-

أهمية الرسل وحاجة الناس إليهم

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الإيمان بالرسل

يعدّ الإيمان بالأنبياء والرّسل الرّكن الرّابع من أركان الإيمان، ومعناه أن يؤمن الإنسان بأنّ لله -تعالى- رسلاً، أرسلهم إلى النّاس لدعوتهم إلى ما أمر الله -تعالى- به، والإيمان به وحده، وإرشادهم إلى ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، ومما يترتب على الإيمان بالرّسل محبتهم، واتّباع نهجهم فيما جاءوا به، والمساواة بينهم، وعدد الرّسل لا يعمله أحدٌ من النّاس، ويعلمه الله -تعالى- وحده في علم الغيب عنده، قال تعالى: (وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ)،[1] وأكثر الرّسل ذكراً وشهرةً؛ هم أولو العزم، وهم بالترتيب في الأفضلية: محمّد صلى الله عليه وسلم، ثمّ إبراهيم عليه السّلام، ثمّ موسى عليه السّلام، ثمّ عيسى عليه السّلام، ثمّ نوح عليه السّلام، ومعنى أولو العزم أنّهم ذوو قوّة ومنعةٍ في عبادتهم ودعوتهم إلى الله تعالى.[2]

أهمية الرسل وحاجة الناس إليهم

من رحمة الله -تعالى- بعباده أنه لا يؤاخذهم بما فعلوا، ولا يجازيهم بالعذاب إلا بعد أن يُقيم البرهان عليهم، عن طريق إرسال الرّسل -عليهم السّلام- إلى النّاس، حتى لا يكون بعد هذا البيان أيّ حجّةٍ للناس على الله، قال تعالى: (رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)،[3] والرّسول هو من بعثه الله -تعالى- بشرعٍ ليبلّغه للنّاس،[4] والرسول مختلفٌ عن النّبي بأنّه مأمورٌ بالتّبليغ، وإن كان تبليغه تابعاً لمن قبله فهو نبي، ومثال ذلك دعوة داود وسليمان، فإنّهم بلّغوا ما دعا إليه موسى عليه السّلام من قبلهم.[5] والنّاس جميعهم باختلافهم محتاجون للرّسل عليهم السّلام، وتظهر حاجتهم لهم من خلال عدّة أوجه، وفيما يأتي ذكرٌ لبعضٍ منها:[6][7]

  • الإنسان مخلوقٌ خلقه الله -تعالى- لاستخلافه في الأرض، وليقوم بعمارتها على الوجه الصّحيح الذي يرضي الله تعالى، وليؤدّي واجبه في العبادة، ويعطيها حقّها، ويحقق الهدف من خلقه، ولقد كرّم الله -تعالى- الإنسان بأن هيّأ له الكثير من وسائل المعرفة التي تعينه على الخلافة، ورغم كل هذه الوسائل المزوّد بها الإنسان، إلا أن علمه يبقى محدودا، لا يعرف إلّا مقداراً بسيطاً من المحيط حوله في هذا الكون، لذلك كان بحاجةٍ إلى الرّسل.
  • أُمر الإنسان بعبادة الله -تعالى- حقّ العبادة، وهذه العبادة يجب أن تُستوفى شروطها، ويجب أن يكون الإنسان عالماً بخالقه المستحق للعبادة وحده، فالعلم بشروط العبادة، والعلم بالمعبود يستلزم وجود الرّسل ليعرّفوا النّاس على ذلك، لأنّ عقل الإنسان لا يمكنه تأدية ذلك لوحده، بل وجب أن يكون هنالك مصدرٌ آخرٌ، معتمدٌ عليه، ليعرّفهم على الخالق الذي يعبدونه، ويبيّن لهم الهدف من خلقهم.
  • الإنسان بطبعه اجتماعيّ، يحبّ الجماعة، والاندماج معها، ولا يستطيع أن يعيش بعيداً عن النّاس، وهو محتاجٌ لمن يضع له القواعد والأسس التي تعمل على تنظيم أمور حياته المختلفة، وترتيبها مع الآخرين، فإذا انعدمت هذه القواعد وتلاشت؛ فإنّ حياة النّاس ستسودها المشاكل، والخلافات، وعدم الانضباط، ممّا يُخلّف آثاراً سيّئة، لذلك فإنّ وضع قواعد مرتبطة بالتّشريع الإسلامي يؤدّي لسيادة الاستقرار في حياة الناس، وسيادة الأمن والمحبة بينهم.
  • الإنسان عبارة عن حصيلةٌ مكوّنةٌ من الجسد والرّوح، فالجسد يمكن تغذيته بالطّعام والشّراب، أمّا الرّوح فتغذيتها تكون بالتزام الدين الإسلامي الذي أمر به الله تعالى، واتّباع أوامر الله -تعالى- وطاعته، والابتعاد عما نهى عنه، فلا بدّ من إرسال الرسل حتى يبلّغو الدين الصحيح للمسلمين، ويوضّحونه لهم.
  • الإنسان في هذه الدنيا محتاجٌ لمن يوصله للطريق المستقيم؛ طريق الهدى والحق الذي يوصله لرضى الله ورسوله ودخول الجنّة في الحياة الآخرة، ويبعده عن طريق الضّلال والانحراف، وهذا الطريق يدلّ عليه الرّسل عليهم السلام.
  • الإنسان محتاجٌ لمن يبعده عن كيد الشّيطان ووساوسه، ولمن يحفظ نفسه من كيد الأعداء.
  • الإنسان محتاجٌ لمن يقيم عليه الحجّة، حتّى لا يكون له يوم القيامة حجّةٌ على الله -تعالى- فيقول لو أنّ هناك من أرسل إليّ لما فعلت كذا، لذلك كانت الحكمة من إرسال الرّسل وهي إقامة الحجّة والبرهان على النّاس، وقد أيدّ الله -تعالى- رسله بالمعجزات لتكون دليلاً على صدقهم، وصدق ما أُرسلوا به.[8]

صفات الرسل

إنّ لرسل الله -تعالى- صفاتٌ متعدّدةٌ تميّزهم عن غيرهم، وفيما يأتي ذكرٌ لبعض هذه الصّفات:[9]

  • الرّسل جميعهم رجالٌ من البشر، وقد ميّزهم الله -تعالى- عن البشر بأنّ اصطفاهم وأيّدهم بالمعجزات، واختصّهم بالنّبوة والرّسالة عن غيرهم من البشر؛ ليقوموا بتبليغ دين الله -تعالى- للنّاس.
  • أحسن خلق الله -تعالى- هم الرسل، فهم أذكياء جدّاً، وأكمل النس أخلاقاً وعلماً، وأكثرهم عبادة وطاعةً وأداءً للأعمال الصّالحة، وأكملهم إيماناً، وأكثرهم صبراً وقوّةً وثباتاً.
  • الرّسل هم كغيرهم من البشر، فهم يأكلون، ويشربون، وينامون، وينسون، ويمرضون، وينتهي أجلهم، فهم كالبشر ليس بإمكانهم إبعاد الموت أو المرض عنهم، فهذه أمورٌ حالّة بهم لا محالة.
  • لا يعلم الرسل شيئاً من أمور الغيب التي اختصّ الله -تعالى- وحده بمعرفتها، باستثناء بعض الأمور التي أبلغهم بها الله تعالى.
  • كلّ ما يتركه الرسل بعد موتهم هو صدقة، فهم لا يُورثون بعد موتهم.
  • العصمة، فكلّ ما يبلّغونه للنّاس هم معصومون من وقوع الخطأ فيه.
  • الجزء الوحيد الذي ينام عند الرسل هو أعينهم، أمّا قلوبهم فتبقى حاضرةً لا تنام، فقد ورد في الحديث الشّريف أنّه: (جاءَه ثلاثة نفرٍ، قبل أن يوحى إليه، وهو نائمٌ في مسجِد الحرام، فقال أوَّلُهُم: أيُّهُم هو؟ فقال أوسطهُم: هو خيرُهُم، وقال آخرهم: خُذُوا خيرهم فَكانت تلك، فلم يرهم حتَّى جاؤُوا ليلةً أُخرى فيما يرى قلبهُ، والنبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم نائمةٌ عينَاهُ ولا ينامُ قلبهُ، وكذلك الأنبِياءُ تنامُ أعينهُمْ ولا تنامُ قُلُوبُهُم، فتولَّاه جِبرِيلُ ثُمَّ عَرج به إلى السَّماء)[10]
  • يُدفن الرسل في المكان الذي يموتون فيه.

المراجع

  1. ↑ سورة النساء، آية: 164.
  2. ↑ محمد عياد، "هذا ديننا"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-2-2019. بتصرّف.
  3. ↑ سورة النساء، آية: 165.
  4. ↑ د.محمد عبد السلام (22-10-2012)، "حاجة البشر إلى الرسل (عليهم السلام)"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-2-2019. بتصرّف.
  5. ↑ "الفرق بين النبي والرسول"، www.binbaz.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-2-2019. بتصرّف.
  6. ↑ الشيخ عبد الرحمن اللويحق (21-11-2015)، "الحاجة إلى الرسل"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 26-2-2019. بتصرّف.
  7. ↑ د.محمد السحيم (11-12-2001)، "ما هي حاجة الناس للأنبياء ؟."، www.islamqa.com، اطّلع عليه بتاريخ 26-2-2019. بتصرّف.
  8. ↑ "حكمة إرسال الرسل "، www.islamway.net، 17-4-2014، اطّلع عليه بتاريخ 26-2-2019. بتصرّف.
  9. ↑ محمد التويجري (1430هـ-2009م)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، الرياض: بيت الأفكار الدولية، صفحة 190-194، جزء 1. بتصرّف.
  10. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3570، صحيح.