كعب بن زهير بن أبي سلمى المازنيّ، وهو أبو المضرب،[1] هو الصحابي الجليل، وأحد فحول الشعراء المخضرمين والمرموقين، ويُنسب إلى إحدى قبائل مضر، وكان اسم تلك القبيلة مزينة، ووالدته هي كبشة بنت غطفان،[2] وهو من شعراء الطبقة العالية، وأحد أبناء أهل نجد، ولقد اشتهر منذ الجاهلية، وله العديد من الدواوين الشعرية.[1]
نشأ كعب في بيت شاعريّ؛ فأبوه زهير بن أبي سُلمى، وأخوه البجير، وابنه عقبة، وحفيده العوّام،[1] وتتلمذ على يد أبيه زهير بن أبي سلمى، وعندما أحسَّ والده بنبوغه المبكر في قول الشعر، أمره بترك ذلك لخوف في نفسه من أن يقول كعب من الأشعار ما لا خير فيه قبل أن يستحكم شعره، فتُنسب إليه فتمسّه وتمس عائلته العريقة، إلا أن إصرار كعب على قوله رغم زجره ونهيه دفع زهيراً إلى امتحانه في الشعر قبل السماح له بإطلاق ملكته الشعرية.[2]
يُعتبر كعب بن زهير أحد شعراء الجاهليّة، وكان لروح الجاهليّة الوقع الكبير الذي ملك نفس كعب، وبلغت فيه الجاهلية بأنْ يتنكر ويُعرض عن وصية والده، ويرفض رأي أخيه، ويرتكب الجرم الجاهليّ المتمثل بهجاء نبي الإسلام محمد -صلّى الله عليه وسلّم- ومما جاء في هجائه رفضه للإسلام، وتمسكه بجاهليته، التي ورثها من آبائه في الزمن الجاهليّ،[3] والتشبيب بنساء المسلمين، ولذلك أهدر رسول الله دمه، ولكن بعد ذلك ندم كعب على فعلته، وأخذ يطلب الأمان من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكتب قصيدته المشهورة البردة، والتي مطلعها: (بانت سعاد فقلبي اليوم متبول).[1]
اتفق الرواة والنقاد على فحولة كعب الشعريّة، حيث وُصف بتماسك أشعاره، وجزالة ألفاظها ومعانيها، فيُرى في شعر كعب الانتقال بين الأغراض الشعرية المتعددة في القصيدة في بناء محكم يصل فيه أبيات القصيدة ببعضها بانتقالات تشهد لها اللغة وتطرب لقولها الآذان، كما أنّه يملأ قصائده بغريب الألفاظ والمعاني مما يدلّل على امتلاء معجمه وعمقه، أمّا عن لغته في أشعار الاعتذار والمدح، فتَرِق وتصفو وتنأى عن غريب اللفظ ووحشي الكلام لتتناسب مع الغاية الشعرية من القصيدة.[4]