يُعتبر الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ الهُذلي أول من جهر بالقرآن في مكة المكرّمة أمام قريش، حتى لقيَ منهم الأذى والعذاب، ويُكنّى بأبي عبد الرحمن، كان مُلازماً للنبي، وشارك معه في غزوة بدر والحُديبية، وشهد له رسول الله بالجنة، وهاجر الهجرتين، وصلّى إلى قبلة المسلمين الأولى بيت المقدس؛ لأنّه كان من السابقين إلى الإسلام، وبعثه عمر بن الخطاب إلى الكوفة؛ ليكون معلماً ووزيراً، وأثنى عليه حذيفة بن اليمان بأنّه كان أشبه الناس بهدي النبي وخُلقه، وأنّه أخذ من النبي سبعين سورةً من القرآن لا يجادله فيها أحد، وتوفّي -رضي الله عنه- بالمدينة سنة اثنين وثلاثين للهجرة، ودُفن بالبقيع، وصلّى عليه عثمان -رضي الله عنه-.[1]
كان للنبي وللصحابة آراء ومواقف في ابن مسعود؛ فأخبر النبي الصحابة بالتمسّك والاقتداء بهديه وقراءته، فقال: (مَن سَرَّهُ أنْ يَقرأَ القُرآنَ غَضّاً كما أُنزِلَ، فلْيَقرأْه على قِراءةِ ابنِ أمِّ عبدٍ)،[2] وبعثه إلى العراق بعد فتحها؛ ليُعلّم الناس القرآن والسنة، وأمّا عمر بن الخطاب؛ فقد أثنى عليه وشهد له بكثرة العلم، وقال أبو موسى عنه: "ما كنّا نعدّ عبد اللّه بن مسعود إلّا من أهل بيت النبي؛ من كثرة ما نرى دخوله وخروجه:، وقال لأهل العراق: "لا تسألوني ما دام ابن مسعود فيكم"، فكان ابن مسعود من أكابر العلماء في الصحابة، ومن الطبقة الأولى في رواية الحديث.[3]
لازم ابن مسعود النبي كثيراً؛ ممّا جعله من المُكثرين في رواية الحديث، وكان له منهجٌ خاصٌ به؛ فكان شديد التحري في الأداء والرواية، ولا يجزم بأنّ هذا الحديث هو نفس النص الذي ورد عن النبي؛ من باب التقوى والورع، ولا يروي ما صَعُبَ حفظه للعامة؛ مخافة الفتنة، ومن تلامذته الذين رووا عنه: الربيع بن خُثيم، وشُريح القاضي، وزِر بن حُبيش.[4]