-

أهمية دراسة علم النفس

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

علم النفس

حاولَ الإنسانُ منذُ العصور القديمة فهم وتفسير السّلوك الانساني؛ حيث اهتمّ الفلاسفة القُدماء بدِراسة النّفس البشريّة، ووضعوا الكثير من النظريّات الفلسفيّة لتَفسير السلوك؛ حيث قُسّم الوجود الإنساني إلى جسدٍ ماديّ، وروح غير ماديّة وغير ملموسة، وغيرها الكثير من الآراء التي رفضها علمُ النفس الحديث.

مَرّ علمُ النفس بالكثير من المَراحل التطوّرية حتّى وصل إلى صورته الحالية؛ حيث استقلّ بشكلٍ تام عن العلوم الفلسفيّة عام 1879على يد العالم الألماني فونت الذي اعتُبر الأب الروحي لعلم النفس، وكان هو من أنشأ أوّل مُختبرٍ سيكولوجيّ نفسي، كما ساهم فونت بوضع المبادئ الأساسيّة الدراسيّة للسلوك الإنساني، وتنوّعَت بعدها الدّراسات والاتّجاهات التي تبنّاها عُلماء النفس المُجدّدون، فتشعّبت بذلك هذه الدراسات والمدارس النفسيّة باختلافِ آراء علمائِها واتّجاهاتهم.[1]

تعريف علم النفس

من المُمكن تَعريف علم النفس على أنّه العِلم الذي يهتمّ بِدِراسة السّلوك الإنساني بمَفهومِه الشّامل في كافّة المَواقف الحياتيّة، والعمليّات العقليّة، والانفعاليّة والشعوريّة، أمّا السلوك فيشمل جميع الأوجه النشاطيّة للفرد أثناء تَفاعُله مع بيئته، من خلالِ التّعديلات التي يُجريها عليها مهما كانت بَسيطةً لجَعلها أكثر تَلاؤماً وتَناسُباً، بالإضافة إلى النّشاطات الذاتية التي يُمارسها الفرد حتى يكون أكثر تكيّفاً، وبالتالي تحقيقُ أكبر قدرٍ مُمكن من التوافق النفسي والاجتماعي، وبِذلك فإنّ السّلوكَ يَظهر على شكلين، إمّا سلوك خارجي تفاعلي من المُمكن أن يتمّ إدراكه ومُلاحظته من قبل الآخرين، وإمّا سلوك داخلي غير مادّي لا يُدركه ولا يَشعر بِهِ إلّا صاحبه.[2]

أهمية دراسة علم النفس

يَهتمّ علم النفس في أصل دِراساته بمُعالجة السّلوك الإنساني وفهمه، ومُحاولة إحداث التغيير والتّعديل المَطلوب على هذا السلوك؛ أي مُعالجة الظَّواهر المُراد فهمها ودِراستها، بالإضافة إلى الكشف عن الأسباب الكامنة وراء حدوثها، وتبرز أهميّةُ علمِ النّفس من خلال جانبين وهما:[3]

  • الجانب النظري: يدرس علم النفس في جوانبه النظريّة الظَّواهر النفسيّة، والأنماط السلوكية التي تظهر على الاستجابات السلوكيّة الخارجية للفرد بغرضِ التوصّل إلى المبادئ والقوانين العامة التي تتحكم في ظهور ظاهرةٍ مُعيّنة، وآليّة وكيفية ظهورها.
  • الجانب التطبيقي: يُوظّف علم النفس من خلال الدراسات التطبيقيّة له المبادئ والقوانين النظريّة في عملية التوجيه، والتحكّم بالسلوكيّات الإنسانية وتغييرها نحو الأفضل، ويُصمّم علم النفس المعايير والمقاييس التي تعتمد على تمييز السلوكيّات السويّة عن السلوكيّات الشاذة، أي الحكم على السلوك إذا كان سويّاً أو غير سوي من خلال هذه المعايير والمقاييس، وتكمن أهميّة علم النفس في معرفة فروعه وميادينه على النحو الآتي:[3]
  • علم النفس العام: هو المَدخل الرئيسي لجَميع العُلوم النفسيّة، وتظهر أهميّته في وضع الأسس السيكولوجيّة العامّة، فهو يدرُس السلوك الإنساني في المواضيع الأساسيّة التي اهتمّ علم النفس العام بدِراستها؛ كالدوافع، والإدراك، والشخصيّة، والعمليّات العقليّة كالتفكير والتذكّر.
  • علم النفس الفسيولوجي: يَهتمّ هذا العلمُ بدِراسة الأساس الفسيولوجي العضوي العام للسُّلوك الإنساني، فتظهر أهميّته في دراسة الجهاز العصبي وآلية عمله، وبالتالي من المُمكن مثلاً فهم آليّة حدوث عمليّة الإحساس والشعور، وكيفيّة انتقال التيّارات العصبيّة، بالإضافة إلى فهم طُرق سَيطرة الدّماغ والمخ على الاستِجابات والأنماط السلوكيّة، كما يَشرح علم النفس الفسيولوجي الدور المهم للغُدد الصم ومدى تأثيرها على العمليّاتِ السلوكيّة السويّة والشاذة.
  • علم نفس النمو: يهتم علم نفس النمو بدراسة الطفل في مراحل نموه المختلفة، وتظهر أهميته من خلال دوره المهم في إثراء معرفة الوالدين في الأسرة والمربين في المدرسة بالمراحل العمرية المختلفة التي يمرّ بها الأطفال وخصائصها النمائية التي تتميز بها كل مرحلة عن الأخرى، وبالتالي تقديم المُساعدة لفهم شخصيّة الطفل وأنماطه السلوكية، وميوله ودوافعه في كلّ فترةٍ زمنيّةٍ يمرّ بها.
  • علم نفس الشواذ: يُعنى بِدراسة الأساسِ السيكولوجي النفسي للسلوكيّات الشاذّة والمُنحرفة، ومحاولة فهم ما وراء هذه السلوكيات من الأسباب والدوافع التي أدّت إلى ظهور السلوك بالشكل غير السوي، ومن أهم أشكال هذا الشذوذ الأمراض، والاضطرابات العقلية، والنفسية، فيسعى علم نفس الشواذ إلى مَعرفة أسباب الانِحراف، والبحث عن أفضل الأساليب والطُّرق العلاجية وتقديم التوجيه المناسب.
  • علم النفس الاجتماعي: يهتمّ بدِراسة سلوك الفرد وعلاقته بالمجتمع والجماعة، وعلاقة الجماعات فيما بينها، ومن أهَمّ القضايا التي يُعالجها آثار التنشئة الاجتماعية على الفرد، ومدى فاعليّة الحَضارة والنِّظام الاجتماعي، ومَدى تأثيره على بلّورة وتكوين اتّجاهات واعتقادات وميول الفرد، بالإضافة إلى سيكولوجيّة الرأي العام ووسائل الإعلام والتركيب السيكولوجي للشعوب.
  • علم النفس التربوي: يهتمّ بدراسة خصائص النمو المُختلفة للتلاميذ، حتى يَتمكّن المُعلّمون والقائمون على العمليّة التربويّة من وضع المناهج الدراسية والخطط التربويّة وفق المعايير النمائية التي تتناسب مع الأطفال حسبَ مَراحلهم العمرية، وبالتالي تمكين العمليّة التّعليميّة من تحقيق الأهداف التي وُضعت لأجلها، بالإضافة إلى تَوعية المُعلّمين بالكفايات التربويّة التي تخلق جوّاً تربويّاً صحيّاً وسليماً ضمن الغُرفة الصفيّة لضَمان سير العمليّةِ التعليميّة بالشكل المطلوب، وغيرها من الاستراتيجيّات التي تَرقى بمُستوى العمليّة التعليمية، كما أنّ علم النفس التربوي يُقدّم للتربويين الاختبارات النفسيّة لقياس مُستوى الذكاء، والقدرات العقليّة لتَقدير كفاءات الطلّاب واستعداداتهم.
  • علم النفس الجنائي: يدرُس الأسباب والدّوافع التي تؤدّي إلى ظُهور الجريمة، ويقترح الطّرق العلميّة لإيقاع العِقاب المُناسب، بالإضافة إلى أنّه يُقدّم الخُطَط العلاجيّة الصحيحة.
  • علم النفس الصناعي:يدرس الطرق المُناسبة لتفعيل وتطبيق مبادئ وقوانين علم النفس في الميدان الصناعي، وتبرُز أهميّته في إثراء أصحاب الأعمال والمَصانع بالطُّرق المُناسبة لرفع القدرة والكفاية الإنتاجيّة للعمال، ويكون ذلك من خلالِ استِخدام الاختبارات السيكولوجيّة والنفسيّة، وتوظيف العُمّال المناسبين حسب قُدراتهم واستعداداتهم في المواقع المناسبة، وتَقديم الخدمات التدريبيّة لهم، بالإضافة إلى دراسة الأسباب التي تؤدّي إلى حدوث الحوادث المُختلفة، واقتِراح الوسائل الوقائيّة للحدّ من انتشارها.

المراجع

  1. ↑ نبيهة السامراتي، عثمان أميمة، مقدمة في علم النفس، المملكة الأردنية الهاشمية- الأردن: دار زهران، صفحة 3.
  2. ↑ ألفت حقي (1998)، المدخل إلى علم النفس (الطبعة السابعة)، مصر- الاسكندرية: دار المعرفة الجامعية، صفحة 21.
  3. ^ أ ب طلعت منصور، أنور الشرقاوي (1984)، أسس علم النفس العام (الطبعة الأولى)، مصر: مكتبة الأنجلو المصرية، صفحة 16-19.