أجمل ما قيل في الحب والعشق نزار قباني
قصيدة لوليتا
- يقول الشاعر:
صار عمري خمس عشرة
صرت أحلى ألف مرة
صار حبي لك أكبر
ألف مرة..
ربما من سنتين
لم تكن تهتم في وجهي المدور
كان حسني بين بين ..
وفساتيني تغطي الركبتين
كنت آتيك بثوبي المدرسي
وشريطي القرمزي
كان يكفيني بأن تهدي إلي
دمية .. قطعة سكر ..
لم أكن أطلب أكثر
وتطور..
بعد هذا كل شيء
لم أعد أقنع في قطعة سكر
ودمي .. تطرحها بين يدي
صارت اللعبة أخطر
ألف مرة..
صرت أنت اللعبة الكبرى لدي
صرت أحلى لعبة بين يدي
صار عمري خمس عشره..
صار عمري خمس عشره
كل ما في داخلي .. غنى وأزهر
كل شيء .. صار أخضر
شفتي خوح .. وياقوت مكسر
وبصدري ضحكت قبة مرمر
وينابيع .. وشمس .. وصنوبر
صارت المرآة لو تلمس نهدي تتخدر
والذي كان سوياً قبل عامين تدور
فتصور ..
طفلة الأمس التي كانت على بابك تلعب
والتي كانت على حضنك تغفو حين تتعب
أصبحت قطعة جوهر..
لا تقدر ..
صار عمري خمس عشره
صرت أجمل ..
وستدعوني إلى الرقص .. وأقبل
سوف ألتف بشال قصبي
وسأبدوا كالأميرات ببهو عربي..
أنت بعد اليوم لن تخجل في
فلقد أصبحت أطول ..
آه كم صليت كي أصبح أطول..
إصبعا .. أو إصبعين..
آه .. كم حاولت أن أظهر أكبر
سنة أو سنتين ..
آه .. كم ثرت على وجهي المدور
وذؤاباتي .. وثوبي المدرسي
وعلى الحب .. بشكل أبوي
لا تعاملني بشكل أبوي
فلقد أصبح عمري خمس عشرة.
قصيدة لا غالب إلا الحب
- يقول الشاعر:
برغم ما يثور في عيني من زوابعٍ
ورغم ما ينام في عينيك من أحزان
برغم عصرٍ،
يطلق النار على الجمال، حيث كان..
و العدل، حيث كان..
والرأي حيث كان
أقول: لا غالب إلا الحب
أقول: لا غالب إلا الحب
للمرة المليون..
لا غالب إلا الحب
فلا يغطينا من اليباس،
إلا شجر الحنان..
برغم هذا الزمن الخراب
ويقتل الكتاب...
ويطلق النار على الحمام.. والورود..
والأعشاب..
ويدفن القصائد العصماء..
في مقبرة الكلاب..
أقول: لا غالب إلا الفكر
أقول: لا غالب إلا الفكر
للمرة المليون،
لا غالب إلا الفكر
ولن تموت الكلمة الجميله
بأي سيفٍ كان...
وأي سجنٍ كان.
وأي عصرٍ كان...
بالرغم ممن حاصروا عينيك..
وأحرقوا الخضرة والأشجار
أقول: لا غالب إلا الورد..
يا حبيبتي.
والماء، والأزهار.
برغم كل الجدب في أرواحنا
وندرة الغيوم والأمطار
ورغم كل الليل في أحداقنا
لا بد أن ينتصر النهار...
في زمنٍ تحول القلب به
إلى إناءٍ من خشب..
وأصبح الشعر به،
في زمن اللاعشق.. واللاحلم.. واللابحر..
أقول: لا غالب إلا النهد..
أقول: لا غالب إلا النهد..
للمرة المليون،
لا غالب إلا النهد..
وبعد عصر النفط، والمازوت
لا بد أن ينتصر الذهب...
برغم هذا الزمن الغارق في الشذوذ.
والحشيش..
والإدمان..
برغم عصرٍ يكره التمثال، واللوحة،
والعطور..
برغم هذا الزمن الهارب..
إلى عبادة الشيطان..
برغم من قد سرقوا أعمارنا
وانتشلوا من جيبنا الأوطان
برغم ألف مخبرٍ محترفٍ
صممه مهندس البيت مع الجدران
برغم آلاف التقارير التي
يكتبها الجرذان للجرذان
أقول: لا غالب إلا الشًعب
أقول: لا غالب إلا الشعب
للمرة المليون،
لا غالب إلا الشعب.
فهو الذي يقدر الأقدار
وهو العليم، الواحد، القهار...
برغم آلاف التقارير التي
يكتبها الجرذان للجرذان
أقول: لا غالب إلا الشًعب
أقول: لا غالب إلا الشعب
للمرة المليون،
لا غالب إلا الشعب.
فهو الذي يقدر الأقدار
وهو العليم، الواحد، القهار...
قصيدة على عينيك يضبط العالم ساعاته
- يقول الشاعر:
قبل أن تصبحي حبيبتي
كان هناك أكثر من تقويمٍ لحساب الزمن.
كان للهنود تقويمهم،
وللصينين تقويمهم،
وللفرس تقويمهم،
وللمصريين تقويمهم،
بعد أن صرت حبيبتي
صار الناس يقولون:
السنة الألف قبل عينيها
والقرن العاشر بعد عينيها.
وصلت في حبك إلى درجة التبخر
وصار ماء البحر أكبر من البحر
ودمع العين أكبر من العين
ومساحة الطعنة..
أكبر من مساحة اللحم.
وأتوحد بك أكثر
صارت شفتاي لا تكفيان لتغطية شفتيك
وذراعاي لا تكتفيان لتطويق خصرك
وصارت الكلمات التي أعرفها
أقل بكثيرٍ،
من عدد الشامات التي تطرز جسدك.
لم يعد بوسعي،
فمنذ أعوامٍ،
وهم يعلنون في الجرائد أنني مفقود
ولا زلت مفقوداً..
حتى إشعارٍ آخر..
لم يعد بوسع اللغة أن تقولك..
صارت الكلمات كالخيول الخشبيه
ولا تطالك..
كلما اتهموني بحبك..
أشعر بتفوقي.
وأعقد مؤتمراً صحفياً،
أوزع فيه صورك على الصحافه،
وأظهر على شاشة التلفزيون
وأنا أضع في عروة ثوبي
وردة الفضيحه..
كنت أسمع العشاق
يتحدثون عن أشواقهم
فأضحك..
وشربت قهوتي وحدي..
عرفت كيف يدخل خنجر الشوق في الخاصرة
ولا يخرج أبداً..
مشكلتي مع النقد
أنني كلما كتبت قصيدةً باللون الأسود
قالوا إنني نقلتها عن عينيك..
أنني كلما نفيت علاقتي بك
سمعن خشخشة أساورك
في ذبذبات صوتي
ورأين قميص نومك
لا تعوديني عليك..
فقد نصحني الطبيب
أن لا أترك شفتي في شفتيك
أكثر من خمس دقائق
وأن لا أجلس تحت شمس نهديك
أكثر من دقيقةٍ واحدةٍ
إن كنت تعرفين رجلاً..
يحبك أكثر مني
فدليني عليه
لأهنئه..
وأقتله بعد ذلك..
أكثر من دقيقةٍ واحدةٍ
حتى لا أحترق..
إن كنت تعرفين رجلاً..
يحبك أكثر مني
فدليني عليه
لأهنئه..
وأقتله بعد ذلك.
قصيدة حب 1980
- يقول الشاعر:
يصبح دمي بنفسجياً..
تهجم كريات العشق على بقية الكريات
وتأكلها..
تهجم الكلمة الأنثى على بقية الكلمات
وتطردها...
ويكتشفون من تخطيط قلبي..
أنه قلب عصفور..
أو قلب سمكه..
وأن مياه عينيك الدافئه..
هي بيئتي الطبيعية
والشرط الضروري لاستمرار حياتي..
عندما تصبح المكتبات
ويصبح مكتب البريد
حقلاً من النجوم.. والأزهار... والحروف المقصبه
أقع في إشكالٍ لغويٍ كبير..
أسقط من فوق حصان الكلمات
كرجلٍ لم ير الخيل في حياته..
ولم ير النساء..
آخذ صفراً في الأدب
آخذ صفراً في الإلقاء
أرسب في مادة الغزل
لأنني لم أستطع أن أقول بجملةٍ مفيده
كم أنت رائعة
وكم أنا مقصرٌ في مذاكرة وجهك الجميل
وفي قراءة الجزء العاشر بعد الألف..
من شعرك الطويل...
اشتغلت عاماً كاملاً
على قصيدةٍ تلبسينها عام 1980
إلا هدايا القلب
إلا أساور حناني...
اثني عشر شهراً.. وأنا أشتغل
كدودة الحرير أشتغل..
مرةً بخيطٍ وردي..
ومرةً بخيطٍ برتقالي..
حيناً بأسلاك الذهب
وحيناً بأسلاك الفضه
لأفاجئك بأغنيه..
تضعينها على كتفيك كشال الكشمير..
ليلة رأس السنه..
وتثيرين بها مخيلة الرجال.. وغيرة النساء..
اثني عشر شهراً..
وأنا أعمل كصائغٍ من آسيا..
في تركيب قصيدةٍ..
تليق بمجد عينيك..
والياقوتة بالياقوتة..
وأصنع منها حبلاً طويلاً.. طويلاً من الكلمات
أضعه حول عنقك.. وأنا أبكي...
اثني عشر شهراً
وأنا أعمل كنساجي الشام
وفلورنسا.. والصين.. وبلاد فارس..
في حياكة عباءةٍ من العشق..
لا يعرف مثلها تاريخ العباءات..
ولا تاريخ الرجال..
إثني عشر شهراً..
وأنا في أكاديمية الفنون الجميله
أرسم خيولاً بالحبر الصيني
تشبه انفلات شعرك
وأعجن بالسيراميك أشكالاً لولبيه
تشبه استدارة نهديك..
وعلى الزجاج رسمت..
صنعت الأصوات التي لها رائحه..
والرائحة التي لها صوت..
ورسمت حول خصرك ريحاً بالقلم الأخضر..
حتى لا يخطر بباله أن يصبح فراشةً.. ويطير
إثني عشر شهراً..
وأنا أكسر اللغة إلى نصفين..
والقمر إلى قمرين..
قمرٍ تستلمينه الآن..
وقمرٍ تستلمينه في بريد عام 1980
صنعت الأصوات التي لها رائحه..
والرائحة التي لها صوت..
ورسمت حول خصرك ريحاً بالقلم الأخضر..
حتى لا يخطر بباله أن يصبح فراشةً.. ويطير
اثني عشر شهراً..
وأنا أكسر اللغة إلى نصفين..
والقمر إلى قمرين..
قمرٍ تستلمينه الآن..
وقمرٍ تستلمينه في بريد عام 1980