-

فضل الصلاة على محمد وآل محمد

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الصلاة على النبيّ وآله

جاء أمر الله سبحانه في القرآن الكريم للمسلمين كافةً أن يصلّوا على نبيّه محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، فقال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)،[1] وقد تضمّنت الآية الكريمة الكثير من المعاني والأحكام التي استنبطها العلماء والفقهاء، أوّلها الدلالة على رفعة مكانة النبيّ -عليه السلام- عند الله سبحانه، إذ رفع ذكره، وأثنى عليه بين الملائكة، وفي الملأ الأعلى، وصلّى عليه، وأمر المسلمين أن يصلّوا عليه أيضاً، والمقصود بصلاة الله سبحانه على عبده ونبيه محمدٍ؛ أنّها الثناء عليه، وأمّا صلاة الملائكة فهي الدعاء له، قال ابن عباس: (يصلّون: يبرِّكون)، وقد جعل الله تعالى صيغة الإخبار بالصلاة عليه بصيغة المضارع، وذلك للدلالة على استمرارية هذا الفعل على مرّ الزمان بلا انقطاعٍ، ولذلك قال العلماء: إنّ هذه الآية الكريمة أكثر آيةٍ احتوت تعظيماً، وتكريماً للنبيّ -عليه السلام- في القرآن الكريم.[2]

وأمّا الفرق بين صلاة الله تعالى على نبيّه، وصلاته على المؤمنين كما في قوله سبحانه: (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ)،[3] أنّ الصلاة على النبيّ يملؤها التكريم، والثناء، والتشريف، وأمّا الصلاة على المؤمنين فهي الرحمة من الله سبحانه تتغمّدهم، ثمّ يأتي الأمر للمسلمين كذلك أن يصلّوا على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعد أن أخبر الله تعالى عن صلاته، وصلاة الملائكة كذلك، حيث يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)،[1] والمراد بها أن يتوجّه المؤمنون بسؤال ربّهم أن يصلِّ على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فإن قيل: (اللهم صلّ على محمّد)؛ أيّ يا رب عظّم محمّداً، وتعظيمه في الدنيا يكون برفع ذكره، ونشر دينه، وإبقاء شريعته، وتعظيمه في الآخرة بجزيل ثوابه، وشفاعته بأمّته، وميراثه للوسيلة، والفضيلة، والمقام المحمود، وأمّا إن سأل سائلٌ عن نفع صلاة المؤمنين على نبيّه، وقد صلّى الله تعالى وملائكته عليه، فلا شكّ أنّ ما ينتفع به النبيّ لا يُذكر جرّاء ذلك، بل إنّ النفع يعود على صاحب الذكر، والصلاة، فينال به الأجر العظيم الذي وعد الله تعالى عباده به.[2]

فضل الصلاة على النبيّ محمد وآله

للصلاة على النبيّ محمدٍ -صلّى الله عليه وسلّم- وآله عظيم الفضائل التي ترجع على صاحبها، يُذكر منها ما يأتي:[4]

  • أنّها طاعةٌ لأمر لله تعالى، إذ أمر المؤمنين بالصلاة والسلام عليه، وهي علامةٌ من علامات محبّة العبد لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم.
  • أنّها سببٌ لغفران السيئات، وتكثير الحسنات، وحلول الرحمات على صحابها، فالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: (مَن صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى اللَّهُ عليه بِها عشْراً).[5]
  • سببٌ من أسباب إجابة الدعاء من الله سبحانه، فالنبيّ -عليه السلام- يقول: (إذا صلَّى أحدُكُم، فليبدَأ بتَمجيدِ ربِّهِ والثَّناءِ عليهِ، ثمَّ يُصلِّي على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، ثمَّ يَدعوا بعدُ بما يشاءُ).[6]
  • سبب القرب من النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يوم القيامة، وفي ذلك قال النبيّ عليه السلام: (إنَّ أَوْلى النَّاسِ بي يومَ القيامةِ أكثَرُهم علَيَّ صلاةً).[7]
  • أنّها من علامات تعظيم المسلم للنبيّ عليه السلام، فالنبيّ عليه السلام يقول: (البخيلُ مَنْ ذُكرتُ عندَه فلَمْ يُصلِّ عليَّ).[8]
  • أنّها من أسباب تفريج الهموم والكروب على العبد إن استكثر منها، فعندما جاء رجلٌ من الصحابة يخبر النبيّ -عليه السلام- أنّه سيجعل ذكره كلّه صلاةً عليه، فقال له النبيّ عليه السلام: (إذًا تُكْفَى همَّكَ ويغفرْ لكَ ذنبُكَ).[9]
  • تجعل العبد مذكوراً معروفاً عند النبيّ -عليه السلام- إذا كان كثير الذكر له، والصلاة عليه، فالنبيّ عليه السلام يقول: (ما من أحدٍ يُسلِّمُ عليِّ إلَّا ردَّ اللهُ إليَّ روحي حتَّى أردَّ عليه السَّلامَ).[10][11]
  • أنّها من علامات الإيمان عند العبد، ففي الحديث النبوي: (لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليهِ من والدِه وولدِه والناسِ أجمعينَ)،[12] ولا شكّ أن المحبّة تتطلب كثرة الذكر والصلاة على رسول الله عليه السلام، وطاعته، وطاعة الله سبحانه.[11]

صيغ الصلاة على النبيّ وآله

ورد في السنّة النبوية الشريفة العديد من الصيغ للصلاة عليه -عليه الصلاة السلام- وعلى آله، وأزواجه، وفيما يأتي ذكرٌ لبعض الصيغ الواردة في السنّة الشريفة:[4]

  • سُئل النبيّ -عليه السلام- كيف الصلاة عليه، فقال: (قولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ علَى محمَّدٍ وأزْواجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما صَلَّيتَ علَى آلِ إبراهيمَ، وبارِكْ علَى محمَّدٍ وأزْواجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما بارَكْتَ علَى آلِ إبراهيمَ، إنَّكَ حَميدٌ مجيدٌ).[13]
  • سُئل النبيّ -عليه السلام- عن كيفيّة الصلاة عليه وعلى آله، فقال: (قولوا: اللهم صلِّ على مُحمدٍ عبدِك ورسولِك، كما صليْتَ على إبراهيمَ، وبارِكْ على مُحمدٍ، وعلى آلِ مُحمدٍ، كما بارَكْتَ على إبراهيمَ وآلِ إبراهيمَ).[14]

أوقات فاضلة للصلاة على النبيّ

ما من شكٍّ أنّ الصلاة على النبيّ، وآله مشروعةٌ في كلّ وقتٍ ومكانٍ، إلّا أنّ هناك أوقاتاً مخصوصةً أخبر عنها النبيّ -عليه السلام- تُذكر فيها صيغة الصلاة عليه على وجه التأكيد والتخصيص، يُذكر منها ما يأتي:[4]

  • في التشهّد الأخير من كلّ صلاة.
  • عند دخول المسجد، أو الخروج منه، ففي الحديث: (إذا دخَل أحدُكم المسجدَ فلْيُسَلِّمْ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وليقُلِ: (اللَّهمَّ افتَحْ لي أبوابَ رحمتِك)، وإذا خرَج فلْيُسَلِّمْ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وليقُلِ: (اللَّهمَّ أجِرْني مِن الشَّيطانِ الرَّجيمِ).[15]
  • عند سماع الأذان، فالنبيّ عليه السلام يقول: (إذا سمعتُمُ المؤذِّنَ، فقولوا مثلَ ما يقولُ، ثمَّ صلُّوا عليَّ، فإنَّهُ مَن صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى اللَّهُ عليه بِها عشْراً).[16]

المراجع

  1. ^ أ ب سورة الأحزاب، آية: 56.
  2. ^ أ ب "فقه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-19. بتصرّف.
  3. ↑ سورة الاحزاب، آية: 43.
  4. ^ أ ب ت "نص الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-20. بتصرّف.
  5. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 384، صحيح.
  6. ↑ رواه ابن الملقن، في تحفة المحتاج، عن فضالة بن عبيد، الصفحة أو الرقم: 1/326، صحيح أو حسن.
  7. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 911، صحيح.
  8. ↑ رواه ابن حبان، في المقاصد الحسنة، عن الحسين بن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 172، صحيح.
  9. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 2457 ، حسن صحيح.
  10. ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2/402، إسناده حسن أو صحيح أو ما قاربهما.
  11. ^ أ ب "كنوز وأجور الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-20. بتصرّف.
  12. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 15، صحيح.
  13. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي حميد الساعديّ، الصفحة أو الرقم: 6360، صحيح.
  14. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 6358، صحيح.
  15. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2047، صحيح.
  16. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 384، صحيح.