-

طول وعرض الكعبة المشرفة

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الكعبة

الكعبة في اللغة: هي البيت المربع، وجمعها كِعاب، وسُميت كعبة البيت الحرام بذلك؛ لارتفاعها وتربُّعها، وكل بيتٍ مربعٍ فهو عند العرب كعبة،[1] وفي الاصطلاح تطلق الكعبة على البيت الحرام، وهو اسمٌ خاصٌ للبيت العتيق، وقد بُنيت الكعبة المشرفة خمس مرات، وبيان ذلك على النحو الآتي:[2]

  • بناء الملائكة للكعبة قبل آدم عليه السلام.
  • بناء إبراهيم عليه السلام.
  • بناء قريشٍ للكعبة في الجاهلية، وقد شهد هذا البناء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
  • بناء عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما.
  • بناء الحجاج بن يوسف الثقفي.

وقال الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية: كانت الكعبة بعد إبراهيم -عليه السلام- مع قبيلة جرهم والعمالقة إلى أن انقرضوا، ثم خلفهم فيها قريش بعد استيلائهم على الحرم؛ وذلك لكثرتهم بعد القلّة، وعزّتهم بعد الذلّة، وكان قصي بن كلاب أوّل من جدّد بناء الكعبة من قريشٍ بعد نبي الله إبراهيم عليه السلام، فجعل سقفها من خشب الدوم وجريد النخل، ثم أعادت قريش بناءها، وقد شهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا البناء وهو ابن خمس وثلاثين سنة، وكان باب الكعبة على الأرض، فأشار أبو حذيفة بن المغيرة على قريش بأن ترفع الباب؛ حتى لا يدخل الكعبة إلا من أرادوا له، ففعلت قريشٌ ذلك.[2]

طول وعرض الكعبة المشرفة

تظهر الكعبة المشرفة على شكل بنيان مربع الشكل في وسط المسجد الحرام، ويبلغ ارتفاعها من الأرض -أي طولها- سبعٌ وعشرون ذراعاً، وعرض الجدار الذي يوجد فيه بابها أربعٌ وعشرون ذراعاً، وعرض الجهة الموازي له مثل ذلك، وأمَّا عرض جدارها الذي بين الركن اليماني والركن العراقي -وهو الركن الذي فيه الحجر الأسود- عشرون ذراعاً، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُصلّي إلى وسط هذا الجدار قبل الهجرة إلى المدينة، وعرض جدارها الذي بين الركنين الشامي والغربي واحدٌ وعشرون ذراعاً، وميزاب الكعبة في وسط هذا الجدار، ويأتي حجر إسماعيل في مقابل هذا الجدار، وتبلغ المسافة من أصل هذا الجدار إلى أقصى جدار حجر إسماعيل ستة عشر ذراعاً، وعرض مدخل حجر إسماعيل من جهة الركن الشامي خمسة أذرعٍ إلّا شيئاً يسيراً، وعرض مدخل حجر إسماعيل من جهة الركن الغربي ستة أذرعٍ إلا شيئاً يسيراً، وجدار حجر إسماعيل مدوّر الشكل من مدخله الشامي إلى مدخله الغربي، وعرض جداره ذراع، وارتفاعه من الأرض أربعة أشبار، ويقع ماء زمزم في مقابل الركن العراقي؛ وهو الركن الذي فيه الحجر الأسود، ويرتفع باب الكعبة عن الأرض مسافة أربعة أذرع، ويبلغ طول الباب ستة أذرع، وعرضه أربعة أذرع، وما بين الباب والحجر الأسود أربعة أذرع، ويُسمى بالملتزم.[3]

بناء قريش للكعبة

لما بلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من العمر خمساً وثلاثين سنة، اجتمعت قبيلة قريش لبناء الكعبة، وأرادوا أن يرفعوا بنيانها، ويجعلوا لها سقفاً؛ وذلك لأن جماعةً من الرجال سرقوا كنزاً للكعبة كان يوضع في بئرٍ في جوفها، فأخذوا خشباً من سفينة لرجلٍ من تجار الروم كان البحر قد رماها إلى ساحل جدَّة، وكان في مكة رجلٌ من الأقباط صنعته النِّجار، ولكن قريشٌ كانت تهاب حيَّةً تسكن في بئر الكعبة، وكانت إذا اقترب منها أحدٌ كشّت في وجهه، وفتحت فمها، فبينما هي على جدار الكعبة بعث الله إليها طائراً فاصطادها وذهب بها، فقالت قريش: إنا نرجوا أن يكون الله قد رضي ما أردنا من بناء الكعبة، فأجمعت قريش أمرها على هدم الكعبة، وإعادة بنائها، وقال أبو وهب بن عمرو: يا معشر قريش، لا تُدخلوا في بناء الكعبة من كسبكم إلا ما كان طيباً، ولا يدخل فيها مهر بغيٍّ، ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحدٍ من الناس.[4]

ثم إن قريشاً قامت بتجزئة بناء الكعبة بين القبائل، فكانت ناحية باب الكعبة لبني عبد مناف وزُهرة، وكان ما بين الركن الأسود والركن اليماني لبني مخزوم، وانضمّت إليهم قبائلٌ من قريش، وكان سقف الكعبة لبني جُمحٍ وسهم، وكان جانب الحجر لبني عبد الدار، ولبني أسد بن العُزى، ولبني كعب بن لؤي، ولكن الناس هابوا هدم الكعبة وتخوّفوا من ذلك، فقال الوليد بن المغيرة: أنا أبدؤكم بالهدم، فأخذ المِعول وهو يقول: "اللهم لم نَزِغ، اللهم إنا لا نريد إلا الخير"، فهدم المكان الذي من ناحية الرُّكنين، فانتظر الناس تلك الليلة، وقالوا: ننتظر، فإن أُصيب الوليد لم نهدم منها شيئاً، ورددناها كما كانت، وإن لم يُصبه شيء، فقد رضي الله صُنعنا، فنهدمها، فأصبح الوليد بن المغيرة ولم يكن به بأس، فغدا إلى هدم الكعبة، فهدم وهدم الناس معه، حتى انتهى بهم الهدم إلى الأساس الذي وضعه إبراهيم عليه السلام، وكانت حجارةً خضراً قد التحم بعضها ببعض، فتوقّفوا عند أساس إبراهيم عليه السلام.[4]

ثم جمعت كل قبيلةٍ من قبائل قريش حجارةً لبناءها، ثم بنوها حتى انتهى البُنيان إلى موضع الحَجر الأسود، فتنازعوا فيه، وأرادت كل قبيلةٍ أن ترفع الحَجر إلى موضعه، واشتدّ النزاع، وأعدُّوا أنفسهم للقتال، فمكثت قريشٌ على ذلك أربع ليالٍ أو خمس، ثم اجتمعوا في المسجد حتى يتشاوروا ويتناصفوا، فقال أبو أُمية بن المغيرة: اجعلوا الحكم بينكم أوّل رجلٍ يدخل من باب المسجد، ففعلوا، فكان أوّل داخلٍ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هذا الأمين، رضينا، هذا محمد، فلما أخبروه الخبر أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بثوبٍ فوضع فيه الحَجر الأسود، ثم أمر كل قبيلة أن تأخذ بطرفٍ من الثوب، ثم رفعوه جميعاً؛ حتى إذا بلغوا موضعه، وضعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده ثم أكمل البناء عليه.[4]

حكم الصلاة في داخل الكعبة

اختلف الفقهاء في حكم الصلاة في داخل الكعبة المشرفة، واختلافهم على النحو الآتي:

  • الحنفية والشافعية: ذهب الفقهاء من الشافعية والحنابلة إلى جواز الصلاة داخل الكعبة، سواءٌ كانت الصلاة فرضاً أو نفلاً، وقال الشافعية: من صلّى داخل الكعبة فرضاً أو نفلاً، واستقبل جدار الكعبة أو بابها إذا كان مغلقاً، أو كان الباب مفتوحاً مع ارتفاع عتبته بمقدار ثلثي ذراع بذراع الآدمي تقريباً، أو صلّى على سطحها جاز؛ لأنه توجّه في صلاته إلى جزءٍ من الكعبة، أو إلى ما هو كالجزء منها، وأمَّا إن كانت العتبة التي يُصلّي إليها أقل من ثلثي ذارع لم تصحّ صلاته؛ فعن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ سُئِلَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ عن سُتْرَةِ المُصَلِّي؟ فَقالَ: كَمُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ)،[5] وقال الحنفية: الصلاة في جوف الكعبة جائزةٌ عند عامة العلماء، فرضاً كانت أو نفلاً، ولكن لا تصحّ صلاة من صلّى في جوف الكعبة ركعة إلى جهة، وركعةً إلى جهة أُخرى؛ لأنه أصبح مستدبراً عن الجهة التي صارت قِبلةً في حقّه بيقينٍ من غير ضرورة.[6][7]
  • المالكية والحنابلة: ذهب المالكية والحنابلة إلى جواز صلاة النافلة فقط داخل الكعبة، ولا تصحّ صلاة الفريضة داخلها، وقال الحنابلة: لا تصحّ صلاة الفريضة في الكعبة، ولا فوقها، وتصحّ النافلة والمنذورة في جوف الكعبة، وعلى سطحها بشرط استقبال شاخصٍ من الكعبة، فلو صلّى إلى جهة الباب، أو على ظهرها ولم يوجد شاخصٌ متصل بها لم تصح صلاته، وقال المالكية: لا تجوز صلاة الفريضة داخل الكعبة، سواءٌ كانت فرضاً عينياً أو كفائياً كصلاة الجنازة، ولا تجوز كذلك في حِجر إسماعيل، فلو صلّى الفريضة في داخل الكعبة، أو في داخل حِجر إسماعيل فعليه إعادة الصلاة في وقتها، وتجوز صلاة السُنة في داخل الكعبة لأي جهةٍ كانت ولو كان بابها مفتوحاً، وأمَّا حِجر إسماعيل فلا تصحّ الصلاة فيه إلا باستقبال الكعبة، فلو شرَّق أو غرَّب أو استدبر الكعبة بطلت صلاته.[8][9]

المراجع

  1. ↑ ابن منظور (1414)، لسان العرب (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار صادر، صفحة 718، جزء 1. بتصرّف.
  2. ^ أ ب النووي، تهذيب الأسماء واللغات، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 124، جزء 4. بتصرّف.
  3. ↑ "وصف الكعبة"، www.islamstory.com، 2009-11-9، اطّلع عليه بتاريخ 19-6-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت ابن هشام (1955)، السيرة النبوية (الطبعة الثانية)، مصر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، صفحة 192-197، جزء 1. بتصرّف.
  5. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 500، صحيح.
  6. ↑ أبو بكر الكاساني (1986)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 121، جزء 1. بتصرّف.
  7. ↑ الخطيب الشربيني (1994)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 335، جزء 1. بتصرّف.
  8. ↑ محمد ابن عليش (1989)، منح الجليل شرح مختصر خليل، بيروت: دار الفكر، صفحة 238-239، جزء 1. بتصرّف.
  9. ↑ منصور البهوتي، الروض المربع شرح زاد المستقنع، بيروت: دار المؤيد- مؤسسة الرسالة، صفحة 80-81. بتصرّف.