْ حاجتَكَ).[5]