أخلاق الفرد وتحديد مكانته في مجتمعه
الأخلاق
حث الإسلام على مكارم الأخلاق، وجعلها من غايات الدعوة الإسلاميّة العظيمة، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلّم: (إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ)[صحيح]، فالأخلاق قد تكون حسنة وقد تكون سيئة، والأخلاق الحسنة هي ميدان التنافس الحقيقي بين الناس ممن يرغب ويحرص على الانسجام والتوافق مع دوره الإنساني العظيم ورسالته السمحة في الحياة، وللأخلاق آثار عظيمة على الفرد وعلى المجتمع كذلك، وعلى علاقة الإنسان بالمجتمع ومكانته فيه.
أخلاق الفرد تحدّد مكانته في المجتمع
تمنح الأخلاق الإنسان بمكانة رفيعة في المجتمع، حيث ينال محبة النّاس له، والفُهُم به، وتمكنه من الاختلاط والتفاعل الإيجابي في المجتمع، فتنقضي بذلك مصالحه، ويحظى باحترام الجميع له، ويجد بحسن خلقه من يقف معه في الملمات ونوائب الدهر، وفي مختلف المناسبات مفرحها ومحزنها.
آثار الأخلاق على الفرد
- تغرس في نفس صاحبها القيم النبيلة، كالصدق، والوفاء والكرم، والصبر، والإيثار، والتواضع.
- يكسب بها الفرد محبة الله سبحانه.
- يشعر من خلالها الفرد براحة الضمير وسعادة النفس، وإن قست عليه الحياة.
- سبب لفلاح الإنسان ونجاحه في الدنيا والآخرة على حد سواء لقوله تعالى:(قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) [الشمس: 9-10]
آثار الأخلاق على المجتمع
إنّ خير أنواع التربية ما يرتكز على الأخلاق، وإنّ الفساد في إهمال الأخلاق، ونحن اليوم نعيش في مجتمعاتنا في أزمة أخلاق حقيقية، حيث حلَّت وانتشرت القيم السلبيّة عند الكثير، فكان التكبر، والغرور، والأنانيّة، والطمع، والكذب، والنفاق الاجتماعي، وغيرها الكثير من الأمراض التي تفتك بالمجتمعات، وقد جعل ـ صلى الله عليه وسلّم ـ عدم تزويج من يتصف بالدين والخلق الحسن سبباً للفتنة والفساد في المجتمع، وذلك عندما قال: (إذا أتاكُم من ترضَوْنَ دينَهُ وخلُقَهُ فزوِّجوهُ، إلَّا تفعلوهُ تكنْ فِتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ كبيرٌ) [حسن].
فمن اهتمامه ـ سبحانه ـ بالأخلاق،قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) [الحجرات: 11-12]، فالنص القرآني هنا صريح في النهي عن مجموعة من الأخلاق السيئة، وهو يتضمن في ذات الوقت التحلي بنقيضها من الأخلاق الحسنة، ومن آثار أخلاق على المجتمع ما يأتي:
- متى وجدت الأخلاق كان المجتمع قوياً متماسكاً مترابطاً، لأنّ الإنسان بالأخلاق الحسنة ينتقل من ذاته الضيقة الخاصّة ليندمج وينصهر بغيره، فيعمّ نفعه لغيره، وفي هذا إشاعة لقيم الفضيلة وتشجيع لها، وبذلك يقوى بنيان المجتمعات والأمم.
- سبب لرقي المجتمع وتقدمه وازدهاره.
- إيجابية العلاقة بين المجتمع وغيره من المجتمعات، فهذه العلاقة تتأثر إيجاباً بالأخلاق، حيث تألف الشعوب والمجتمعات، من تقوى جبهتهم وتقوى بالأخلاق من المجتمعات الأخرى، حيث أنّ هذه المجتمعات تنفع نفسها وغيرها وغيرها، فالأخلاق إذاً ضرورة بشرية ومصلحة إنسانية، وقبل ذلك هي فريضة شرعيّة.