حتى تكون العلاقة الزوجية ناجحةً ومثمرةً، وتحقق أهدافها المرجوّة منها، فهناك مجموعةٌ من الأسس والآداب الإسلامية التي لا بدّ من الحرص عليها بين الزوجين، أولها؛ تحقيق جميع أركان وشروط عقد الزواج الإسلامي عند عقده بين الزوجين، فإنّها الأعمدة التي تقوم عليها العلاقة الزوجية، يلي ذلك حرص الزوجين على إقامة علاقتهما على محبة الله -تعالى- ورضاه، فإن اجتماع الزوجين على رضا الله -تعالى- وطاعته، أساسٌ في تحقيق سعادتهما؛ لأنّ الله -تعالى- مؤلف القلوب والجامع بينها، بالتالي فإنّ طاعته تثمر المحبة والألفة بين الزوجين، كما أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أشار إلى ذلك المعنى، وأكد على أهميته، حين أوصى من أراد الدخول على أهله أن يدعو قائلاً: (اللهم إني أسألُك من خيرِها، وخيرِ ما جُبِلَتْ عليه، وأعوذُ بك من شرِّها، وشرِّ ما جُبِلَتْ عليه)،[1] ثم لا بدّ للزوجين من إقامة حياتهما على أساس إحسان العشرة فيما بينهما، والمعاشرة بالمعروف تقوم على أساس الخلق الحسن، والرفق، اللذان يزينان كلّ ما كانا فيه، ويشينان كلّ ما انتزعا منه.[2]
ثم إنّ الحياة الزوجية محمّلةٌ بالمسؤوليات الواجبة على كلّ من الزوجين، ولا تستقيم الحياة إلّا بتأدية كلّ طرفٍ لما عليه من واجباتٍ، لذا فيجب على الزوجين أن يكونا جاهزين لتحّمل مسؤولياتهما، وقد عبّر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن هذه المسؤوليات بقوله: (الرجلُ راعٍ على أهلِ بيتهِ، وهو مسؤولٌ عنهم، والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بعلِها وولدهِ، وهيَ مسؤولَةٌ عنهُم)،[3] إنّ للحياة الزوجية أسرارٌ، يجدر بالزوجين أن يتعاهدا على عدم إفشائها للناس، حتى تستوي حياتهما، ومن ذلك ما يحصل بينهما من المعاشرة، والعلاقة الزوجية الخاصة، فقد نهى النبي -صلىّ الله عليه وسلّم- أن ينشر المسلم ما يحصل بينه وبين زوجته فيها، ومن الأسرار الزوجية الواجب حفظها أيضاً، ما يحصل بين الزوجين من مشكلاتٍ في بعض الأحيان، فذلك أدعى لحلها بيسرٍ وسهولةٍ، ومن الأسس المهمة في بناء الحياة الزوجية، الحرص على العدل، فهو يساعد الإنسان على تحقيق التوازن في نظرته إلى إيجابيات وسلبيات شريكه، ومن ذلك أيضاً اختيار الزوج أو الزوجة على أسسٍ سليمةٍ، فيكون كلّ منهما كفؤاً لصاحبه، وكفؤاً لإقامة علاقةٍ زوجيةٍ ناجحةٍ معه.[2]
يجب أن يحسن الرجل اختيار زوجته؛ لتكون زوجةً صالحةً تعينه على كلّ خيرٍ، وتخفف عنه أعباء الحياة، وتؤنسه سائر عمره، ولا بدّ للزوج من مراعاة بعض الأسس في اختيار زوجته، وفيما يأتي بيان جانبٍ من ذلك:[4]
من تتبع سيرة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ونظر فيها، وجد من معاني الرحمة والمحبة والألفة بينه وبين زوجاته الشيء الكثير، فقد كان رسول الله يقدّر الزوجة، ويوليها عنايةً كبيرةً جداً، ويحرص على مواساتها ويقدّر مشاعرها، ويسمع شكواها، وغير ذلك من صور الرحمة والرفق والمودة التي كانت تزخر بها حياته اليومية، فمن ذلك أنّه كان يأكل ويشرب من موضع أكل وشرب زوجته عائشة رضي الله عنها، فكما أخبرت السيدة عائشة حين قالت: (كنتُ أشربُ وأنا حائضٌ، ثم أُنَاوِلُه النبيَّ- صلى الله عليه وسلم ،فيَضَعُ فاه على موضِعِ فيَّ، فيشرب)،[8]، ومنه أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم- كان يتنزه مع زوجاته، ويضحك من نكاتهن، كما كان النبي يساعد زوجاته في أعباء المنزل، ويمتدحهنّ ويُعلن حبه لهنّ أمام الناس، كما كان يعدل النبي بين زوجاته، ويواسيهنّ في أحزانهن، ويعرف مشاعرهن، ويحتمل صدودهنّ.[9]